من الخيرات الكثيرة والنعم الوفيرة التي منَّ الله سبحانه وتعالى وتفضل بها على هذه البلاد أن جعلها قمة في أعمال الخير وذروة في مكارم الأخلاق ومظان البذل والجود والعطاء والكرم والسخاء والمأوى والملاذ الآمن للملهوف وذي الحاجة والتفريج عن المكروب والوقوف مع المظلوم والانتصار له وغيرها من الصفات الجلى والسمات المثلى من الأعمال الخيرية والمجالات الإنسانية. ومن فضل الله تعالى وكرمه على هذه البلاد الطيّبة الطاهرة الخيّرة المعطاءة وقيادتها الرشيدة الحكيمة الواعية أن أعظم شأنها ورفع مكانتها وأعلى صيتها في كل المحافل الدولية حتى أضحت معروفة ب»مملكة الإنسانية» من بين سائر الأمم، فمنذ عهد المؤسس الفذ والأسطورة الخالدة الملك عبدالعزيز - طيّب الله ثراه - وأبناؤه البررة من بعده يبذلون الغالي والنفيس ويتسابقون على فعل الخيرات امتثالاً لقول الرب تبارك وتعالى: «وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا وَمَا تُقَدِّمُوا لِأَنفُسِكُم مِّنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِندَ اللَّهِ هُوَ خَيْرًا وَأَعْظَمَ أَجْرًا» (المزمل: 20). واستشعارًا بأهمية الدور المؤثر في تخفيف المعاناة الإنسانية ليعيش الإنسان حياة كريمة مُيسَّرة وانطلاقًا من دورها الإنساني والرائد تجاه المجتمع الدولي في جميع أنحاء العالم، شرعت المملكة العربية السعودية في إنشاء مركز الملك سلمان للمساعدة الإنسانية والإغاثة في مايو من عام 2015 ليكون مركزًا دوليًا مُكرَّسًا للعمل الإنساني والإغاثي، برأس مال مقداره مليار ريال، بتوجيه ورعاية سخية من خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز - يحفظه الله -. ويعتمد المركز في عمله على المبادئ التي تنبع من الأهداف الإنسانية السامية لتقديم المعونة للمحتاجين وإغاثة المتضررين في أي مكان في العالم بوسائل نقل متقدمة وآليات رصد دقيقة تنفذ من خلال مساعدة الأممالمتحدة والمنظمات الدولية والمحلية التي لا تستهدف الربح والتي تتمتع بموثوقية عالية ومصداقية أمينة في البلدان المستفيدة. وتشمل المساعدات والإعانات جميع قطاعات الإغاثة والأعمال الإنسانية (الإغاثة والأمن وإدارة المخيمات والمأوى والإنعاش المبكر والحماية والتعليم والمياه والصرف الصحي البيئي والتغذية والصحة ودعم العمليات الإنسانية واللوجستيات والاتصالات في حالات الطوارئ). وامتدادًا لتلك الأعمال الإنسانية والخيِّرة المتواصلة للمركز في التعامل مع آثار وتبعات الوباء العالمي (كوفيد 19) والعمل على الحد من انتشاره فقد أصدر خادم الحرمين الشريفين - يحفظه الله - توجيهاته العاجلة لدعم الجمهورية التونسية الشقيقة وكذلك دعم مملكة ماليزيا الشقيقة بإرسال اللقاحات والأجهزة والمستلزمات الطبية والوقائية لهما مما أسهم كثيرًا في تجاوز آثار جائحة كورونا بعد تضررهما الكبير جرّاء النقص الحاد في اللقاحات والأكسجين والمستلزمات الطبية الأخرى وارتفاع في الوفيات والإصابات من وباء تلك الجائحة، مما كان لهذه المساعدات بفضل الله من أثر إيجابي كبير في تجاوز آثارها وعودة الحياة إلى طبيعتها في تونسوماليزيا وقدموا شكرهم وعرفانهم إلى مقام خادم الحرمين وولي عهده الأمين على هذه اللفتة الكريمة. من جهة أخرى، ومن منطلق ما يقوم به مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية فقد جرى تسليم 25 طنًّا من التمور هديةً من المملكة لجمهورية تنزانياالمتحدة، مما يعكس حرص حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين - حفظهما الله - للوقوف مع الدول