حرس الحدود ينقذ مواطنا خليجيا فقد في صحراء الربع الخالي    اختتام المهرجان السينمائي الخليجي في الرياض وتتويج الفائزين بالجوائز    وزير الخارجية المصري من أنقرة: ترتيبات لزيارة السيسي تركيا    بمساعدة مجموعات متحالفة.. الجيش السوداني يقترب من استعادة مصفاة الجيلي    ساديو ماني.. 29 ثنائية في مسيرة حافلة بالأهداف    تشكيل الاتحاد المتوقع أمام الحزم    حمدالله يتوقع مواجهة الهلال والعين في دوري أبطال آسيا    الفن التشكيلي يتلألأ في مقر قنصلية لبنان بجدة    البريد السعودي | سبل يصدر طابعاً بريدياً عن قطاع النخيل والتمور في المملكة    إيقاف اجتماع باسم «اتحاد كُتّاب عرب المشرق» في مسقط    صالون "أدب" يعزف أوتاره على شاطئ الليث    توليد الفيديوهات من الصور الثابتة ب"AI"    "كاوست" تتنبأ بزيادة هطول الأمطار بنسبة 33%    الجدعان: الاقتصاد العالمي يتجه لهبوط سلِس    تصاميم ل"العُلا" تعرض في ميلانو    السودان: أطباء ينجحون في توليد إمرأة واستخراج رصاصة من رأسها    «الداخلية»: ضبط 14,672 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود في أسبوع    وظائف للخريجين والخريجات بأمانة المدينة    فيتنام: رفع إنتاج الفحم لمواجهة زيادة الطلب على الطاقة    للمرة الثانية على التوالي النقد الدولي يرفع توقعاته لآفاق الاقتصاد السعودي ليصبح الثاني عالمياً لعام 2025    الصحة العالمية توافق على لقاح ضد الكوليرا لمواجهة النقص العالمي    طقس اليوم: فرصة لهطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    إعفاء "الأهليات" من الحدّ الأدنى للحافلات    بن دليم الرحيل المُر    الحزم يتعاقد مع المدرب صالح المحمدي    حمدالله: تجاوزت موقف المُشجع.. وصفقات الهلال الأفضل    مساعد مدرب الرياض ينتقد التحكيم في مواجهة الطائي    بوابة الدرعية تستقبل يوم التراث بفعاليات متنوعة    نجران.. المحطة العاشرة لجولة أطباق المملكة    إخلاء طبي لمواطنة من كوسوفا    البنك الدولي: المملكة مركزاً لنشر الإصلاحات الاقتصادية    "الأمر بالمعروف" في أبها تواصل نشر مضامين حملة "اعتناء"    أسرتا باهبري وباحمدين تتلقيان التعازي في فقيدتهما    الخريجي يلتقي نائب وزير الخارجية الكولومبي    رئيس "الغذاء والدواء" يلتقي شركات الأغذية السنغافورية    الرياض: الجهات الأمنية تباشر واقعة اعتداء شخصين على آخر داخل مركبته    الوحدة يحسم لقب الدوري السعودي للدرجة الأولى للناشئين    تجمع مكة المكرمة الصحي يحقق انجاز سعودي عالمي في معرض جنيف الدولي للاختراعات 2024    سلام أحادي    اختيار هيئة المحلفين في المحاكمة التاريخية لترامب    أرمينيا تتنازل عن أراضٍ حدودية في صفقة كبيرة مع أذربيجان    حائل.. المنطقة السعودية الأولى في تطعيمات الإنفلونزا الموسمية    نوادر الطيور    التعريف بإكسبو الرياض ومنصات التعليم الإلكتروني السعودية في معرض تونس للكتاب    المرور بالشمالية يضبط قائد مركبة ظهر في محتوى مرئي يرتكب مخالفة التفحيط    أمير عسير يتفقد مراكز وقرى شمال أبها ويلتقي بأهالي قرية آل الشاعر ببلحمّر    بطاقة معايدة أدبية    ضيوف الرحمن يخدمهم كل الوطن    أفضل أدوية القلوب القاسية كثرة ذكر الله    إخلاص العبادة لله تشرح الصدور    ضبط مقيم بنجلاديشي في حائل لترويجه (الشبو)    مساعد وزير الدفاع يزور باكستان ويلتقي عددًا من المسؤولين    توقعات الأمطار تمتد إلى 6 مناطق    تخلَّص من الاكتئاب والنسيان بالروائح الجميلة    غاز الضحك !    أمير الباحة: القيادة حريصة على تنفيذ مشروعات ترفع مستوى الخدمات    محافظ جدة يشيد بالخطط الأمنية    أمير منطقة الرياض يرعى الحفل الختامي لمبادرة "أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة"    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



خداع ناقلي الأدب الشعبي خيانة للنص
التصرّف في الترجمة والرواية
نشر في الرياض يوم 18 - 05 - 2013

