الاقتصاد السعودي لا يتوقف عن تحطيم الأرقام القياسية، منتزعًا إعجاب وإشادة المراكز والمؤسسات العالمية، فكل يوم نرى إنجازًا جديدًا بحيث بات اسم المملكة العربية السعودية متصدرًا العناوين والأخبار، وعلى ألسنة الخبراء والمحللين الاقتصاديين. الإنجاز الأحدث هو تفوق المملكة العربية السعودية على دول مجموعة العشرين، مسجلة أفضل أداء اقتصادي خلال الربع الأول من العام الجاري، بنسبة نمو 9.9 % على أساس سنوي، متفوقة على الولاياتالأمريكيةالمتحدة والصين والاتحاد السوفيتي وكندا وألمانيا وفرنسا وإنجلترا وتركياوكوريا الجنوبية وجنوب أفريقيا واليابان وبقية دول مجموعة العشرين. وفق ما أكده الخبراء فإن نجاح الاقتصاد السعودي وتفوقه يرجع إلى قدرته على التعافي السريع من جائحة كورونا بفضل سلسلة الإصلاحات الهيكلية؛ التنظيمية والتشريعية والإدارية التي بدأت منذ عام 2016م؛ ونضجت مع صدور رؤية 2030، التي أطلقها صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان؛ ولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء؛ ووضعت استراتيجية ناضجة وواعدة للنهوض بالمملكة ككل، وبالاقتصاد السعودي بشكل خاص، وقد وضعت أهدافًا قصيرة المدى ومتوسطة وبعيدة، واضعة نصب عينها ضرورة العمل على تنويع مصادر الدخل، بعد أن تجمد الاقتصاد السعودي عقودًا طوالًا معتمدًا على النفط كمصدر وحيد للدخل القومي، آخذًا معه المملكة في صعوده وهبوطه، فجاءت الرؤية المباركة لتضع يدها على مواطن القوة في بلد غني حباه الله بالعديد من الثروات الطبيعية، والأهم غناه بالثروة البشرية ما أدى إلى النمو القوي في القطاع غير النفطي. سعت الحكومة السعودية لتعزيز تنافسية القطاع الخاص باعتباره شريكًا رئيسًا في التنمية، وعنيت بدعم وتنمية قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة مستهدفة رفع نسبة مشاركته في الناتج المحلي الإجمالي إلى 35 % بحلول العام 2030م، مع الاهتمام بريادة الأعمال والابتكار، مع تعزيز المحتوى المحلي من الصناعة، والاهتمام بالقطاعات الواعدة السياحة والترفيه وغيرها. وعلى الجانب الآخر؛ استفادت المملكة من ارتفاع أسعار النفط عالميًا حيث نما القطاع النفطي بنسبة 20.3 % خلال الربع الأول.، تزامنًا مع ارتفاع الإنتاج ضمن اتفاق تحالف "أوبك+"، ما انعكس على ارتفاع الناتج المحلي الإجمالي للمملكة ككل. الإنجاز الآخر هو ما أعلنه المركز الوطني للتنافسية، عن تحقيق المملكة ثاني أفضل أداء في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية (IMD 2022)، وتقدمها في 8 مراتب بين الدول الأكثر تنافسية في العالم، وتقدمت في جميع المحاور الرئيسة. وترجع أهمية هذا التقرير لأنه يصدر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية IMD، ومقره الرئيس في مدينة لوزان السويسرية، ويعد واحداً من التقارير المهمة، والمرجعية للمنظمات والمؤسسات الدولية، إلى جانب تقرير التنافسية العالمي الصادر عن المنتدى الاقتصادي العالمي (WEF)، ويستهدف تقرير مركز التنافسية العالمي إلى تحليل قدرة الدول على إيجاد بيئة داعمة ومحفزة للتنافسية، والمحافظة عليها وتطويرها، وهو يعد الأكثر شمولية في قياس مميزات الدول الأكثر تنافسية، حيث يقارن بين 63 دولة على أساس أربعة محاور رئيسة، إلى جانب 20 محوراً فرعياً، وأكثر من 330 مؤشراً فرعياً. وجاءت المملكة في المركز 24 عالمياً من بين 63 دولة، وفي المركز السابع على مستوى دول مجموعة العشرين، متفوقةً بذلك على دول ذوات اقتصادات متقدمة في العالم مثل: اليابان، كوريا الجنوبية، فرنسا، إيطاليا، الهند، الأرجنتين، إندونيسيا، المكسيك، البرازيل، تركيا. وتقدمت في أربعة مؤشرات رئيسة هي مؤشر الأداء الاقتصادي بعدد 17 مرتبة، و5 مراتب في محور الكفاءة الحكومية، و10 مراتب في كفاءة الأعمال، ومرتبتين في البنية التحتية. هذا التقدم في التنافسية أرجعته وزارة التجارة إلى تكامل الجهود لتحسين وتطوير بيئة الأعمال، ولعلي أنقل للقارئ الكريم ما قاله معالي وزير التجارة؛ رئيس مجلس إدارة المركز الوطني للتنافسية؛ الدكتور ماجد بن عبدالله القصبي: "إن النتائج الإيجابية التي حققتها المملكة في تقرير الكتاب السنوي للتنافسية العالمية (IMD)، وغيره من التقارير العالمية المعتبرة، هي انعكاس لأداء الاقتصادي الوطني، إن رؤية المملكة 2030 أسست لتكامل منظومة العمل الحكومي وتعزيز الكفاءة الحكومية التي أنتجت إصلاحات عززت نتافسية المملكة عالمياً، كما أسهمت في قوة الاقتصاد الوطني ومتانته وسرعة التعافي من آثار الجائحة، لتكون المملكة واحدة من أسرع الدول نمواً في العالم". وبحسب وزارة الاستثمار؛ فإن المملكة سعت بجهود حثيثة إلى تطوير بيئة الاستثمار من خلال إصلاحات تنظيمية وتشريعية ومبادرات عديدة؛ أسهمت في رفع جاذبية الاقتصاد السعودي، وتعزيز تنافسيته عالميًا، وخلق الكثير من الفرص النوعية في القطاعات الاقتصادية الواعدة.