واصل رجال الإطفاء المنهكون جهودهم للبحث عن ناجين تحت أنقاض مركز تسوق أوكراني حيث تقول السلطات إن 36 شخصا ما زالوا في عداد المفقودين بعد هجوم صاروخي روسي أودى بحياة 18 شخصا على الأقل. وأثار هذا الهجوم، الذي وقع في مدينة كريمنتشوك بوسط البلاد بعيدا عن أي خط للمواجهة، موجة من الإدانات العالمية التي كان من بينها وصف الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون له بأنه "جريمة حرب". وقالت أوكرانيا إن موسكو قتلت مدنيين عمدا، وقالت روسيا إنها قصفت مستودعا للأسلحة وزعمت على غير الحقيقة أن المركز التجاري كان خاليا. وأعلن زعماء دول مجموعة السبع خلال قمتهم في ألمانيا خططا لمواصلة وضع حد أقصى لأسعار النفط الروسي، وهي استراتيجية جديدة تهدف إلى الحد من موارد روسيا التي تستخدمها للحرب دون أن تفاقم الأزمة الاقتصادية العالمية. وجلس رجال إطفاء مرهقون على الرصيف بعد عملهم في إخماد الحريق والبحث عن ناجين، غير أن غالب جهودهم ذهبت سدى. وقال أولكسندر، بينما يبلل وجهه من زجاجة ماء أثناء جلوسه على مقعد، إن فريقه عمل طوال الليل في رفع الأنقاض. وأضاف "انتشلنا خمس جثث، لم نعثر على أي شخص على قيد الحياة". واتهم الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي روسيا بتعمد استهداف المدنيين في واحدة من أسوأ "الهجمات الإرهابية في تاريخ أوروبا". وقالت وزارة الدفاع الروسية إن صواريخها أصابت مستودع أسلحة يخزن أسلحة غربية مما أدى لانفجاره واندلاع حريق امتد إلى المركز التجاري القريب، وقالت كييف إنه لم يكن هناك هدف عسكري في المنطقة، بما في ذلك مصنع قريب أصيب هو الآخر. وصفت روسيا مركز التسوق بأنه مهجور وخالٍ. لكن هذا يتناقض مع قول أقارب القتلى والمفقودين وعشرات الجرحى الناجين، مثل لودميلا ميخايلتس التي قالت إنها كانت تتسوق مع زوجها عندما ألقى الانفجار بها في الهواء. وأضافت، من المستشفى التي كانت تتلقى بها العلاج، "طرت برأسي أولا وأصابت شظايا جسدي. كان المكان كله ينهار". وقال زوجها ميكولا، الذي كانت الدماء تغطي ضمادة حول رأسه، "كان جحيما". وقال زعماء مجموعة السبع في قمتهم بألمانيا إن الهجوم "مقيت"، وأضافوا في بيان أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين والمسؤولين عن ذلك سيخضعون للمحاسبة. وقالت المدعية العامة الأوكرانية إيرينا فينيديكتوفا لرويترز "إن هذه مسألة تتعلق بالجرائم ضد الإنسانية"، وأضافت "أعتقد أنها مثل القصف المنهجي للبنية التحتية المدنية. ما الهدف؟ ترويع الناس وقتلهم لإثارة الرعب في مدننا وقرانا". وضع حد أقصى لأسعار النفط فرضت الدول الغربية عقوبات اقتصادية على روسيا، لكنها فشلت حتى الآن في تقليص مصدر الدخل الرئيس لموسكو المتمثل في عائدات تصدير النفط والغاز التي زادت في الواقع مع تسبب خطر تعطل الإمدادات في رفع الأسعار العالمية. وفي ختام قمة ألمانيا، أعلنت دول مجموعة السبع نهجا جديدا يتمثل في ترك النفط الروسي في السوق مع وضع حد أقصى للسعر الذي يمكن أن تدفعه الدول مقابل ذلك. وقالوا في بيان "ندعو جميع الدول التي تشاركنا الرأي إلى التفكير في الانضمام إلينا في إجراءاتنا". وقال مسؤول كبير في الإدارة الأميركية إن وضع حد أقصى للسعر الذي تدفعه الدول الأخرى لروسيا مقابل النفط "سيضغط على الموارد التي يملكها بوتين لشن حرب، وسيؤدي، ثانيا، إلى تعزيز الاستقرار وأمن الإمدادات في أسواق النفط العالمية". ومع انتهاء القمة ليبدأ اجتماع لحلف شمال الأطلسي في إسبانيا، قال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان إن المفهوم الاستراتيجي الجديد "سيصف بعبارات صارخة التهديد الذي تمثله روسيا والطريقة التي قوضت بها السلام في أوروبا". ويمثل ذلك خروجا عن سياسة حلف الأطلسي في مرحلة ما بعد الاتحاد