منذ 27 سنه وحتى الآن تقضي أم فهد معظم يومها في ساحات ومحلات سوق الثلاثاء، ما بين بائعة وصاحبة محل إلى معاونه حتى مستشارة في بعض أمور السوق الخاصة بالنساء وذلك لخبرتها الطويلة فيه، قائلة "إن ارتباطي بالسوق لم يعد لطلب الرزق أو الخروج للبيع أو متنفس لبعض الوقت وإنما أصبح جزء لا يتجزاء من برنامجي اليومي". وتضيف "منذ فترة طويلة زاولت البيع في السوق، وكانت البداية بيع المزروعات من ريحان وبرك وشيح ونعناع وخضروات، وبمرور الوقت وتطور السوق زادت أنواع السلع وتغيرت إلى ثياب عسيرية وأقمشة وبعض أدوات الزينة بالإضافة إلى الفل والحنا". أم فهد نموذج لدور المرأة العسيرية في الماضي والحاضر في نشاط السوق وزيادة زواره وقوة الحركة الشرائية فيه وتنوع معروضاته.
وجهة سياحية سوق الثلاثاء الشعبي يعتبر أحد أهم الوجهات السياحية لزوار منطقة عسير، فمنذ تدشين مقره الحالي عام 1416 وهو يحتضن زواره من المتسوقين والمتجولين لمعرفة تراث المنطقة وأبرز اهتمامات المرأة العسيرية قديما.
مركز إعلامي يعد سوق الثلوث كما يحلو لكبار السن تسميته أقدم أسواق أبها وأعرقها ولازال صامدا، له مرتادوه الذين ينتظرون صبيحة كل يوم ثلاثاء لعرض بضائعهم فيه، وذلك على الرغم من التطور التكنولوجي والعلمي الذي يسود العصر الحديث، وكذلك مع تغير الأحوال المعيشية والأوضاع الاقتصادية بالمنطقة، حيث يتوسط السوق مدينة أبها ولقد سمي بسوق الثلاثاء نسبة إلى قيامة كل ثلاثاء وكان يعرف باسم سوق غيثاء ثم سوق ابن مدحان وأخيرا سوق الثلاثاء وكان السوق بمثابة موقع تواصل اجتماعي في وقتنا الحالي حيث كان له دور إعلامي فيه يجري تبادل الأخبار وتعلن خلاله التوجيهات القبلية والإقليمية بل وإقامة المواعظ والندوات والنصح والإرشاد وطلب الإغاثة والمعونة والنجدة ونشر الجديد فيه عن طريق منابر كانت متخصصة لذلك في وسط السوق. البدايات البدايات كانت عن طريق اجتهادات البعض كان يتواعدون يوم الثلاثاء من كل أسبوع يتقابلون فيه للبيع والشراء وغالبا كان عن طريق "تبادل البضائع " ونادرا بالعملة المعروفة في حينه الريال "الفرانسي" إن وجد، وتطور الأمر ليصبح الموعد شبه قائم، حيث لم يكن ثابتا وكان يقام السوق أسبوعا ويتوقف أسبوعا أو أكثر، وكان في بداية الأمر يبدأ من الصباح الباكر إلى الظهيرة، وبعدها أصبح إلى العصر ثم المغرب، وتاريخ إنشأ السوق يعود لقرابة 140سنة. وأقيم السوق لأول مرة في حي مناظر بأبها، وحتى استقر في موقعه الحالي، وكان خلال فترة سابقة عبارة عن سوقين سوق لأهالي عسير وسوق للأتراك، وسوق أهالي عسير مقسوم إلى جزئين سوق للنساء وآخر للرجال، والنساء يبعن الحطب وأشجار الشذ والحب والسمن والحنا وبعض الزين النسائية. وكان البائعين أو المتسوقين يتوجهون للسوق في قبل ساعات فجر الثلاثاء، وهناك من يحضر للسوق من يوم الاثنين.
