إن كل تطوير يحتاج إلى التغيير، وإن كل تغيير للأفضل يتطلب التضحية، وإن التطوير الذي تعيشه المملكة العربيةالسعودية يحتاج من الجميع التكاتف وتحمل المسؤولية، وقد يكون التطوير أحيانا إصلاحا لبعض النظم والقوانينواللوائح التي تستهدف تحقيق أهداف الرؤية المستقبلية، وعليه فإن بعض الظواهر التي يراها البعض أنهاسلبية من وجهة نظرهم تجاه الاقتصاد فهي في الحقيقة نتائج الإصلاح لهيكلة اقتصاد اعتمد لفترة طويلة علىما أسميه فوضى القرارات الاقتصادية للقطاع الخاص، والتي يدخل في إطارها ظواهر عديدة منها التستر ومنهاالغش التجاري ومنها المؤسسات الوهمية والشركات التي بنيت على أسس غير سليمة وشركات المرابحةوالمضاربة في العقارات والأسهم وبعض الصناديق التي أنشئت بعيدة عن رقابة الأجهزة المعنية لمتابعتهاومراقبتها، والحقيقة كان القطاع الخاص يعمل وسط فوضى كبيرة بعيدة عن عين الرقيب لفترة طويلة فسيطرعلى سوق التجزئة العمالة الأجنبية وأصبحت قوتهم تسيطر على حركة الأسعار في الأسواق، بالإضافة إلى حرمانالعمالة السعودية أو المبادرين من شباب الأعمال إلى دخول هذه الأسواق والمنافسة فيها، يضاف إليها خسارةالسوق للبلايين المهاجرة من أعمال العمالة الأجنبية العاملة في أعمال تجارية غير نظامية، وهذا هو السببالرئيسي الذي دفع الأجهزة المعنية لمحاربة هذه الظاهرة وتطبيق الأنظمة والقوانين دفاعا عن العمالةالسعودية وأصحاب الأعمال الصغار من السعوديين، وهذه هي إجابتي على بعض الأصوات التي تروج إشاعات إفلاس أصحاب المحلات التجارية الصغيرة وسط وجنوب مدينة جدة وغيرها من المواقع والمدن التي كتب علىهذه المحلات للبيع والتقبيل حتى وإن تعددت هذه المظاهر لكنها في الحقيقة تصحيح لوضع تجارة مخالفةلقوانين العمل أو نظم التجارة وشروط الجودة والنوعية. وفي وجهة نظري الشخصية أن مدن المملكة وعلى وجه الخصوص المدن الكبيرة تعيش حالة من فوضى الاستثمار التجاري رغم إيماني بحرية التجارة وحرية القرار الاستثماري لرجال الأعمال، لكن الاستثمار التجاري بدوندراسات اقتصادية للسوق، وبدون توجيه الأمانات لمناطق ونوعية الاستثمار وحاجة كل مدينة، وبدون توجيه وزارةالاستثمار يصبح الاستثمار هدرا للمال حتى وإن كان مالا خاصا، وكنت ولا زلت أطالب بضرورة إعداد دراسات لكلمدينة لمعرفة احتياجات المدينة من الخدمات والمراكز التجارية وغيرها، ولا يعقل أن يكون في مدينة جدة هذاالكم من الصيدليات والمقاهي والدكاكين ومراكز الخياطة ومراكز بيع الجوالات وإصلاحها ومراكز بيع الأدواتالصحية وأدوات البناء وغيرها من عشرات الآلاف من المحلات التجارية المتكررة، بالإضافة إلى الحجم الضخم منالمراكز التجارية وجميعها أنشئت لتنافس بعضها مع تشابه مراكز البيع فيها، والحقيقة لا أعلم كيف تم تمويلهذه المراكز التجارية وعلى أي دراسة سوق تم اعتمادها، كما أنني أتساءل هل بإمكان الأمانات أن تقوم بدراساتاحتياج السوق وتحديد احتياجات المدينة من هذه المحلات والمراكز التجارية ولا سيما أنها هي التي تمنحالتصاريح لهم، كما هي التي تحدد سنويا مناطق ونوع الاستثمار المطلوب مستقبلا للمدينة حسب النموالسكاني؟، أم هي مسؤولية الغرف التجارية الصناعية لإعداد هذه الدراسات عن مناطق الاستثمار في كل مدينةواحتياجات المدينة سنويا لأنواع الاستثمار؟. لقد تشبع سوق جدة بالمراكز التجارية والمحلات التجارية المتشابهة وتكررت نفس الخدمات والمحلات وارتفعتنسب الإفلاس والإغلاق، وأرى أنه من الضروري مساعدة المستثمرين بالمشورة حتى لا تفشل مشاريعهم ويخسراقتصادنا أموالا أهدرت لجهل أصحابها. أما ملاحظتي الثانية وهي توقف بعض المشاريع التنموية الكبيرة والمستثمر فيها البلايين داخل مدينة جدة إمابسبب خلاف الشركاء أو أسباب أخرى كان بالإمكان تدارك الأمر دون توقفها لأنها خسارة على الاقتصاد الوطني،وفي وجهة نظري أن المشاريع التنموية الكبيرة وإن كان يملكها أفراد أو شركات إلا أنها أنشئت لخدمة المجتمعوهي بخدماتها ملك للمجتمع ولا يقبل أن يوقف المساهمون مشاريع تنموية لخلاف بينهم، وأخص في هذاالمشاريع الصحية والتعليمية والتطوير العمراني حتى وإن كانت هناك مطالبات على الشركات المالكة فبالإمكانمعالجة المطالبات والخلافات خارج نطاق تشغيلها وبما لا يؤدي إلى وقف خدماتها، وهذه في وجهة نظريمسؤولية وزارة الاستثمار وأتمنى أن يكون لها دور في إنقاذ المشاريع المتعثرة أو المشاريع التي بها خلافاتبين الشركاء قد يؤدي إلى وقفها وحرمان المجتمع من خدماتها. نقلا عن عكاظ