تتحلى منطقة نجران، والتي تقع في جنوب المملكة، بإرث ثقافي متنوّع يتعلّق بالعادات والتقاليد، وإعداد المأكولات المختلفة، والأواني المزخرفة التراثية، وتشتهر نجران أيضاً بالنخيل، والتمور، وكرم الضيافة، والألفة، والتآلف، والتكاتف، الموجودة بين سكانها، وتشتهر بها المنطقة، كما أن تمازج الماضي وما يحمله من قيم وموروثات ثقافية وشعبية ارتبطت بحاضرها. ورغم اتفاق جل المدن ومناطق السعودية في عادات شهر رمضان، إلاّ أن لمنطقة نجران وأهلها ما يخصهم من التقاليد التي تتميز بها المنطقة في شهر رمضان المبارك، كما أنها واحدة من أقدم المناطق التاريخية في الجزء الجنوبي من الجزيرة العربية، والتي توارث الأحفاد عن الأجداد عاداتهم، فيما يتعلق بالطعام، وزياراتهم، وأدق تفاصيلهم. وقد اشتهر أهلها ببساطتهم، وطيبتهم وشجاعتهم، وفي رمضان كانت المجالس تبدأ بعد العشاء وتتوقف قبل منتصف الليل، وتبدأ الزيارات عادة من أجل التهاني في أول الشهر الكريم، ثم تستمر طوال شهر رمضان كنوع من الأنس والترفيه والتواصل بين الأهل والأقارب والجيران. وفي نبض نجران التي تميزت بالعديد من الموائد النجرانية منذ قديم الزمن إلا أنها لا تزال تحتفظ بجمال ورونق مائدتها، فقد كانت المائدة القديمة مختلفة عن المناطق المجاورة لها، حيث عرفت بأنها متنوعة وغنية، كما عرفت بخصوصية بعض الأطعمة والأكلات التي لا تجدها إلا في نجران. ورغم أن للمائدة النجرانية خصوصية في رمضان، إلا أنها تتشابه في العديد من الأطعمة مع بقية مناطق الخليج والجزيرة العربية، مثل: التمر واللبن والمرقوق وبعض الأكلات الأخرى المنتشرة في المنطقة، ويأتي تميزها ببعض الأطباق التي كانت نجران حاضنة لها على مر العصور، ومن هذه الأكلات التي تكون عادة موجودة في أغلب موائد أهل نجران القديمة، كالبر والسمن، والوفد والمرق، والرقش. كما أن قائمة المأكولات النجرانية الشهيرة مثل «الرقش» والتي تتزين بها السفرة الرمضانية، وتتكون من رقائق البُر المخبوزة على صاج يُسمى «سلاة» أو في داخل التنور المعروف، وبعد نضجها تقطع قطعاً صغيرة في الإناء الحجري الشهير «المدهن»، حيث يُشبع بالمرق ثم يضاف فوقه اللحم، ويُغلف بغطاء جميل من الخُوص وسعف النخل المُلبس بأبهى الجلود. وتتزين المائدة الرمضانية النجرانية ب»المرضوفة»، والتي تصنع من البُر الخالص، ويوضع في منتصفها حفرة يصب فيه من سمن البقر أو الغنم البلدي، وبعد ذلك تسخن حجراً أملس حتى يحمر ثم يوضع في الطحين ومباشرة يوضع على السمن؛ هذه إحدى وجبات الإفطار المفضلة في منطقة نجران. أما «الوفد» فهو من البُر (القمح)، حيث يوضع بعض خبزه في إناء ثم يضغط بواسطة اليد حتى يصبح كالكرة، ثم يوضع في آنية تسمى مطرح، ويقدم معه إناء به مرق، وهو شائع الانتشار في الكثير من المناسبات، وتسمى الأكلة (وفد ومرق). «البُر والسمن» عمل البُر كطريقة عمل الوفد، ثم يوضع في إناء، ويفتح في وسطه فتحة يصب فيها السمن، قد يُضاف العسل وأحياناً الرُّب (الدبس) ويقدم كوجبة إفطار. كما تتزين منطقة نجران ب الفوانيس التي تقوم الأسر بشرائها، خصوصاً الصغيرة والورقية والتي تقدم للأطفال أو لتزيين المنزل بها، ويقوم البعض بصناعة هذه الفوانيس بشكل يدوي وبمساعدة الأطفال أيضاً، فألوانها تبعث الفرح والبهجة طيلة الشهر الفضيل.