حاضر السوق استقرار البضاعة والمحلات من حيث نوعيتها فلا علاقة بمحتوياته خلف الموضة وآخر موديلات الأزياء وكذلك عدم تنقلها من مكان لآخر، حيث أن توزيع المساحات داخل السوق "البسطات" وتحديد لكل بائع موقعة الخاص المعروف به جعل السوق يُفتح على مصراعيه طوال أيام الأسبوع ولم يعد يقتصر على يوم الثلاثاء إلا إن أفضلية يوم الثلاثاء كحركة شرائية نشطة عن بقية الأيام لا زالت قائمة حسبما ذكر بائعي وبائعات السوق. وتوضح أم علي الأحمري إحدى البائعات إن يوم الثلاثاء يتميز عن بقية أيام الأسبوع بازدحام الزوار وكثرة البسطات في الساحات الخارجية والبائعين القادمين من مناطق وقرى مختلفة مثل تهامة وبيشة والنماص والسودة وغيرها من المدن القرى المجاورة لمدينة أبها وارتباط نشاط السوق لديهم فقط بيوم الثلاثاء.
توازن بين الجنسين نظرا لشعبية السوق هناك توازن بين المبيعات النسائية والرجالية على اختلاف أنواعها واختلاف اهتمامات الجنسيين والزائر للسوق يرى امتداد المحلات النسائية الواحد تلو الأخر في جهة مستقلة من اليسار وتنتهي في نصف قطر الدائرة مع وجود بعض المحلات في المنتصف ويوجد بها أنواع البهارات والبخور والملابس والمطارح التراثية والمكاتل والمزاهير والحنا والحلي والنباتات العطرية المنتجات المصنوعة من السعف والحصير الأواني الفخارية ويحتل البخور والحنا أكثر السلع طلباَ هذا بالنسبة للنساء أما السوق الرجالي فيمتاز بالعسل والسمن كعنصر مشترك في جميع المحلات الرجالية وأنواع البن والقهوة والتمور والعود، هذا في بقية أيام الأسبوع أما يوم الثلاثاء فتتعدد مبيعاتهم إلى الخناجر والسيوف والسكاكين والآلات الزراعية.
نظام داخلي السوق عادةَ يفتح من الساعة السابعة صباحا وحتى السابعة مساءَ وطوال تلك الفترة غالبية أصحاب المحلات لا يعودون لمنازلهم، ولذلك تبقى المرأة البائعة وهن في الغالبية كبيرات في السن. السوق لازال محافظ على اسمه مقارنة بالأسواق الحديثة والمولات، حيث أوضحت نورة العسيري أن السوق يختلف في مبيعاته عن بقية أسواق المنطقة فهو يختص ببيع التراث والأدوات الشعبية والسمن والعسل والمزروعات المحلية كالبرك والشيح والريحان وغيرها. في المقابل ذكرت أم خالد العسيري أن غلا الأسعار في المولات مقارنة بسوق الثلاثاء استقطب محدودي الدخل لسوق الثلوث. وفي أيام الأجازات يصبح السوق مصدر رزق للجميع فيكثر رواد السوق والسياح ومعه تتنوع المبيعات ولكن يبقى الأكل بمختلف أنواعه في المركز الأول من سمبوسة أو فطير أو خبز التنور أو المسيلة أو ذرة مشوية والشاي والحليب العدني وغيرها ولكن هذه المرة البائعين هم شباب وشابات المنطقة.
تذمر من خلال الجولة التي قامت بها "الوطن" داخل السوق كان هناك أجماع من أصحاب المحلات حول شكواهم من الأجور والتي أثقلت كاهلهم مع انخفاض الحركة الشرائية والدخل الشهري طوال العام باستثناء الإجازات وقد تحدثت إحدى البائعات "فضلت عدم ذكر اسمها" أنهم قد طالبوا في وقت سابق بإعفائهم من أجور المحلات وكان الرد بقاء الأجور كما هي عادوا وطالبوا بإعفائهم من الأجور السابقة مع إبقاء الأجور كما هي في السنوات المقبلة وكان الرد بعد الميزانية ولم يتغير حتى الآن أي شيء، وقالت أخرى "أيضا فضلت عدم ذكر اسمها" أن الدخل اليومي من دكانها بسيط جدا لا يكفي مصروفها اليومي وتسديد مستهلكات المحل. وطرحت المسنة حليمة شكوى من نوع مختلف وهي أن حركة السوق تزدهر في موسم الصيف إلا أن يوم الثلاثاء يكون هناك نشاط أسبوعيا لمسرح المفتاحه مما يسبب ازدحام وإقفال لجميع مداخل السوق الخارجية وذلك ينفر الزوار ومرتادية.