سجل نجم النصر في التسعينات الهجرية الكابتن سعد السدحان هدفاً نبيلاً في شباك القيم الوفائية عندما حافظ على تواصله بانتظام مع رفيق دربه النجم الدولي الراحل سالم مروان لأكثر من عقدين من الزمان وتحديداً بعد وقوع حادث أليم أدى إلى إصابته بشلل رباعي أقعده فوق كرسي متحرك ولازم السرير الأبيض قرابة 33 عاماً. في الوقت الذي عانى منه الحارس سالم مروان -رحمه الله- من عدم وفاء بعض زملائه اللاعبين في التواصل معه رغم الأيام الذهبية التي عاشها في العصر الذهبي لنادي النصر الذي كان فيه "فارس نجد" يسيطر مع النادي الأهلي على البطولات الكبرى قبل أكثر من نصف قرن. إلا أن النجم الخلوق جداً الكابتن سعد السدحان (71 سنة) أخذ زمام الوفاء بالتواصل الدائم بصورة منتظمة مع الكابتن سالم منذ أن استقرت إقامته في مستشفى النقاهة بالرياض قبل 20 عاماً بزيارة أسبوعية كل يوم أحد ولم ينقطع عنه إلا خلال فترة انتشار فايروس كورونا، مؤكداً هذا النجم النبيل بنهجه الإنساني أن الرياضة قيم وفائية قبل أن تكون ميدان فوز وخسارة بصورة تنم عن عمق شخصيته الوفائية وقيمه الاجتماعية الأصيلة وهذا ديدنه. وخلال تلك السنوات الطويلة احتفظ الكابتن سعد بذكريات جميلة ورصد مواقف خيرية للنجم الراحل سالم مروان داخل وخارج المستشفى يرويها لنا عبر الأسطر التالية:54 عاماً من العلاقة الوطيدة يقول السدحان في مستهل حديثه عن بدايه معرفته بسالم -رحمه الله-: «كان ذلك من خلال النادي، إذ سجلت في النصر قبله وتحديدا عام 1387ه - 1967م وكنت آنذاك شبلاً في ال 14 من عمري وبعد ثلاث سنوات التحق مروان بصفوف النصر عام 1390ه - 1970م، وكان تسجيلي عن طريق العم أحمد عبدالله (البربري) حين شاهدني مع فريق الحارة وعند مزاولتي أول تمرين مع النصر بادر المدرب السوداني (ترنه) بطردي من التدريب بذريعه صغر سني، وبكيت في ذلك اليوم، لكن رمز النصر الأول الأمير عبدالرحمن بن سعود -رحمه الله- طيب خاطري ورفع معنوياتي بقوله لي «بنطرد المدرب وأنت الباقي». يذهب للمسجد على كرسي متحرك وانتقل السدحان بدفة ذكرياته إلى الحديث عن سالم بعد أن أقعده الشلل نزيلاً بمستشفى النقاهة بالرياض، قائلاً: «حقيقة كان إيمان سالم مروان قوياً، وقريباً من ربه، إذ لم يكن يترك أداء الصلوات على وقتها ولم ينقطع عن الصيام وتلاوة القرآن الكريم وظل لسانه رطباً بذكر الله ومحافظاً على الأذكار. التهاب رئوي فاقم معاناته.. والزيارة الأخيرة مؤلمة كنت أزوره كل يوم أحد وأجلس عنده من بعد صلاة الظهر وحتى صلاة العشاء، وأشاهده يذهب على كرسيه المتحرك لأداء الصلاة في مسجد المستشفى، وكان من العوامل التي شجعتني على الانتظام في زياراتي الأسبوعية له أنها كانت تدخل البهجة والسرور على نفسه حين أطلعه على ما يدور في الأوساط الرياضية والأحداث الكروية وأخبار نادينا بشكل عام. يعذر من لا يزوره كان مروان يعذر كل من تعذرت زيارته له بالمستشفى، ويقول لي: «يكفينا الاتصال وأعذر كل من انقطع عن زيارتي». وكنت أسمع منه ذلك وأقول لنفسي رغم كل ما أصابه وأقعده إلا أنه حافظ على صلواته وصيامه وتلاوة القرآن، وأغبطه على قوة إيمانه مؤمناً بالقضاء والقدر، وحامداً وشاكراً لله، ولم أره يوماً يتذمر مما أصابه -رحمه الله-». يتبرع لذوي الحاجات من المواقف النبيلة التي لا أنساها لصديقي سالم حين يتلقى مساعدة مادية يبادر باقتطاع جزء منها والتبرع به لذوي الحاجة ممن يعرفهم أو يذكرون له من داخل وخارج المستشفى، جعلها الله في موازين حسناته. يطعم الطيور من شباك غرفته أيضاً من المواقف التي لا أنساها اهتمام مروان بإطعام العصافير والطيور التي كانت تحط في شباك غرفته في المستشفى، إذ كان يسقيها بالماء ويطعمها طمعاً بالأجر والمثوبة من عند الله. كنت أحضر معي في زياراتي الأسبوعية له حافظات أكلات شعبية، فيطلب مني وضعها في صحون وتوزيعها على النزلاء من حوله «شفاهم الله». وسالم يختلف بوضعه كلاعب دولي مشهور يسعد كثيراً حين يرى الناس يزورونه ويفرح باهتمامهم بالسؤال عنه، إذ كنت أرى الكثير يتصلون به من جميع المناطق لاعبين زاملوه ومشجعين كانوا باتصالاتهم يسعدونه ويدخلون البهجة عليه بسؤالهم عن أحواله الصحية والاجتماعية. التهاب رئوي فاقم معاناته الصحية وحول معاناة الحارس الراحل الصحية، أوضح السدحان أنه كان يعاني من مشكلات صحية بسبب مشكلات رئوية ومعاناته مع الربو، وحين تفاقم عليه الالتهاب الرئوي أدخل إلى العناية المركزة ودخل في غيبوبة حتى وفاته -رحمه الله- في مستشفى العلي بالعزيزية. الزيارة الأخيرة مؤلمة وعن آخر زيارة قام بها سعد لسالم أجاب: «كانت بعد نقله من مستشفى الملك سلمان إلى مستشفى العلي قبل وفاته بأسبوع تقريباً، وكان في غيبوبة تحت الأجهزة الطبية، ولاحظت أن وزنه بدأ يضعف وتأثرت كثيراً من هذه الصورة وأنا أتذكر أحاديثنا معاً عن الذكريات الرياضية والمباريات والمواقف التي لا تنسى في الملاعب والمعسكرات سواء مع النادي أو المنتخبات، رحمه الله رحمة واسعة». سعد السدحان في إحدى زياراته لسالم مروان الحارس الراحل يتصدى لإحدى الكرات على مرمى النصر سعد وسالم مع بعض لاعبي منتخب الشباب عام 1393ه مروان (الأول من اليسار وقوفاً) والسدحان (الرابع) مع النصر 1394ه سالم مع زملائه في أحد معسكرات المنتخب 1399ه مروان داخل المستشفى يتسلم درعاً تكريمية من المتحف الرياضي لمنصور الدوس في يوم تكريمه مع صالح النعيمة ويظهر إلى جانبه نجله عبدالرحمن -رحمه الله- 1993م