كشف رئيس أرامكو السعودية، كبير إدارييها التنفيذيين المهندس أمين بن حسن الناصر، أن حرص الشركة على تكامل أعمال النفط والغاز مع أعمال التكرير والكيميائيات، مع ما يحققه هذا من تنويع مصادر الدخل وتحقيق أقصى قيمة ممكنة من كل برميل تنتجه أرامكو السعودية، دفعها لإتمام صفقة الاستحواذ على حصة نسبتها 70% في سابك. وبين الناصر أن صفقة الاستحواذ التي نجحت أرامكو السعودية في إتمامها سترفع من حجم إنتاج البتروكيميائيات في شركتي سابك وأرامكو السعودية إلى نحو 90 مليون طن من البتروكيميائيات، وتهدف إلى استدامة الطلب على النفط السعودي عبر تأمين مزيد من الأسواق الاستهلاكية. وكانت أرامكو السعودية أعلنت الأربعاء 17 يونيو الجاري إتمامها الصفقة من صندوق الاستثمارات العامة، الصندوق السيادي للمملكة العربية السعودية، لقاء مبلغ إجمالي قدره 259.125 مليار ريال (69.1 مليار دولار). وتعطي هذه الصفقة، التي تعد الأكبر في سوق المال السعودي «تداول»، تعزيزا قويا لوجود أرامكو السعودية في قطاع البتروكيميائيات على مستوى العالم، والذي يتوقع أن يتصدر طليعة القطاعات الأسرع نموا في الطلب على النفط الخام خلال السنوات المقبلة. وسلط الناصر في حوار مع «الوطن» الضوء على مبررات دخول الشركة هذه الصفقة الكبيرة، وخلفية اهتمامها بنمو قطاع التكرير والبتروكيميائيات، وكيفية تحقيق التوافق الإستراتيجي بين الشركتين، وتوافق الصفقة مع رؤية المملكة 2030. نظرة بعيدة المدى ما مبررات دخول أرامكو السعودية في صفقة الاستحواذ على حصة 70% في سابك؟ أولا، هذه الصفقة تنقل أرامكو السعودية من شركة عالمية رائدة بشكل أساسي في الطاقة إلى شركة عالمية رائدة ومتكاملة في الطاقة والكيميائيات، وهي تضع أرامكو السعودية في مصاف كبريات شركات البتروكيميائيات على مستوى العالم. يبلغ حجم إنتاج البتروكيميائيات في أرامكو السعودية و«سابك» معا قرابة 90 مليون طن حسب أرقام عام 2019، ولكن هناك ما هو أكبر من ذلك بالنسبة لأرامكو السعودية، فهذه الصفقة تتوافق تماما مع توجهات الشركة المستقبلية، وهي مبنية على منطق النظرة بعيدة المدى التي تهدف إلى استدامة الطلب على النفط السعودي عبر تأمين مزيد من الأسواق الاستهلاكية له خارج قطاع النقل الذي يُعد القطاع الرئيس حاليا للطلب على النفط. وقطاع البتروكيميائيات العالمي يعد من أكثر المجالات التي ينمو فيها استهلاك النفط، على مدى ال20 إلى ال40 سنة المقبلة. وما يميز استهلاك النفط في قطاع البتروكيميائيات، أنه يتم استهلاكه كلقيم لإنتاج مواد جديدة عالية القيمة ولا يتم حرقه كوقود، لذلك فهذا التوجه يتلاءم مع خفض انبعاثات الكربون، مما يمنحه مزايا بيئية ومزايا في الاستدامة. الصفقة الأكبر ما خلفية اهتمام أرامكو السعودية بنمو قطاع التكرير والكيميائيات؟ أرامكو السعودية شركة معروفة بالريادة العالمية في أعمال النفط والغاز. ومع أن الشركة لديها أعمال تكرير وكيميائيات كبيرة إلا أن حجم تلك الأعمال غير متكافئ مع الحجم العملاق لأعمالها في النفط والغاز. ومنذ عدة سنوات رأت الشركة أهمية أن تتكامل أعمال النفط والغاز مع أعمال التكرير والكيميائيات، لأن هذا مجال لتنويع مصادر الدخل وتحقيق أقصى قيمة ممكنة من كل برميل تنتجه أرامكو السعودية، كما أنه مجال لنمو الأعمال والأسواق. ولكن لتحقيق ذلك، فإن الأمر يتطلب قيام الشركة بتنمية قطاع التكرير والكيميائيات بشكل كبير جدا، وهناك طريقتان لتنمية هذا القطاع: الأولى التنمية العضوية عبر بناء مشاريع جديدة وعمل توسعات في مشاريع قائمة. وقد قامت الشركة بذلك على مدى ال15 سنة