هناك الكثير يعتقد أن الاعتذار نقطة ضعف وأنه دليل انكسار وهزيمه لا تليق بهم وبمكانتهم الاجتماعية فتجده يكابر ويرفض الاعتذار بينما الاعتذار من شيم الكبار والاعتراف بالحق لا يقوم به إلا ذو مروءة وإنسان شجاع. نحن بشر وغير معصومين من الخطأ كلنا نخطئ ويخطئ من يظن غير ذلك ولا يرفض الاعتذار إلا من يصنف نفسه أنه من الطبقة المثالية التي لا تخطئ ولكن محاسبة النفس ذاتها والرجوع عن الخطأ يحتاجان إلى قوة محركة في داخل الإنسان. إن الاعتذار ليس بسيطاً بل يحتاج إلى شعور حسيب مسؤولية الشخص عن ما بدر منه وترجمة ذلك إلى فعل ملموس. الاعتذار ليس كلمة تقال في زحمة الحديث وتبرير الخطأ، بإيجاد مخرج من الورطة التي سببها سلوك ما خاطئ، ولكنه الاقتناع التام بأن هناك خطأ حصل ويجب تصحيحه، وهذا الخطأ هو ما أوجب الاعتذار، وبالتالي فإن نوع الاعتذار لابد وأن يقترن بنوع الخطأ وحجمه. أن نخطئ فنعتذر لا يعني أننا أشخاص سيئون طبعاً بل جيدون لأننا نحاول إصلاح أخطائنا، فليس من بشر معصوم عن الخطأ إلا سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم. لماذا في بعض المجتمعات عندما تخطئ النخب أول مطالب لهم هو دعوة المخطئ للاعتذار عن خطئه؟ لأن الاعتذار جزء لا يتجزأ من مقوماتهم وثقافتهم الفكرية يزرعونه في أطفالهم منذ الصغر لا شك أن الاعتراف بالخطأ يعد فضيلة، وكذلك الاعتذار عنه فضيلة أخرى، فضيلتان تعززان الحفاظ على روابط الألفة والمحبة بين البشر، وهما في نفس الوقت وسائل تمنعنا من فقدان من نحب. الاعتذار بلسم يشفي الكثير من الجروح، ويمنع تطور الخصومة إلى جفاء فعداوة. هناك نقطة يجب أن أوضحها لمن لا يعتذر لمن هم دونه ويتعالى عليهم ولكنه لا يتردد في بذله لمن هم أكبر منه مكانه أو لجهة نافذة يخاف ردة فعلها. هذا من وجهة نظري يعتبر ضعفاً وعلى كل حال الاعتذار لغة النفوس الراقية التي تحترم ذاتها والرجوع للحق فضيلة.