على الرغم من ارتفاع مخزونات النفط الأميركية هذا الأسبوع، والتي عادة ما تهوي بأسعار النفط، إلا أنه على النقيض من ذلك، فقد ارتفعت أسعار النفط هذه المرة يوم الأربعاء الماضي بشكل كبير ومفاجئ، فما الأسباب التي اختلف المحللون في تفسيرها؟ والتي كان أقربها للمنطق ما برره ل"الرياض" خبير الطاقة العالمي د. أنس الحجي، الذي بدوره تساءل، لماذا ارتفعت أسعار النفط بشكل كبير بحدود 4 إلى 5 في المئة رغم الارتفاع الكبير والمفاجئ في مخزون النفط الأميركي؟. وقال د. الحجي ل"الرياض" قبل الإجابة على هذا السؤال، علينا أن نسأل لماذا ارتفع مخزون النفط الأميركي؟ وللإجابة على هذا السؤال، نقول: ارتفع مخزون النفط الأميركي بسبب انخفاض صادرات النفط الأميركية، ولماذا؟ بسبب ارتفاع أسعار الخام الأميركي، نسبة للنفوط الأخرى، بسبب الفروقات السعرية التي تظهر مثلاً ارتفاع خام غرب تكساس الوسيط على خام برنت بشكل كبير بزيادة 50 سنتاً، والسؤال، لماذا تضاءلت الفروقات السعرية وارتفاع النفط الأميركي في هذه الحالة؟ زاد طلب المصافي وفسر خبير الاقتصاد والنفط الصخري الأميركي الحجي بأن "السبب هو عندما انفتح الاقتصاد الأميركي وزاد طلب المصافي على النفط بالذات من مخزون كوشينج، وهو مركز تخزين كبير يتلقى إمدادات النفط عبر الأنابيب من عدة مواقع بما فيها كندا وشمال أميركا، ولكن عندما سحبت تلك المصافي نفط كوشينج، المفروض أن يأتي نفط بديل لهذا المركز من كندا ونورث داكوتا، ولكن بسبب عوامل الطقس وبسبب عوامل التقنية وعوامل الصيانة، لم يكن هناك ما يكفي من النفط لدى كوشينج، فانخفض مخزونه بشكل كبير فارتفعت أسعاره، فتضاءلت الفروقات السعرية، وانخفضت الصادرات الأميركية، ما تسبب بارتفاع المخزون". واستغرب الحجي "كيف ارتفع المخزون وكذلك الأسعار في الوقت نفسه؟" كاشفاً أن "السبب يعود للمضاربات، فالمضاربون اقتنعوا بعدما حدث يوم الاثنين من انخفاض كبير بأن أسعار النفط ستستمر في الانخفاض، فقاموا بشراء العقود أو بيعها بناء على ذلك، ولكن فجأة ارتفعت الأسعار، فوقعوا في مأزق، ويحتاجون إلى تغطية تلك العقود، وبناء على ذلك قاموا بشراء المزيد من العقود، فزاد الطلب على هذه العقود فارتفعت الأسعار". إلا أن الحجي شدد القول: "أود أن أكرر هنا كلمة "عقود" لأنها هي الكلمة بدلاً من "النفط"، فأنا لا أقول الطلب على "النفط" زاد، بل الطلب على "عقود" النفط، لأن هذه براميل ورقية، وبالتالي كانت الأمور للتغطية فقط. وتأكيداً لرأي الحجي، فقد أظهرت بيانات صادرة عن إدارة معلومات الطاقة، أن مخزونات الخام الأميركية ارتفعت 2.1 مليون برميل في الأسبوع المنتهي في 16 يوليو، مع زيادة في الوقت الذي تغلبت فيه الزيادات الكبيرة في المخزونات على ساحل الخليج والساحل الغربي على انخفاض في كوشينج. وعلى الرغم من الزيادة، ظلت مخزونات النفط الخام أقل بنسبة 7 ٪ من متوسط الخمس سنوات عند 439.7 مليون برميل. تبرير ارتفاع المخزون ويمكن تبرير سبب الارتفاع في مخزونات النفط الخام جزئياً، إلى انخفاض 1.6 مليون برميل في اليوم في صادرات النفط الخام إلى 2.463 مليون برميل في اليوم، وهو أدنى مستوى للتصدير أفادت به إدارة معلومات الطاقة منذ الأسبوع المنتهي في 7 مايو، مع ارتفاع قدره 875 ألف برميل في اليوم في التجارة، فيما تفرض الواردات أيضًا ضغوطًا تصاعدية على المخزونات، في حين أن دعم بناء النفط الخام الذي أظهره تقرير إدارة معلومات الطاقة يعد تقريرًا سابقًا صادر عن معهد البترول الأميركي في 20 يوليو، والذي أظهر قفزة 806000 برميل في مخزونات النفط الخام، وقطع سلسلة من الانخفاضات التي استمرت ثمانية أسابيع. وبعد اتفاق أوبك+ يوم الأحد 18 يوليو، انخفضت أسعار النفط بنحو 4 في المئة في وقت مبكر من اليوم التالي للاجتماع، مع انزلاق خام غرب تكساس الوسيط فوق 69 دولارًا للبرميل، بعد أن قررت أوبك+ أنها ستبدأ في إعادة 400 ألف برميل يوميًا إلى السوق كل شهر بدءًا من أغسطس حتى تفكك كل التخفيضات البالغة 5.8 ملايين برميل في اليوم. وتأتي احتمالية الزيادات الشهرية في إمدادات النفط من تحالف أوبك+ في الوقت الذي تتزايد فيه إصابات كوفيد 19 في العديد من البلدان بسبب متغير دلتا الأسرع انتشارًا، أدت المخاوف بشأن الانتعاش المحتمل في تعافي الطلب العالمي على النفط، وسط زيادة الإمدادات من أوبك وشركائها، إلى انخفاض أسعار النفط، حقيقة أن أوبك+ توصلت إلى اتفاق بشأن مستويات الإنتاج، والإنتاج الأساسي، أزالت حالة عدم يقين كبيرة من السوق، كان جزء منها يخشى تفكك التحالف. وقالت هيليما كروفت -رئيسة استراتيجية السلع العالمية في "أر بي سي كابيتال ماركيت"- في مناقشة تلفزيونية: إن الصفقة بناءة بالنسبة للسوق، مشيرة إلى أن "هذه الاتفاقية يجب أن تمنح المشاركين في السوق الراحة بأن المجموعة لا تتجه نحو تفكك فوضوي ولن تنفتح على مصراعي الإنتاج في أي وقت قريب". وعلى الرغم من حقيقة أن أوبك+ ستضيف المزيد والمزيد من المعروض في كل شهر من الأشهر المقبلة، لا يزال العديد من المحللين يعتقدون أن السوق سيظل ضيقًا نسبيًا لأن الطلب يستمر في النمو. على سبيل المثال، حافظت مجموعة بنك "أي إن جي" على توقعاتها لسعر النفط عند 75 دولارًا للبرميل لخام برنت خلال الربع الثالث من هذا العام، لأن إضافات العرض من أوبك+ تتماشى مع توقعات البنك السابقة. وقال وارن باترسون، ووينو ياو، الاستراتيجيان لدى "آي إن جي": إن "نمو الطلب الصحي إلى جانب الزيادات المعتدلة في المعروض من أوبك+ سيظل على الأرجح داعمًا لسوق النفط على المدى القصير على الأقل". د. أنس الحجي