عندما يزور المستشار الالماني أولاف شولتس المملكة العربية السعودية، كأول زيارة له بعد تقلده منصب المستشارية، فإن ألمانيا، تضع في اعتباراتها الاستفادة من الدروس السابقة، وتوجيه بوصلة العلاقات نحو المملكة وتحويلها الى مصاف الشراكات الاستراتيجية في جميع المجالات فضلا عن تعزيز العلاقات في مجال الاستثمارات، خاصة مجالات الطاقة في ظل الازمة التي تواجهها بعد اندلاع الحرب الاوكرانية - الروسية، فضلا عن مناقشة القضايا الجيوستراتيجية، في المنطقة والعالم مع صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع، والحيلولة دون توسيع دائرة الازمات وتخفيف حدة التوتر في المنطقة والعالم، وضمان استقرار أسعار النفط، وجذب الاستثمارات السعودية لالمانيا والعكس، ومناقشة ملفات إقليمية ودولية وأجندة أعمال قمة مجموعة العشرين المنتظر عقدها في نوفمبر المقبل في جزيرة بالي الإندونيسية. وحول هذه الزيارة قال يسيباستان سونس، الباحث الألماني في قضايا الشرق الأوسط: "المملكة أقوى لاعب عربي في الإقليم، لذلك تبحث ألمانيا عن التعاون مع المملكة لأجل عمل أكبر على الملفات الإقليمية كالأزمتين السورية واليمنية، ولأجل التعاون في مجال محاربة الإرهاب". وتراهن ألمانيا على زيارة المملكة لانطلاقة جديدة في العلاقات. وسيجري الوزراء الالمان الذين يرافقون المستشار الالماني محادثات مستفيضة مع نظرائهم السعودين في المجالات التجارية والصناعية والاستثمارية، وكذلك التوقيع على اتفاقيات ثنائية في عدد من المجالات. وتأتي جولة المستشار الالماني للمملكة في اطار جولة للخليج العربي، تستمر يومين سيزور خلالها قطر والامارات. وسيرافق المستشار الالماني وفد من كبار ممثلي عدد من القطاعات الاقتصادية والتجارية والاستثمارية للمشاركة في المنتدي الاستثماري الذي سيعقد على هامش الزيارة الرسمية. وقامت العلاقات بين المملكة وألمانيا على أسس صلبة، وتعود إلى أكثر من 100 عام من العلاقات الثنائية بين البلدين العضوين في مجموعة العشرين، ويعملان عن كثب في العديد من المجالات، بما في ذلك مجالي الاقتصاد والسياسة، والسلام والاستقرار والازدهار ومكافحة الإرهاب. وتعد المانيا واحدة من أبرز دول العالم والدول الأوروبية التي تربطها بالمملكة علاقات متميزة على شتى الاصعدة، كما ان العلاقات بين البلدين تستند الى تاريخ طويل بينهما، ودشنت العلاقات بين المملكة وألمانيا جذورها التاريخية في عهد المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن آل سعود -طيب الله ثراه- لاسيما في فترة ما بين الحربين العالميتين الأولى والثانية فمنذ العام 1926م حرصت ألمانيا على استطلاع منطقة الشرق العربي بوجه خاص من أجل تهيئتها لدور الماني متميز لاسيما وأن هذه الفترة شهدت مرحلة جديدة من التطور السياسي في المنطقة بعد أن تمكن الملك عبدالعزيز من توحيد المملكة. بدأت المانيا في ارسال بعثات استكشافية الى المملكة لدراسة الأوضاع الاقتصادية بها عن كثب ومن ثم تكللت جهود الجانبين بتوقيعهما معاهدة الصداقة في 16 ذي القعدة عام 1347ه 26 إبريل 1929م. ومع مجيء الرايخ الالماني الثالث عام 1933 دخلت العلاقات السعودية - الالمانية مرحلتها الثانية وخلال هذه الفترة وحتى العام 1939 تقلص حجم هذه العلاقات نسبيا نظرا لسياسات الرايخ الالماني التي كانت متوجهة بالاساس نحو تقوية البيت الالماني وإعادة ترتيبه من الداخل. وخلال عقد التسعينيات، مثلت المملكة اهم شريك تجاري لالمانيا في الشرق الاوسط والعالم العربي، ففي العام 1994 بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين عشرة مليارات ريال. أما خلال عقد الثمانينيات بلغ متوسط قيمة الواردات السعودية من المانيا 10.3 مليارات ريال سنويا، فيما بلغ المتوسط السنوي للصادرات السعودية الى المانيا في الفترة ذاتها 7.17 مليارات ريال.