هل مؤسساتنا الثقافية بحاجة إلى دعم مادي مواز لما تتلقاه الأندية الرياضية؟ وهل إذا تم دعمها بالشكل المطلوب سترتقي مخرجاتنا الثقافية ويرتقي تبعا لها فكر المتلقي؟ أسئلة بحاجة لإجابات عميقة لنشر الثقافة بكل مساراتها وتعزيزها في المجتمع. من وجهة نظري المسؤولية مشتركة بين هذه المنظومات الثقافية وبين المتلقي، وكذلك المثقفين أنفسهم، ولا نغفل الدور الكبير والمؤثر للإعلام في تمجيد التافهين والسطحيين على حساب المؤسسات الثقافية والمنتجين للثقافة أنفسهم (المثقفين). الجمعية العربية السعودية للثقافة والفنون حقيقة لها جهود كبيرة تذكر وتشكر عليها، وهي جديرة بالاهتمام -ونأمل منها المزيد- في إقامة الملتقيات الثقافية والأمسيات والندوات والدورات، وبشكل مجاني في جميع فروعها في مناطق المملكة -وأخص بالذكر هنا ما رأيته من البرنامج الثقافي للجنة الثقافية في الرياض (من خلال ملتقى جسور وحلقة الرياض الفلسفية وغيرها)- وكذلك الجهود المبذولة من خلال النوادي الأدبية والمكتبات العامة وفي الجامعات ودارة الملك عبدالعزيز، أو تلك المقامة في الهيئة العامة للثقافة ووزارتها. تنوير العقول مطلب ضروري جدا، والمثقف الواعي والحقيقي سينتج ثقافته، وسيصدر أفكاره بكل استقلالية لتنطلق بكل حرية لتصل إلى خارج الحدود الجغرافية من خلال كل الوسائل الممكنة، وسيفرض وجوده بلا شك، ولن ينتظر أن تتبناه المؤسسات الثقافية -رغم أهميتها- أو من يدعمه، وسيكون عنصرا فعالا في صناعة الثقافة، وسيغري المتلقي من خلال قوة منتجه ومواضيعه التي يختارها، ومن المهم لأي ثقافة وجود مناخ حر لها وللمثقفين، لتنتشر وتحقق الأهداف المرجوة منها بعيدا عن الربحية والعوائد المادية، وبعيدا عن الشللية والتحزبات عند إقامة الملتقيات الثقافية، لتكون الدعوات لها عامة للجميع بلا استثناء، ومثل هذه الثقافة بلا شك ستنتج لنا في نهاية المطاف مجتمعا واعيا ومثقفا يدرك أن نمو الفكر مقدم على الاهتمام بما ينمي الجسد من المأكل والمشرب، لأنه بتنوير العقول تتقدم المجتمعات وتنهض الشعوب.