الماضية، ولكن هذا لا يكفي لتحقيق الحجم المستهدف. لذا كانت إستراتيجيتنا منذ سنوات هي عدم الاكتفاء بالنمو العضوي، بل دعمه بنمو غير عضوي، عن طريق عمليات استحواذ تمنحنا مزايا الحجم والقدرة. فواصلنا البحث والتقييم لعديد من الفرص وتمكنّا من الاستحواذ بالكامل في نهاية عام 2018 على شركة أرلانكسيو، وهي شركة رائدة في الكيميائيات المتخصصة ومنتجات المطاط الصناعي ومقرها هولندا، ولديها مرافق تصنيع في عدة قارات. غير أن أكبر صفقات الاستحواذ التي قامت بها أرامكو السعودية في تاريخها الممتد لأكثر من 80 سنة هو الاستحواذ على 70% من أسهم سابك. كيف تنظر أرامكو السعودية إلى سابك، وكيف سيتم تحقيق التوافق الإستراتيجي بين الشركتين؟ علاقة أرامكو السعودية وسابك علاقة عريقة ووثيقة منذ تأسيس سابك قبل نحو 45 سنة. ولا شك أن سابك هي فخر للصناعة الوطنية كما أنها شركة عالمية مرموقة لها قدرات متطورة وتدار بمهنية عالية، ولها حضور قوي في عدد من المناطق الجغرافية، في أكثر من 50 دولة حول العالم. ولدى سابك عدد من نقاط القوة والقدرات وستستفيد أرامكو السعودية، بإذن الله، من قدرات سابك المكملة لها في تنمية قطاع البتروكيميائيات، كما ستستفيد سابك من التكامل مع أرامكو السعودية في عدة مجالات مثل مواءمة إمدادات اللقيم الكيميائي وقدرتها على الاستثمار في مشاريع النمو الضخمة وتنفيذها. كما ستركز الشركتان على اغتنام فرص التكامل الإستراتيجي والتعاون في مجالات مختارة في أعمال التوريد وسلسلة الإمداد والتصنيع والتسويق والمبيعات. ولتفعيل الفرص تم تشكيل لجنة على المستوى التنفيذي للتعاون والتكامل يرأسها الرئيس التنفيذي لسابك الأخ يوسف البنيان، وتضم أعضاء من سابك وأرامكو السعودية. تقوم اللجنة برفع التوصيات بشأن آفاق التعاون والتكامل التي يُتوقَّع أن تحقق القيمة لسابك وأرامكو. ولدعم التوافق الإستراتيجي بين الشركتين، سيكون لأرامكو السعودية تمثيل في مجلس إدارة سابك، وستكون قادرة على انتخاب أغلبية أعضاء المجلس. وسيظل مجلس إدارة سابك ممثلًا لمصالح جميع المساهمين. ما مدى توافق هذه الصفقة مع رؤية المملكة 2030؟ هذه الصفقة متوافقة إلى أقصى الحدود مع رؤية المملكة 2030، وسأذكر ثلاثة جوانب لهذا التوافق: أولا: تقوم الرؤية على فكرة تنويع مصادر الدخل، بحيث لا يكون الدخل الوطني معتمدا بدرجة كبيرة على مصدر دخل واحد وهو صادرات النفط. وهذه الصفقة تعزز تنويع مصادر الدخل وتطوير تقنيات وقدرات التصنيع وتحقيق القيمة المضافة عبر التحالف بين أرامكو السعودية وسابك في هذا القطاع الحيوي الذي يعتمد على المعرفة والتطوير التقني. ثاني هذه الجوانب هو أن تحالف أرامكو وسابك سيعزز -بإذن الله- من توافقهما الإستراتيجي وتكامل أعمالهما بما يمنحهما مزيدا من القوة والقدرة التنافسية والحضور العالمي، لتمكين الاستثمار والنمو المستقبلي والوصول للأسواق. والجانب الثالث هو أن العائد الكبير من الصفقة سيتم استثماره من قبل صندوق الاستثمارات العامة لدعم جهود التنمية والتنويع الاقتصادي بالمملكة، وتنمية قطاعات جديدة تدفع عجلة التحول الاقتصادي في المملكة، وتعزز مكانة المملكة كقوة استثمارية عالمية رائدة. عوامل حرضت أرامكو على إتمام الصفقة نقل أرامكو من شركة عالمية رائدة في الطاقة إلى عالمية رائدة في الطاقة والكيميائيات تضع أرامكو السعودية في مصاف كبريات شركات البتروكيميائيات على مستوى العالم تتوافق تماما مع توجهات الشركة المستقبلية تهدف إلى استدامة الطلب على النفط السعودي خارج قطاع النقل سابك تكمل جهود أرامكو لها في تنمية قطاع البتروكيميائيات