واصل قطاع البتروكيميائيات تسجيل أرقام جيدة في صافي الأرباح بعد خسائر الربع الأخير من عام 2019 والنصف الأول من عام 2020، حيث بلغت الأرباح المجمعة للقطاع 12,179 مليون ريال بنسبة نمو تجاوزت 49 % ولكنها تقل قليلا عن أرباح الربعين السابقين بسبب الزيادة في أسعار اللقيم وربما نسبة بسيطة تعود إلى زيادة تكلفة التمويل بعد زيادتها في شهر مارس الماضي، إلا أن النمو الكبير في المبيعات ساهم كثيرا في التخفيف من أثر كلفة اللقيم واستطاعت بعض الشركات تنمية أرباحها مقارنة مع الربع السابق، على سبيل المثال سابك وهي أكبر مكون في القطاع تمكنت من رفع صافي أرباحها بنحو 30 % مقارنة مع الربع السابق، القطاع ككل حقق نموا في إيرادات المبيعات بنسبة 82 % على أساس سنوي وهذا يعد مؤشرا جيدا يعبر عن نجاح الشركات السعودية وقدرتها على تنمية صادراتها من المنتجات البتروكيميائية والقدرة على المنافسة وفتح أسواق جديدة، والحقيقة أن كل شركات القطاع استطاعت تنمية مبيعاتها خلال الربع الأول باستثناء المجموعة السعودية للاستثمار الصناعي التي لم تظهر في قوائمها المالية أرقام المبيعات، نظرا إلى تغيير الشركة الوطنية للبتروكيميائيات "بتروكيم" طريقة عرض قوائمها المالية خلال العام 2021م، وتوقفها عن طريقة التوحيد الكامل لقوائمها المالية مع الشركة السعودية للبوليمرات، وشركة بوليمرات الخليج للتوزيع، وعرض استثماراتها فيها وفقاً لطريقة حقوق الملكية، وذلك أدى لتغيير المجموعة طريقة عرضها لقوائمها المالية أيضا، وبناء عليه لم تظهر البنود المالية (مبيعات وإجمالي الربح) في قائمة الدخل. ارتفاع أسعار اللقيم الشركات البتروكيميائية واجهت خلال الربع الأول مشكلة ارتفاع أسعار اللقيم وخصوصا اللقيم المستورد حيث ارتفع البروبيلين والبولي بروبيلين بسبب ارتفاع أسعار اللقيم نتيجة الطلب الكبير على الغاز ونقص المعروض في أوروبا، وكان أحد الأسباب الرئيسة في زيادة الأسعار هي الحرب بين روسيا وأوكرانيا، ونعتقد أن الشركات ستواجه مشكلة ارتفاع أسعار اللقيم طالما أن الحرب مستمرة، ولذلك من المهم التكيف مع الأسعار المرتفعة وتمريرها للمشتري أو تقليص هوامش الربحية ومواصلة تنمية المبيعات، خصوصا الشركات التي لديها قدرة إنتاجية كبيرة وتستطيع تصدير كميات كبيرة من المنتجات وبالتالي سوف تحقق نتائج جيدة حتى مع انخفاض هوامش الربحية، أيضا مع توجه الفيدرالي الأميركي لزيادة أسعار الفائدة على الدولار خلال هذا العام لمواجهة التضخم، ربما تصل مع نهاية العام الحالي إلى 4 %، كما تشير بعض التوقعات، هذه النسب العالية سوف تنعكس على تكاليف التمويل، وترتفع نتيجة لذلك مصاريف الشركات التي لديها حجم تمويل مرتفع، والحقيقة أن بعض الشركات استفادت خلال السنتين الماضيتين من الأرباح التي تحققت لها وخفضت من حجم مديونياتها بالإضافة إلى تغطية خسائرها المتراكمة، كيان وهي إحدى الشركات التي عانت منذ تأسيسها من المديونة العالية التي وصلت إلى نحو 30 مليار ريال أي ضعف رأس المال وتسببت في زيادة تكاليف التمويل التي كانت تستقطع نحو مليار ريال من أرباح الشركة، ولكن مع نهاية الربع الأول نجحت الشركة في خفض مديونيتها إلى أقل من 12 مليار ريال مع أرباح مبقاة في حدود 900 مليون ريال، أيضا شركة بترو رابغ فبعد أن تقدمت إلى هيئة السوق المالية بطلب خفض رأس المال لتغطية خسائرها المتراكمة توقف هذا الإجراء بعد أن حققت الشركة أرباحا عالية في الربع الأول مكنتها من سداد كل الخسائر المتراكمة فتحولت التوصية من خفض رأس المال إلى زيادة رأس المال عبر إصدار حقوق أولوية لسداد بعضا من القروض التجارية وتحويل قروض الشركاء المؤسسين إلى أسهم وهذا من شأنه خفض تكاليف التمويل مع أن حجم التمويل المتبقي بعد إصدار حقوق الأولوية لا يزال مرتفعا، ولكن الشركة تجاوزت الكثير من الصعوبات التي واجهتها والفترة القادمة ستكون مرحلة جديدة نحو استدامة ماليتها. إن التحولات الدراماتيكية التي تشهدها أسواق النفط العالمية، تستدعي النظر إلى الصناعات البتروكيميائية كبديل حتمي لتصدير النفط مستقبلا خاصة وأن أرامكو وسابك قد قطعتا شوطا كبيرا في تطوير تقنية تحويل البترول إلى كيميائيات هذا المشروع الاستراتيجي المهم الذي يعتقد بأنه سيقلب موازين مواد اللقيم المستقبلية ويضيف فائدة اقتصادية بإنتاج مواد ذات قيمة مضافه تسمح للشركات السعودية لمنافسة الشركات العالمية في الجودة والأسعار.