منذ فترة زمنية ليست بقليلة لم نشهد مواجهة مهمة جدا في دربي الرياض بين الهلال والنصر كما هي المواجهة الأخيرة، بل لعلها أهم من مواجهة نصف نهائي دوري أبطال آسيا، فتوقيت المباراة كان حساسا للغاية، وخاصة للنصر الذي كان يقف على مفترق طرق خطير جدا في مسيرته الكروية، ولكي تتضح الأمور أكثر، دعونا نسرد باختصار شديد سيناريو المباراة لو أن الهلال هو الذي فاز في المباراة، ومن هذا السرد سيتضح لنا لماذا هذه المباراة بالتحديد كانت الأهم والأكثر خطورة على النصر العالمي، وكان من الممكن لو لم يكن فوز النصر، أن يكون الهلال قد أقفل ملف اسمه دربي التحدي، ونقلت رئيس نادي النصر إلى خانة لن ترحمه تاريخيا أبدا. لو فاز الهلال من حيث الناحية النفسية، فهذا الفوز الثاني على التوالي في مواجهات الدربي بعد دربي آسيا، ولبقي النصر في المركز الثامن في سلم الدوري فاقدا للهوية والثقة بالنفس، ولتقدم الهلال نحو النقطة 23 بفارق ثلاث نقاط عن المتصدر الاتحاد ومع وجود مباراة مؤجلة لهما، وبعد الخروج الآسيوي والصفقات التي نفذها النصر، وتخسر مواجهتين أمام الهلال، إحداهما تخرجك من آسيا والأخرى تخرجك من الدوري، وكلتاهما تخرجانك إعلاميا ونفسيا وجماهيريا من الجو العام للمنافسة، ولدخل النصر في غرف الإنعاش بشكل مستعجل، ولعصفت الخسارة بالنادي إدارة ورئاسة، وفقد اللاعبون ثقتهم بأنفسهم، لأن هكذا فريق بهكذا قوة يصبح الغاية لديه فقط البقاء في الدوري سيكون أمرا صعبا وصعبا للغاية. نعم، راهن الهلال على حظه وعلى تراجع الحالة العامة للثقة بالنفس لدى النصر، لهذا كان واضحا منذ بداية المباراة أن الهلال لم يعد للمباراة بشكل خاص، وأن الهلال لم يرسم الخطة بشكل محكم لكي يوجه ضربة قاضية للنصر، لعب الهلال وهو يراهن على أن النصر سيهزم نفسه، لكن النصر كان عند الموعد، وتجلت قدرات لاعبيه الحقيقية عندما وضعوا عند النقطة الحاسمة، وقدموا مباراة رائعة جدا جعلتهم يوقفون النزيف الداخلي، ويقفوا على أقدامهم من جديد، في المركز الخامس خلف الهلال مباشرة بنقطة واحدة، وموجهين رسالة للمقدمة أننا قادمون، فمبارك لنادي الشمس النصراوي، وهاردلك للهلال الزعيم، لكن هذه النتيجة أشعلت الدوري من الجديد، والاتحاد والشباب وضمك، يعلمون جيدا أن هنالك وحشا استيقظ من سباته وهو قادم باتجاههم بقوة وعزيمة ورغبة في تحقيق الدوري. وبالتزامن أسدلت الستارة على بطولة كأس العرب المقامة في الشقيقة قطر، بنهائي رائع جدا جمع المنتخبين الجزائريوالتونسي، واللقب راح لمحاربي الصحراء المنتخب الجزائري، حقيقة هذه البطولة لم نشهد مثلها من قبل، مواجهات ربع ونصف النهائي كلها دراماتيكية، خسارة مصر أمام تونس، خسارة قطر أمام الجزائر، وكلتا المباراتين في الثواني الأخيرة من الوقت الإضافي المحتسب على الوقت الإضافي، خاصة بين قطروالجزائر، ففوز الجزائر أنقذ البطولة بعد إضافة الحكم 9 دقائق وقتا إضافيا والجزائر متقدمة، عادلت قطر، والكل أخذه الشك، ولكن عودة الجزائر وتسجيلها هدفا بضربة جزاء، أثبت أن البطولة لا غبار عليها، مبارك للجزائر اللقب، ومبارك لقطر التنظيم، ومبارك لكل المنتخبات العربية هذه الروح وفرص اللعب على ملاعب كأس العالم 2022. د. طلال الحربي د. طلال الحربي - الرياض