أكد مختصون في الشأن العراقي والعربي بأن محاسبة مرتكبي محاولة الاغتيال الفاشلة التي كانت تستهدف رئيس مجلس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مطلب دولي، فهي ليست استهداف للدولة فقط، بل كانت استهداف للشعب بأكمله وخاصة بعد أن اختار المجتمع العراقي مصيره برفض أي تدخلات خارجية تمس أمن واستقرار وطنه. وحول ذلك قال أمين عام المجلس الإسلامي في لبنان د. محمد الحسيني: بأن الشعب العراقي يعاني منذ سنوات من المافيات التي تمارس الإرهاب بكل أنواعه على الشعب وتهدد النخب السياسية التي تعاديها وتقوم بتصفية الكثير من الشخصيات الوطنية داخل وخارج العراق، لذلك أصبحت تشكل تهديداً على أمن واستقرار هذا البلد، ما يستدعي تحرك دولي لتشديد العقوبات على كل المتورطين في هذه العمليات الإرهابية لوضع حد لهذا التهديد الأمني الخطير. وأضاف الحسيني: أن هذه الميليشيات يقوم مشروعها على تفتيت المشروع الوطني العراقي ومحاربة الدولة العراقية، فهي لا ترغب في عراق مستقل ذي سيادة، بل تريده عراقاً ضعيفاً مفتتاً منقسماً لتتمكن من السيطرة عليه وتنفيذ مشاريع خارجية أصبحت معروفة للجميع. وأكد أن الشعب العراقي الأصيل المثقف أصبح اليوم بكل طوائفه يقف في وجه هذه الميليشيات، وسينتصر عليها بفضل وعيه بخطورة هذه الميليشيات الإرهابية التي ترهن قراراتها لجهات مشبوهة لا تريد خيرا لا للعراق ولا لشعبه، وأكد بأن تحرك الحكومة العراقية الحالية بقيادة مصطفى الكاظمي بشجاعة لمواجهة المحاولات التي تقوم بها الميليشيات الإرهابية لفرض سيطرتها على الدولة، وانفلات السلاح، وتصدت لهجمات تنظيم داعش الإرهابي على أهالي المناطق المحررة من قبضته، كما تصدت لاستهداف الناشطين السلميين واغتيالهم، وكشفت عن المتورطين في بعض هذه الجرائم. وأضاف الحسيني أن هذه الميليشيات تحاول إضفاء الشرعية على وجودها تحت مبرر محاربة الدواعش، لكنها مبررات واهية ولا أساس لها من الصحة، بل هي التي تمثل الإرهاب وتموله، وهي التي تحارب الدولة العراقية وتريد أن تبقيها ضعيفة، وكل ما تقوم به هذه الميليشيات هو اغتيال خير القيادات السياسية والنخب العلمية التي تعارض وجودها، ليهيمن الخوف عليها وتكتم أصواتها. وشدد الحسيني بأن مشكلة الميليشيات الإرهابية اليوم لم تعد مع جهة دون أخرى أو طائفة دون طائفة أخرى، مشكلتها أصبحت مع شعب بأكمله، شعب عانى الأمرين، بسبب الفساد والاستبداد والانفلات الأمني، لذلك هو يرى في حكومة الكاظمي بصيص أمل لعودة العراق دولة قوية بمؤسساتها وقرارتها السيادية لإدارة شؤون البلاد من خلال العودة إلى علاقات صحية مع دول الجوار. وأوضح بأن محاولة الاغتيال الفاشلة لرئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي تطوراً خطيراً في ممارسات الميليشيات الإرهابية ضد الدولة العراقية، بعد أن تعمدت سابقاً الإساءة له، والضغط عليه عبر تسيير المواكب المسلحة ونشر عناصرها في الشوارع، فضلاً عن استهدافها المنطقة الخضراء، والمطارات والقواعد العسكرية، ومبنى جهاز المخابرات الوطني العراقي، بالقذائف الصاروخية والطائرات المسيرة. بدورها ذكرت الإعلامية العراقية المختصة في الشؤون السياسية نغم التميمي بأن محاسبة كل جهة خارجة عن القانون مطلب محلي قبل أن تكون مطلبا دوليا، ومحاولة اغتيال رئيس مجلس الوزراء مصطفى الكاظمي هي ليست محاولة استهداف منزل رئيس الوزراء العراقي فحسب بل هي استهداف لسيادة العراق واستقلاله ووحدته، وبالتالي بات ضروريا إيقاف هذه الأيادي التي تعبث بأمن العراق، بل يجب محاكمتهم دوليا وإنزال القصاص الفوري بهم. وأضافت بأن الانتخابات الأخيرة بنتائجها رغم أنها شهدت إقبالاً قليلاً وربما تكاد تكون النسبة غير مفرحة، ولكن النتائج عبرت عن مدى تمسك الشارع العراقي بالقانون وتطبيقه، وهو ما شهدته حكومة الكاظمي رغم فترتها القليلة، وعبرت صناديق الاقتراع عن التغيير الجذري لتوجه الشعب العراقي من خلال اختيارها لشخصيات مستقلة لا ترتبط بأحزاب دينية أو سياسية، وهذا يدل على ان الشعب يطالب بتغيير واقع البيت السياسي العراقي. إلى ذلك شددت التميمي على أن نزع السلاح من الفصائل المسلحة هو شعار رفعه رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي منذ تسلمه الحكم، وباشر بتطبيق هذا المشروع رغم الرفض الكبير من قبل بعض الجهات السياسية الموالية للفصائل المسلحة ولطهران، وقد تشهد الأيام المقبلة تغييرا كبيرا في مسار هذا الموضوع بعد ان تحول السلاح لأداة تهديد بين الفينة والأخرى للبعثات الدبلوماسية، حتى وصلت إلى عقر دار رئيس الحكومة، ولا بد أن تكون الجهود الأمنية العراقية مكثفة لنزع سلاح الخارجين عن القانون. وأكدت التميمي على أن الإرهاب مرفوض بكافة أشكاله، ولم يعد الشعب العراقي قادراً على مشاهدة نزيف الدم والدمار، فهذه المشاهد لم يبق لها حيزاً في ذاكرة العراق، فلا بد للعوائل النازحة أن تعود إلى ديارها، وأن يجد المفقود طريقه بين أحضان أهله، وكل هذا يتحقق بعد أن يزول الإرهاب بكل أشكاله. وقالت: خطوات مصطفى الكاظمي اتجاه محاربة الفصائل المسلحة واضحة، وهي موضع ترحيب داخل الشارع العراقي، وأضافت أنه لا بد للعراق أن يعود إلى حضنه العربي والدولي من خلال بوابة الدبلوماسية، والتي فُتحت أمام العراق بجهود كبيرة بذلها الكاظمي والذي يتسم بعلاقات دولية عالية. وذكرت بأن مظاهرات أكتوبر اعطت صورة واضحة لمطالب العراقيين أجمع من الشمال إلى الجنوب، ورفض التدخلات الخارجية من طهران، ونستطيع أن نصف هذه التظاهرات العفوية بحقيقة موقف العراقيين الذين فقدوا الثقة بجميع الأحزاب السياسية التي لم تجلب للبلاد غير الويلات والحروب، وقال العراقيون كلمتهم الأخيرة بعد توجههم إلى صناديق الاقتراع باختيار الأصلح والأمثل لتطلعاتهم في بناء عراق حر يملك وحدة القرار والسيادة، وهذا ما يبحث عنه الشعب العراقي، الذي فقده منذ أكثر من 18 عاماً. .