عقد فرع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان في منطقة مكةالمكرمة ندوة بعنوان «التحرش الجنسي»، شارك فيها محامون وأعضاء من هيئة التحقيق والادعاء العام، وباحثون قانونيون بحقوق الإنسان، وأطباء نفسيون، وأكاديميون، وممثلون للجنة الحماية في وزارة الشؤون الاجتماعية. وقدم للندوة وأدارها المشرف العام على فرع الجمعية في منطقة مكة المكرم الدكتور عمر زهير حافظ؛ حيث أشار إلى أن التحرش بالأطفال تجاوز كونه مشكلة إلى مستوى ظاهرة تستدعي البحث والتقصي والعلاج، وعلى هذا الأساس فإن الجمعية تسعى لتكريس حق الطفل وحماية الأطفال من التحرش الجنسي الذي نما وعبث بأطفالنا، ومن هنا انطلقت الجمعية بالدعوة إلى هذه الندوة التي استجاب لها مجموعة من المختصين والمهتمين بحقوق الإنسان. وبدأت الندوة بمشاركة الأستاذة والمحاضرة في جامعة المؤسس هند خليفة؛ حيث عرضت مادة علمية ودراسات ونتائج أبحاث أكاديمية حول ظاهرة التحرش الجنسي بالأطفال، وما أسفرت عنه تلك الدراسات، موصية بتواصل التثقيف والندوات ونشر الوعي في المجتمع. وقدم المحامي والكاتب، ماجد الجعيد، ورقة عمل ناقش فيها أساليب الحماية وأعراض التحرش الجنسي، وطرق العلاج، وأهمية الوعي والتثقيف الجنسي والتكاتف الأسري للخروج من هذه الأزمات، مطالباً أن تخرج المناهج عن خط سيرها السابق، وهو نشر القيم الدينية بوصفها الشكلي، وأنه لابد من إقرار مناهج تخرج بها من الشكل إلى الممارسة الواقعية والسلوك الممارس، داعياً إلى تغيير نمط التفكير في العقل السعودي الذي يرى مفهوم القوامة ويفهمه على أساس حماية الآخر، أو المرأة، وأنه لابد من الانتقال في المفهوم إلى أن المسؤولية لابد أن تكون ذاتية من الطفل والمرأة والشخص نفسه. ثم داخلت الدكتورة سميرة الغامدي المختصة بالطب النفسي في مستشفى الملك عبدالعزيز، وطالبت بإصدار قانون التحرش، ورأت أنه الحل الوحيد، وطالبت أيضاً بمناهج تعليمية تثقيفية وقانون صريح معمول به. ودعت الغامدي الإعلاميين إلى طرح الموضوع والتركيز عليه في الرأي العام والمطالبة باللائحة التنفيذية، مشيدة بدور القضاة في التعامل مع مثل هذه القضايا، وأنهم عملوا على الحد منها عبر أحكام قضائية رادعة. ورأت الغامدي أننا لا نحتاج إلى قانون غير الحماية من الإيذاء، ولكن نحتاج إلى إصدار اللائحة التنفيذية التي يمكن أن تعطي آليات متعددة لتطبيق هذا القانون. وقال الجعيد إننا نحتاج إلى قانون يضبط الاجتهادات التفصيلية في موضوع التحرش الجنسي، غير أنه يمكن الجمع بين الأمرين. وقدم المحاضر في جامعة المؤسس الدكتور حسن الشهري مادة علمية حول الآثار الآنية واللاحقة على ضحية التحرش، كالخجل، ونوبات البكاء، والكوابيس الناتجة من أثر الصدمة، مشدداً على دور الأسرة في تخفيف الصدمة النفسية، ومطالباً بنشر ثقافة العلاج والتعاون عند الأسرة؛ لأن ذلك يمكننا من تلافي الآثار اللاحقة، كالعزوف عن الزواج، وطالب بسن قانون نصي لمثل هذه المشكلة، وأشار إلى نتائج بعض الدراسات التي تشير إلى أن نسبة 76% من الحالات تشير إلى أن السبب هو غياب القانون المجرِّم لذلك. وأشار إلى وجود بعض الحوادث التي لاقى فيها الجاني عقوبات مخففة لا تتناسب مع حجم جرمه. وأكدت الممثلة لوحدة الحماية الاجتماعية في وزارة الشؤون الاجتماعية سميرة طه على أن نظام الحماية من الإيذاء يعد نقلة نوعية شاملة، ويحتاج إلى تطبيق صحيح، ويناسب الجرم الحاصل، مؤيدة بشدة تطبيق هذا النظام.