السوفيتي والتي كانت تتعامل مع موسكو على أنها شريك محتمل. ورد ديمتري روجوزين، السفير الروسي السابق لدى الحلف ورئيس وكالة الفضاء الروسية (روسكوزموس) الحالي، بإصدار صور الأقمار الصناعية والإحداثيات لمواقع عقد القمة ووزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) والبيت الأبيض ومباني حكومية غربية أخرى. وأضاف "روسكوزموس تنشر صور الأقمار الصناعية لمقر القمة و'مراكز القرار' التي تدعم القوميين الأوكرانيين". وتنفي روسيا استهداف المدنيين عمدا في "عمليتها العسكرية الخاصة" التي دمرت مدنا وأودت بحياة آلاف الأشخاص وشردت الملايين. وجاء الهجوم على كريمنتشوك بعد أيام من تزايد الضربات الصاروخية الروسية بعيدا عن خط المواجهة، ومنها الهجمات الأولى على العاصمة كييف منذ أسابيع. وفي خاركيف، ثاني أكبر مدينة في أوكرانيا، حيث تم صد القوات الروسية في هجوم مضاد في مايو. وقالت السلطات إن خمسة أشخاص قُتلوا في قصف كانت من أهدافه مبان سكنية ومدرسة. الروس يحاولون اقتحام ليسيتشانسك في ساحات القتال في منطقة دونباس، عانت أوكرانيا من يوم صعب آخر بعد خسارتها الأسبوع الماضي لمدينة سيفيرودونيتسك التي تحولت لأنقاض. وتحاول القوات الروسية اقتحام ليسيتشانسك، الواقعة على الضفة الأخرى من نهر سيفيرسكي دونيتس مقابل سيفيرودونيتسك، لاستكمال سيطرتها على لوجانسك، إحدى المقاطعتين الشرقيتين التي تهدف موسكو لغزوهما نيابة عن وكلائها الانفصاليين. ولا تزال القوات الأوكرانية تسيطر على المدينة، لكن خسارتها لها محتملة مع تكثيف القوات الروسية لهجومها. وقال انفصاليون في لوجانسك إن القوات الروسية والانفصالية تتقدم غربا إلى ليسيتشانسك وإن معارك دارت في الشوارع المحيطة باستاد المدينة. وإلى الغرب في باخموت، ساعد متطوعون في إجلاء السكان المسنين من مسار التقدم الروسي. وحملوا تمارا كانونتشينكو (81 عاما) من منزلها ونقلوها إلى حافلة صغيرة للانضمام إلى آخرين من المقرر أن يغادروا بالقطار. ومنحت المستجدات في لوجانسك موسكو أكبر انتصاراتها منذ أسابيع، لكن أوكرانيا لا تزال تأمل في شن هجوم مضاد. بدوره، حدد مكتب الأممالمتحدة لحقوق الإنسان سلسلة من الانتهاكات وجرائم الحرب التي يحتمل أن تكون القوات الروسية قد ارتكبتها في أوكرانيا منذ بدء الغزو في 24 فبراير. وقالت ماتيلدا بوجنر، رئيسة بعثة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في أوكرانيا، في كييف الأربعاء إن روسيا تخوض حربا تنتهك القانون الدولي وإن "المدنيين ما زالوا يتحملون وطأة الأعمال العدائية". وأشارت بوجنر بشكل خاص إلى الهجوم على محطة القطار في كراماتورسك الخاضعة لسيطرة أوكرانيا في أوائل أبريل، والذي خلف 60 قتيلا و111 مصابا. وقالت بوجنر في مؤتمر صحفي تم ضبط توقيته ليتزامن مع صدور التقرير الجديد عن حصيلة الحرب، والذي يشرف عليه مكتب الأممالمتحدة لحقوق الإنسان، إن المناطق المكتظة بالسكان تتعرض للقصف بالمدفعية الثقيلة والهجمات الجوية، بينما تم استخدام الذخائر العنقودية بشكل متكرر في بعض المناطق. وخلص التقرير إلى أن هناك "أسبابا معقولة للاعتقاد بأن كلا من القوات المسلحة الروسية والمجموعات المسلحة التابعة لها، وكذلك - بدرجة أقل - القوات المسلحة الأوكرانية" قد استخدمت الذخائر العنقودية التي تنفجر في الهواء وتطلق سحابة من القنابل الصغيرة. وقالت يوجنر إن مراقبي الحرب سجلوا حتى الآن تضرر 202 مرفق طبي أو تعرضها للتدمير وكذلك 272 مؤسسة تعليمية، على الرغم من أن الرقم الحقيقي أعلى على الأرجح. وأضافت أنه حتى هذا الأسبوع، أسفرت الحرب عن مقتل أو إصابة أكثر من عشرة آلاف مدني، ومن بينهم مئات الأطفال الذين لقوا حتفهم. وأضافت : "أؤكد أن الأرقام الفعلية أعلى بكثير"، حيث قدرت عدد القتلى بأكثر من 4700 شخص.