والشعوب الشقيقة والصديقة في مختلف الظروف والمحن. وامتدادًا لجهود المملكة الإنسانية الخيّرة للوقوف إلى جانب اللاجئين والمتضررين والنازحين في مختلف بقاع العالم قدمت من خلال منظمة الصحة العالمية والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين مساعدات طبية وإيوائية للاجئين من أوكرانيا بقيمة أربعين مليون ريال تستهدف أكثر من مليون شخص نازح يتضح منها جليًا مدى حرص المملكة على دعم الجهود الإنسانية لمساعدة ملايين اللاجئين والمتضررين والمحتاجين في أي مكان من العالم. كما أنه تم تنفيذ أكثر من 2000 مشروع من مشاريع المركز الإنسانية والإغاثية في 85 دولة حول العالم، وهذه المشاريع تغطي مختلف القطاعات الحيوية كالصحة والتعليم والمياه واالأمن الغذائي والإصلاح البيئي وغير ذلك من القطاعات المهمة. ويأتي كل ذلك ضمن البرامج التي تقدمها حكومة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز وسمو ولي عهده الأمين - يحفظهما الله - لعدد من الدول الشقيقة والصديقة؛ لتصل للأسر الأكثر احتياجًا في مناطق مختلفة من العالم. وبالنسبة لليمن الشقيق فقد قدمت له المملكة الكثير والكثير في شتى المجالات التنموية والإغاثية والإنسانية فمنها خدمات علاجية في مديرية عبس بمحافظة حَجَّة شملت عيادات الطوارئ والأمراض الوبائية والباطنية والصحة الإنجابية وعيادات الجراحة والتضميد والتوعية والتثقيف وتم صرف العديد من الأدوية والعلاجات الطبية، كما جرى تركيب وتشغيل جهاز أشعة مقطعية (CT-scan) في مستشفى ابن سيناء بمحافظة حضرموت، وذلك بالتعاون مع منظمة الصحة العالمية. كما يأتي ضمن مشروع دعم الأمن الغذائي للعام 2022 الذي ينفذه المركز باليمن توزيع مئات الأطنان من السلال الغذائية للأسر المتضررة والأكثر احتياجًا في مديرية الطلح بمحافظة شبوة استفاد منها آلاف الأسر والأفراد، كما تم توزيع أكثر من 192 ألف سلة غذائية تزن أكثر من 20 ألف طن على الأسر المحتاجة والمتضررة في 15 محافظة يمنية. و في قطاع الكهرباء كان للمملكة دور كبير وإسهام وفير في تحمُّل معظم تكاليف الربط الكهربائي بين دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية ودول عربية شقيقة كالعراق والأردن ومصر لما لذلك من مزايا متعددة منها على سبيل المثال تقوية الروابط البينية وتعظيم الوشائج الأخوية وتعزيز العلاقات التجارية، كما أنه يعتبر إحدى الاستراتيجيات والوسائل المهمة لنقل الطاقة الكهربائية المنتجة بين هذه الدول مما يساعد في تعزيز القدرات الكهربائية التي تحتاجها الأنظمة الكهربائية المترابطة وتحسين الموثوقية وسريان تدفق الطاقة دونما تدنٍّ أو انقطاع، بالإضافة إلى تخفيض الاحتياطي المطلوب في كل نظام كهربائي والمساعدة المتبادلة للطاقة في حالة الطوارئ والاستفادة من الفائض وتقليل تكلفة إنتاج الطاقة الكهربائية، كما أنه إحدى آليات فتح أسواق الطاقة وخلق فضاءات تعاونية فرعية أو إقليمية في هذا المجال. ومن خلال ما تم عرضه وبشكل موجز عن مساهمات المملكة العالمية في مجالات الخدمات والإغاثة الإنسانية والتعاون المتبادل ليعكس ما تقدمه المملكة من عطاء سخي وجود غير محدود في أنحاء المعمورة كافة، بل وستظل داعمة متفانية مخلصة في تقديم المساعدات الإنسانية حيثما وأينما دعت الحاجة لذلك، وبهذا فليس بمستغرب أن تتسنم المملكة ذروة العمل الإنساني لتعرف بمملكة الإنسانية لمبادراتها الخيرة وعطاءاتها السخية ولتصبح بحق واحة خضراء باسقة الأغصان وارفة الظلال موئلاً للإنسانية والسخاء والكرم والعطاء. * جامعة الملك سعود