تشترك المملكة والهند برباط فريد وعميق شكلته عدة قرون من العلاقة الشعبية والتواصل بين قيادات البلدين، وتعظيم الشراكات الاقتصادية والاستثمارية والنفطية حتى وصلت لمصاف الشراكة الاستراتيجية. وعندما يقوم وزير الخارجية الهندي سوبراهمانيام جايشانكر، اليوم السبت بزيارة المملكة، في أول زيارة له منذ تقلده هذا المنصب، لإجراء لقاءات مكثفة مع القيادات السعودية ونظيره سمو وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، فإن هذه الزيارة تعكس وجود إرادة سياسية مشتركة وإعطائها دفعة إلى الأمام وبحسب. المصادر الهندية التي تحدثت مع «الرياض» فإن الوزير الهندي سيجري مع نظيره السعودي الأمير فيصل بن فرحان مناقشات واسعة النطاق حول عدد من القضايا السياسية والقضايا ذات الاهتمام المشترك والأوضاع في المنطقة فضلا عن تعزيز الشراكة الاقتصادية والسياسية والنفطية. وستستغرق زيارة وزير الخارجية الهندي يومين، وسيرأس الجانب الهندي في اجتماع المجلس الاستراتيجي الهندي السعودي في الرياض فيما يرأس الجانب السعودي سمو وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان. وتعود العلاقة الدبلوماسية الرسمية بين الهند والمملكة العربية السعودية إلى 75 عامًا تطور خلالها البلدان بشكل تدريجي كشريكين إستراتيجيين قويين وحريصين على إقامة شراكة قوية في مجموعة واسعة من المجالات مثل التعاون الدفاعي والأمن والتقنيات الجديدة المبتكرة، والطاقة والأمن الغذائي والرعاية الصحية والتعليم والتنمية المستدامة، وهناك تقارب متزايد بين البلدين حول الأمور ذات الأهمية العالمية التي تراوح من تغير المناخ إلى مكافحة الإرهاب العابر للحدود وتعزيز التحالفات في المجالات الاستثمارية والنفطية والسياسية؛ لا يمكن تغافل التعاون والتنسيق السعودي - الهندي في المحافل الدولية للمتعددة الأطراف مثل الأممالمتحدة ومجموعة العشرين والذي يعزز التناغم في التكتلات العالمية وتوحيد القضايا ذات الاهتمام المشترك. وشهد النصف العام الحالي زيارات ثنائية متعددة على أعلى المستويات فيما توالت زيارات رئيس وزراء الهند ناريندرا مودي في عامي 2016 و2019، وزيارة سمو ولي العهد الأمير محمد بن سلمان في العام 2019، والتي تم خلالها الإعلان عن تشكيل مجلس الشراكة الإستراتيجي حيث أصبح هذا المجلس أعلى جهة لمؤسسة العلاقات بين البلدين. كما أجرى في الآونة الأخيرة، سمو وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان زيارة، للهند، في إطار سلسلة متواصلة للزيارات بين الجانبين والتي تركز على التطورات الثنائية والإقليمية والدولية. وكان رئيس وزراء الهند، ناريندرا مودي قد أعرب في تصريحات سابقة، عن حرص الهند على شراكة ارتباط اقتصادي أكبر مع المملكة بما في ذلك في القطاعات الرئيسة مثل الطاقة وتكنولوجيا المعلومات والصناعة الدفاعية تعزيز العمل المشترك والتنسيق الثنائي في القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وكل ما من شأنه تعزيز الأمن والسلم الدوليين. وثمّنت نيودلهي وقوف السعودية إلى جانب الهند بتقديم المساعدات الطبية لمواجهة أزمة تفشي فيروس «كورونا» كما أنها تدعم «رؤية المملكة 2030»، بالإضافة وزيادة الاستثمارات تتمتع الهند والمملكة العربية السعودية بعلاقات صداقة وود تجسد الروابط الاقتصادية والاجتماعية والثقافية التي تمتد إلى العديد من القرون الماضية. وإن القرب الجغرافي، والروابط الحضارية، والتقارب الثقافي، والتواصل الطبيعي، والروابط الحيوية بين شعبي البلدين، والتحديات والفرص المشتركة قد أضافت زخما إلى الروابط القوية بين البلدين. وهناك اتفاق لتدعيم الشراكةالاستراتيجية القائمة بآلية إشراف عالية المستوى من خلال إنشاء «مجلس الشراكة الاستراتيجية» بقيادة سمو ولي العهد ورئيس الوزراء الهندي، ويساندها تمثيل وزاري أوسع يغطي مجالات العلاقات الاستراتيجية إلى جانب زيادة تعميق التعاون التجاري والاستثماري بين البلدين من خلال مواءمة رؤية المملكة 2030 وبرامج تحقيق الرؤية ال13 مع مبادرات الهند الرائدة «اصنع في الهند» «ابدأ الهند» و»المدن الذكية» و»الهند النظيفة» و»الهند الرقمية»، خصوصا أن السعودي أبدى استعداده. لجذب استثمارات وخبرات القطاع الخاص والعام الهندي إلى المشاريع الضخمة القادمة في المملكة .. ويعتبر التعاون في مجال أمن الطاقة كركيزة أساسية للشراكة الاستراتيجية بين البلدين، كون المملكة هي أكثر موردي النفط الخام والغاز موثوقية في العالم وهي المورد الرئيس للهند وهناك رغبة من الجانبين مواصلة المشاورات السعودية - الهندية بشأن الطاقة إلى جانب الاستثمار والمشاريع المشتركة في المجمعات البتروكيماوية. وكان سمو ولي العهد على التزام المملكة بتلبية احتياجات الهند المتزايدة من النفط الخام والمنتجات البترولية، والتعويض عن أي نقص قد ينشأ نتيجة لأي تعطيل من مصادر أخرى، وفي مجال الإرهاب يؤكد الجانبين على الدوام، أن التطرف والإرهاب يهدد جميع الشعوب والمجتمعات، ورفضا أيضا أي محاولة لربط هذه الظاهرة العالمية بعرق أو دين أو ثقافة معينة، وتعزيز قيم التسامح والوسطية ورفض استخدام الإرهاب ضد الدول الأخرى، وتفكيك البنية التحتية للإرهاب أينما وجدت، وقطع كل أنواع الدعم والتمويل عن الإرهابيين الذين يرتكبون الإرهاب من أي دولة ضد بلدان أخرى، وتقديم مرتكبي أعمال الإرهاب إلى العدالة. ودعا الجانبان أيضا إلى الحاجة لاتخاذ المجتمع الدولي إجراءات منسقة ضد الإرهاب بما في ذلك من خلال اعتماد المعاهدة الدولية الشاملة حول الإرهاب الدولي في وقت مبكر.