نُقطة الالتقاء الواضحة بين الراوي الشعبي والمُترجم هو أن كلاً منهما يتعامل مع نص ينبغي عليه نقله مع مُراعاة الدقة والأمانة في النقل، وأي تصرف يقوم به أحدهما قد يُعد خيانة للنص المنقول بغض النظر عن دوافعه ومسبباته والهدف منه، ومما يُعزز هذا الاعتقاد ويجعل الجميع يتفقون على استخدام مصطلح أو لفظ شديد القسوة "خيانة" في حق الراوي أو المُترجم الذي يتصرف في النص المنقول بأي شكل من الأشكال هو ما قد يترتب على التصرف في النص بالتحريف أو الحذف أو الإضافة من نتائج، إضافة إلى اكتشاف عمليات كثيرة للتحريف في النصوص مع مُحاولة الإيهام بأنها صحيحة وبالغة الدقة، ولاشك في أن اكتشاف التصرف ليس أمراً سهلاً لتعدُد أساليب الخداع التي يستخدمها الناقلون، ويؤكد الناقد الكبير عبد الفتاح كيليطو في كتابه (أتكلم جميع اللغات، لكن بالعربية) على أن عبارة (ترجمة كاملة أمينة) التي تُكتب على أغلفة الروايات والكُتب المُترجمة لتأكيد نزاهة المُترجم عبارة خادعة ينبغي أن نحترس منها كاحتراسنا "من الذين يُكثرون أداء القَسَم"، لأنهم "كذابون في معظمهم. القسَم معناه اعتراف بالكذب، وإعلان عن الجرم"، ويُضيف كيليطو: "بناء على ذلك فإن التنبيه "ترجمة كاملة أمينة"، ليس إلا نوعاً من الإشهار المُزيف، وخدعة تجارية، إنه يعني بكل وضوح، بالنسبة إليّ، أنا الذي أصبحت خبيراً في شؤون أداء القسم، هذه "ترجمة ناقصة خائنة"..!
كلام كيليطو السابق عن خيانة المُترجمين ينسحب أيضاً على الرواة وبعض الباحثين في مجال الأدب الشعبي ممن يمتلكون جسارة مُفرطة في التغيير في النصوص الشعرية أو النثرية التي يروونها أو يتعاملون معها، وقد ثبت في حالات عديدة أن الراوي الشعبي قد يستخدم لتوثيق روايته التي ينقلها عبارات من نوع: "سمعتها من لسانه"، أو"نقلتها عنه شخصياً" يتبين فيما بعد أنها عبارات مماثلة لتنويه المترجمين (ترجمة كاملة أمينة) جاءت لتستر تحريفاً يصعب كشفه، إذ يتعسر في الغالب اكتشاف التحريف في النص المنقول عن شخص مُتوفى إلا في حالة واحدة وهي الحصول على النص نفسه من مصدر آخر موثوق يُخالف أو لا يتطابق مع النص بصيغته الأولى.
إبراهيم الخالدي
تعامل الراوي أو الباحث الشعبي مع النصوص الشعرية والنثرية قديمها وحديثها يوضح مدى إمكانية قيامه في بعض الأحيان بإجراء بعض التغييرات الاضطرارية التي لا يقصد منها التحريف بمعناه السلبي، ولكنها قد تُكلفه كثيراً وتجعل من مسألة اتهامه بخيانة النص أمراً مُحتملاً ووارداً، ما نُسميه تغييرات اضطرارية قد تفرضها عوامل داخلية تتعلق بالنص نفسه وهي تغييرات سبق أن تساءل عن مشروعيتها الباحث القدير إبراهيم الخالدي وأشرت إليها في مقال (ترميم القصيدة)، إذ يجد الباحث حيرة كبيرة في إيراد نصوص شعرية تتضمن أبياتاً مُختلة الوزن أو تتضمن مفردات فاحشة أو محظورة دون تعديل أو تبديل، أو في القيام بحذف أجزاء من النص قد يؤدي نشرها لإثارة إشكاليات مع أي طرف، أو ترقيع وترميم النص في حالة وجود فراغات سببها سقط أو طمس لبعض الكلمات.
بعد إصدار الشيخ عبد الكريم الجهيمان (1330-1433ه) رحمه الله للجزء الأول من مؤلفه الشهير (أساطير شعبية من قلب جزيرة العرب)، الذي جمع فيه الحكايات الشعبية التي يتم تداولها في الجزيرة العربية، واجه عدداً من الانتقادات والاعتراضات وتلقى بعض الملاحظات التي تحمل طلباً ضمنياً بإلغاء وإزالة بعض الحكايات من مُؤلَّفه أو القيام بإعادة صياغتها أو حذف أجزاء منها بما يتناسب مع فكر ورغبة من أبدوا تلك المُلاحظات، وكانت المُلاحظة أو المأخذ الأبرز هو "أن أمور الجنس تتجلى في معظم تلك الأساطير وتشغل الجانب الهام منها"، والشيء الرائع في تعامل الجهيمان مع هذا المأخذ هو ذكره له بشكل صريح والرد عليه بلغة هادئة وشجاعة استغرقت معظم مُقدمة الجزء الثاني من سلسلة الأساطير الخمسة، صحيح أنه لم يُكلف نفسه مشقة الحديث عن مسألة مفروغ منها وهي الأمانة العلمية في النقل وأهميتها إلا أنه اكتفى بسرد حُججه المُقنعة التي أكد فيها أن الموضوع الذي جاء الاعتراض عليه يُمثل جانباً لا يُمكن فصله عن جوانب الحياة الأخرى، وأنه موضوع مُتغلغل في كتب الأدب والتاريخ والحديث والفقه وفي "كل مجالات الحديث من شعر أو نثر أو حوار" مما يعني استحالة تجاهله أو إزالته، وموقف الشيخ الجهيمان نموذج من النماذج المُشرقة على الالتزام بالأمانة العلمية ورفض ارتكاب أي خيانة في النقل تحت أي ضغط.
مُهمة نقل النصوص التي يضطلع بها الرواة والمترجمون مهمة شديدة الحساسية وتتطلب قيام الناقل بالمُحافظة على النص الأصلي بأدق تفاصيله، لاسيما وأن تصرفه فيه -حتى لو جاء بحُسن نية وبدوافع داخلية ترتبط بالرغبة في إخراج النص بشكل أفضل أو تحت ضغوط خارجية تتعلق برغبة المتلقي- قد لا يُفسر إلا على أنه تحريف وخيانة تستوجب التشهير والإدانة.
عبدالفتاح كيليطو
غلاف أساطير شعبية


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.