تشهد العلاقات بين الولاياتالمتحدةوتركيا توترات منذ سنوات، وهي ترجع في الأساس إلى الخلاف بين الدولتين حول شراء أنقرة منظومة إس-400 الصاروخية الروسية للدفاع الجوي، وقرار واشنطن بعدم تزويدها بطائرات إف-35 المتفق عليها من قبل، وكذلك إلى التوتر في شرق البحر المتوسط، والسياسة الخارجية للدولتين تجاه بعض القضايا الدولية. ورغم ذلك، يرى الكاتب الأميركي دانيال روث، مدير الأبحاث في منظمة "متحدون ضد إيران نووية" في تقرير نشرته مجلة "ناشونال إنتريست"، أن الرئيس الأميركي جو بايدن في وضع فريد اليوم لإنهاء محاولة تركيا تقويض الأمن الأوروبي ووقف تحولها الخطير نحو روسياوإيران. فالمعروف أن تركيا تسعى جاهدة للحصول على طائرات إف-16 الأميركية ومعدات التحديث. ومن ناحية أخرى، يشهد الدعم السياسي الداخلي للرئيس رجب طيب أردوغان تراجعاً شديداً، ويمكن لبايدن أن يدرك أن لديه فرصة لتحقيق أهداف استعصت على أسلافه، فبإمكانه وقف خروج تركيا من الفلك الغربي مع تدعيم الأمن القومي الأميركي بضربة ضد إيران. ويقول روث إنه لكي توافق الولاياتالمتحدة على مبيعات المعدات العسكرية لأردوغان، يتعين على تركيا خفض حجم تجارتها مع إيران، وقطع السبيل أمام وصول إيران إلى البنوك التركية، وتصنيف حزب الله منظمة إرهابية. وبالنسبة للتجارة، تعتبر تركيا جسر إيران للحصول على البضائع الأوروبية، ويتعين وقف ذلك، بحسب روث الذي يرى أن الحدود التي يبلغ طولها 330 ميلاً بين تركياوإيران نقطة ضعف واضحة بالنسبة لتنفيذ العقوبات الأميركية والأوروبية. فمنذ عام 2016 حددت منظمة "متحدون ضد إيران نووية" أكثر من 70 شركة تركية يشتبه أنها تتعامل بصورة غير مباشرة مع النظام الإيراني، وقامت المنظمة بالتواصل معها. ويتعين على تركيا أن تقيد بشكل قوى التدفق التجاري لإيران من خلال إغلاق حدودها البرية معها، وهو ما فعلته مرات كثيرة في الماضي القريب. وأضاف روث أنه يتعين على تركيا أيضاً منع بنك عودة وفرعه التركي من العمل داخل حدود إيران. ووفقاً لقضية فيدرالية، يعد بنك عودة واحداً من 13 بنكاً لبنانياً يدعمون منذ وقت طويل إنتاج القنابل والذخيرة التي يصممها حزب الله، وتصنعها إيران. ومثل تلك القنابل قتلت أو جرحت أكثر من 1000 أميركي كانوا يعملون في العراق. وكخطوة تكميلية، يتعين على أنقرة منع جميع البنوك التركية من التعامل مع البنوك المتهمة بغسل الأموال وتسهيل الإرهاب الذي ترعاه إيران. وبالمثل، يجب على بايدن أن يكون مستعداً لمنع البنوك الأميركية من الارتباط بعلاقات مراسلة مع المؤسسات المشتبه بها، وهذا من شأن القيادة القائمة على المبادىء، والالتزام تجاه دعم السيادة اللبنانية. وبالنسبة لتركيا، سوف يساعد ذلك في تحسين الثقة في التجارة ويوضح أن ممارسة التجارة في تركيا ذات مخاطر منخفضة؛ لأنها ليست كذلك الآن. كما أن كل ذلك سوف يساعد في تحسين سمعة تركيا المالية العالمية، التي عانت من ضربة في 21 أكتوبر الماضي عندما أضافت مجموعة العمل المالي تركيا إلى قائمة الدول ذات "النواقص الاستراتيجية" في لوائحها الخاصة بمنع غسل الأموال ومكافحة تمويل الإرهاب. ويقول روث إنه ينبغي أيضاً على تركيا الانضمام إلى الدول الأوروبية الاثنتي عشرة والأعضاء التسعة في مجموعة العشرين، الذين صنفوا حزب الله بصفة كاملة أو جزئياً، كمنظمة إرهابية. وقد اعترف كل منها بالتأثير الضار لحزب الله على لبنان وقيمة جهود حزب الله بالنسبة لإيران من خلال تزويدها بقاعدة تشغيل متقدمة على البحر المتوسط. ويجب أن يطلب بايدن إجراء مماثلاً من أنقرة. كما يتعين أن يتصدر ذلك طلب أن يكون مثل هذا التصنيف كلياً. ويضيف روث أن من المحتمل أن يجد بايدن آذاناً صاغية لمثل قائمة الرغبات هذه. وعموماً، فقد تدهورت العلاقات بين إيرانوتركيا بشكل ملحوظ خلال العام الماضي، وأحبطت أجهزة الاستخبارات وإنفاذ القانون خطة إيرانية لاختطاف مسؤول عسكري إيراني سابق يعيش في تركيا، لنقله إلى طهران. وسبق ذلك ما وصل إلى حد قطع العلاقات بسبب دعم إيران لعدو تركيا اللدود، أرمينيا، في حرب ناغورنو قرة باغ عام 2020. ولا بد أن يكون لدى تركيا استعداد للتراجع في العلاقات مع النظام الإيراني، ولكن إذا لم يكن الأمر كذلك، فإن لدى الولاياتالمتحدة الآن القوة للضغط على أردوغان لإصلاح المسار. ويختتم روث تقريره بالقول: إن أردوغان قال مؤخراً "سيكون الموضوع الأكثر أهمية هو قضية الطائرات إف- 35 الخاصة بنا"، في إشارة إلى جهود تركيا لاستعادة استثماراتها المفقودة بعد وقف استحقاقها لتلك الطائرات في أعقاب تلقي أنقرة المنظومة الصاروخية الروسية. ويتعين على بايدن التعرف على مدى أهمية هذا الأمر، ومدى استعداد أردوغان لإصلاح العلاقات بين الولاياتالمتحدةوتركيا.