بطولة كأس العرب المقامة حالياً في الشقيقة قطر، والتي هي بطولة رسمية معترف فيها من الاتحاد الدولي لكرة القدم، حقيقة هي بطولة قديمة جديدة، تغيب وتعود، ولا شك وبدون مجاملات أن هذه البطولة بالتحديد ترتبط بعوامل كثيرة لعل أهمها العوامل السياسية بين الدول العربية، لهذا نراها تختفي ثم تعود وفقاً للأجواء العامة السائدة في الوطن العربي الكبير، ولكن ولكي نكون أكثر منطقية وأكثر إيجابية، فعلينا التعامل مع هذه البطولة المقامة حالياً في الدوحة على أنها بطولة مستمرة، ولا بد من إيجاد وتوفير عوامل بقائها واستمرارها، كمنظومة رياضية فوق اعتبارات السياسة والتحالفات وأي ملفات أخرى. نريدها أن تكون بطولة شعبية، تجمع الشعوب وليس الاتحادات، نريدها أن تقرّب لا أن تبعد، ونريد من الاتحادات العربية أن تولي أهمية كبرى لهذه البطولة، حتى تصبح بطولة تنافسية قوية مثمرة، أن تشكل فرصة حقيقية لشبابنا العربي بالظهور والإبداع، نعلم جيداً أنه باستثناء فريق أو اثنين في آسيا، وأربعة فرق في أفريقيا، فإن حظوظ العرب في التواجد في بطولة كأس العالم شبه معدومة، وكذلك باستثناء ثلاث فرق في آسيا، فإن حظوظ بقية العرب في بطولة أمم آسيا أيضاً شبه معدومة، ولهذا يحتاج شبابنا إلى بطولة دولية قوية تجمعهم ليقدموا أنفسهم، خاصة في ظل تطبيق أسس وأصول الاحتراف في غالبية الاتحادات العربية. اليوم قد يظهر لاعب عربي قوي في البطولة، وقد يقوم نادٍ سعودي أو إماراتي أو قطري بالتعاقد معه، وبالتالي المزيد من الاحتراف والمواهب والمنافسة، والأمر اليوم في بطولة قطر أن الجوائز عالية جداً، وبالتالي هنالك مشاركة عربية واسعة، أيضاً امتياز أن المنتخبات العربية ستلعب على ملاعب كأس العالم 2022، وهذا امتياز قوي سواء للمنتخبات أو لدولة قطر لعمل تجريب على أرض الواقع، كذلك الأمر هو تقرير للمستويات العربية الفعلي، تجربة لهم لعمل معسكر قبل تصفيات كأس العالم أو التصفيات القارية أو النهائيات، فرصة لإدارات المنتخبات تجربة المزيد من اللاعبين سواء من الصف الثاني أو الاحتياط في أندية بطولات الدوري المحلية. المهم أن تبنى رسالة إعلامية قوية لكل الشعوب العربية، أن تقبل فكرة الاستمرار بالتواصل والتعاون والتنافس الشريف، وأن نبتعد كشعوب عن الملفات السياسية والخلافات المؤقتة، العالم كله يتغير وينهض ويتقدم، ونحن يجب أن نكون كذلك، نريد في البطولة القادمة أن تحضر المنتخبات أفضل لاعبيها المحترفين، مثل محمد صلاح ورياض محرز والزياش المغربي وموسى التعمري الأردني، وأن ترسل السعودية فريق الصقور الخضر بكامل قوته بدلاً من الصف الثاني أو الأولمبي. وعطفاً على مباراة منتخبنا أمام شقيقه الأردني، نبارك أولاً للنشامى فوزهم، ونبارك أيضاً للاعبي منتخبنا الشباب حماسهم واندفاعهم، وهذا أول درس مستفاد نتعلمه من هذه البطولة وهذه المباراة، أن فريق الشباب أو الأولمبي كذلك لا بد وأن يظهر بمظهر قوي ومناسب، الأمر ليس للتجربة ومنح شرفية المشاركة، كان واضحاً أن مدربنا لم يقرأ المباراة صح، ولم يقرأ الخصم صح، ولم يجهز لاعبيه لمواجهة فريق متمرس قوي يمتلك الخبرة المناسبة خاصة في مواجهتنا، حتى لو لم نشارك بفريقنا الأول، المفترض أن يكون الفريق الثاني تقريباً بنفس مستوى الأولى، لا بأس أن يخسر، لكن أبداً غير مقبول ظهوره بلا مستوى ولا خطة ولا تكتيك، مجرد شباب قوي مندفع متحمس يركض في الملعب بمهارات فردية، سأتابع بطولة كأس العرب، وسأنتظر بقية مباريات منتخبنا دون تأمل بالتأهل، لكن سأتابع حقاً المغرب والجزائر ومصر وقطر والعراق والإمارات، ولعلها الفرق الأقوى في البطولة، وحتماً سنكتشف لاعبين جدداً بأسماء جديدة ومستويات عالية، علنا نراها في دورينا السعودي أو الدوريات العالمية. د. طلال الحربي