تسارعت وتيرة الأحداث التي أقلقلت الشعب اللبناني، وأرقت مضجعه، وأربكت مساعيه في الخروج من أزمات وتحديات متتالية، فما بين فقر وجوع وبطالة واقتصاد متهاوي، تعثر القطاع الصحي اللبناني بصورة لافتة ومربكة، جرَّاء سياسات وممارسات أفقدته قدرته في احتواء المرضى، وسلبت من الأطباء والممارسين الصحيين قدرتهم على القيام بمهنتهم ودورهم في تسكين الآلام وإنقاذ الأرواح وتقديم الرعاية الطبية اللازمة. انهيار البنية التحتية عقب أزمة انفجار مرفأ بيروت، تفاقم تضرر القطاع الصحي بشكل لافت، وفقدت لبنان العديد من المستشفيات الرئيسة والمهمة، وأقفلت العديد من المستشفيات أبوابها عن استقبال المرضى، لعدم قدرتها على مجابهة الأزمات الاقتصادية، وارتفاع أسعار الدواء وشحه وصعوبة الحصول عليه، وتعاني أقسام الأطفال والطوارئ من ضغط كبير جدا، بسبب نقص الأدوية التي أصبح شراؤها أمراً بعيد المنال. تتخبط المستشفيات في تحديات مادية تهدد استمراريتها وتقيّد إمكاناتها في تقديم الخدمات ودفع رواتب ومعاشات الموظفين، الذين هاجر العديد منهم بحثا عن حياة كريمة، بعدما خسرت رواتبهم أكثر من 90 في المائة من قيمتها بسبب انهيار الليرة مقابل الدولار، حيث بلغ عدد الأطباء الذين غادروا لبنان أكثر من 3 آلاف طبيب، في حين بلغ عدد الممرضين والممرضات الذين غادروا لبنان نحو 5 آلاف ممرض وممرضة، وأقفلت أكثر من 600 صيدلية من أصل 3500 بشكل نهائي جرَّاء الأزمة الاقتصادية. كابوس مرير يؤرق لبنان خيم الخوف والهلع على القطاع الصحي اللبناني، جرَّاء فقدان العديد من أدوية الأمراض المزمنة والمستعصية، إضافة إلى نقص الأدوية المخدرة (البنج)، مما أدى إلى عجز الأطباء عن إجراء العديد من العمليات الجراحية، وتسببت أزمة شح الأدوية وانقطاع العديد منها من السوق اللبناني، بوفاة العديد من الحالات الحرجة، كان منها موت طفلة لم يجد ذويها الدواء الذي احتاجته لمعالجة لسعة عقرب، وتوفيت رضيعة بسبب مضاعفات صحية تعرضت لها بعد تناول دواء بديل لدواء مفقود احتاجت إليه. استهتار وإزهاق لأرواح الأبرياء ولا ينسى اللبنانيون المداهمات الوهمية لوزير الصحة اللبناني السابق (حمد علي حسن) مستودعات الأدوية المخزنة في جنوبلبنان بشكل مفاجئ، والتي أظهرت أن أصحابها ينتمون إلى ميلشيا حزب الله، حيث كشفت المداهمة أن ميليشيات حسن نصر الله يقوم باحتكار الأدوية ويخفيها ويخزنها لبيعها لاحقاً بسعر أعلى، مما تسبب في فقدان الأدوية من الصيدليات، ووفاة عدد من اللبنانيين لا سيما من الأطفال والمسنين، لكن الوزير الفاسد أطل مجدداً ليدافع عمن كان يتحدث عنه ويؤنبه وهو (عصام خليفة) كبير المحتكرين وأحد المنتمين إلى ميلشيا حزب الله. والموازنات كشفت أن مستشفى الرسول الأعظم التابع لحزب الله يحصل لوحده على 14.7 مليار ليرة، بينما حصلت أكبر ثلاثة مستشفيات في لبنان وهي (المركز الطبي في الجامعة الأمريكية في بيروت، ومستشفى القديس جاورجيوس الجامعي (مستشفى الروم)، وأوتيل ديو دو فرانس) على 16.4 مليار ليرة لبنانية. فيما كانت المستشفيات التابعة لحزب الله، خلال عام 2016، تتلقى 16 مليار ليرة لبنانية سنوياً من وزارة الصحة، وفي فترة الوزير السابق (حمد علي حسن) التابع لحزب الشيطان، تضاعف المبلغ إلى 30 مليارا. واقع مرير واقع مرير يتجرعه الشعب اللبناني، ويزج به في نفق مظلم لا يتخلل منه النور والأمل بالنجاة، الجوع والفقر والبطالة، وتحديات أخرى كثيرة، تسبب بها حزب الشيطان، وأقحم الشعب اللبناني في عزلة وأزمة خطيرة ومريرة، كما أزهق أرواح الأبرياء من الأطفال والنساء والمسنين، بممارساته الوحشية في القطاع الصحي، باحتكار الأدوية لبيعها لصالحه بأثمان باهظة، غير مبالي بأرواح اللبنانيين.