كتاب «الصقر والصّقار» من تأليف الكاتب والشاعر فلاح المنصور، صدر عام 1414ه، يتحدث فيه المؤلف عن عالم الصيد بالصقور، وعن الصقور، وعن الرجال، وعن الفرائس.. الصقر كيف تصطاده، ومن أين تصاده؟.. الصقر كيف تدربه.. وكيف تصطاد به؟.. الصقر وماذا تريد أن تصطاد به؟. كما تحدث المؤلف عن تأثيره في البيئة السعودية وفي نفوس الشعراء والرجال، فقد اشتمل الكتاب على الكثير من القصائد الجميلة التي تتحدث عن الصقر وما يتميز به من صفات نادرة، وكذلك الصّقارة، وعن تبادل الود بين الصقر والصّقار، أيضاً عن تاريخ الصقر، وكيف استخدمه الإنسان لأول مرة كأداة صيد؟.. وعن عالمه وماذا يحب؟ وماذا يكره؟ وكيف يعيش داخل أسرته؟ وكيف يتعامل مع أنثاه وصغاره؟ كما تضمن هذا الإصدار التعريف بالصقور وأنواعها وألوانها وميزاتها.. وقصص ونوادر كانت خلاصة سنتين من جهد وعناء المؤلف من المحادثات واللقاءات ورحلات الصيد والتي أثمرت عن هذا الكتاب، الذي ظهر بهذا الشكل المشرف من حيث المحتوى والمضمون والإخراج الأنيق والصور المعبرة والقصائد المشوقة. وتبقى الصقور وعالمها السحري يغلفه الكثير من الأسرار، ولا تزال عالقة في مخيلة المؤلف الذي يقوده لهذا العالم الغامض الفضول والحنين. ونجد في مقدّمة هذا الكتاب، المنصور يتحدث عن «الرجال والصقور» قائلاً: الصيد حب يسري في دم الصياد، من جربه لأول مرة فلن يتنازل عنه أبداً، الصيد كأي هواية أخرى لها من المتعة ما يجعل صاحبها يلازمها ويتفنن بها، وقد قال الشاعر رماح أبو قنيبة الدغيلبي العتيبي: الصيد ولعه لا تجاره ولا فيد من ذاق شي بأول العمر عادي الصيد ولعه مثل عليا وأبو زيد يدري مجرب وأكثر الناس غادي لا شك أن الصقر تطرب له نفوس الرجال وتهز له مشاعرها، ولكل صياد هوايته الخاصة وأموره التي يهتم لها إلى جانب هذه الهواية، والصيد بالصقر رحلة أخرى، بل عالم آخر، فيه الرجولة والإباء، غوص في عمق التراث، ورحلة في أعماق أعماق الماضي، يشعر الصياد بشعور آخر وأنه ينتقل من عالم إلى عالم آخر. يهيم الصياد حباً بهذه الطيور الكاسرة، وتحلّق به في مقاديم أجنحتها إلى هامات السحب، يلاطفها فتداعب غرائزه، ويتفنن في تدليلها والتعلق بها، فتتفنن في إشباع رغبته من الصيد، هذه الطيور المعكوفة المناقير، المصففة الريش، الحادة المخالب، هي أداة الفن في يد الصقار الفنان، قال الشاعر عيسى النومس عن الصقارة والتفنن بها: الصبح تلقى للحباري مماشي ومقيضات ما ثعوهن صقاقير وطلعت قرناس بصدره نقاشي ومجرب ما هوبرا عن تناكير لا شاف طلعه زان وجهه وهاشي ثم انطلق والكف يرخي له السير وسقنا خلافه مه حروف الدشاشي متجنبين الروض هو العثامير سواقنا ما هو خطات الجغاشي متعلمن للطرد في ديرة الطيب وعن الصقارة في المملكة العربية السعودية يقول المؤلف: «لا نستطيع أن نطلق على الصقار مهنة أو حرفة لأن المهنة يقد منها في معناها العام الحصول على القوت اليومي من خلال أداء عمل أو حرفة معينة، وهذا مخالف لطبيعة الصقارة الآن، لأن أغلب الذين يزاولون الصقارة لديهم مصادر أخرى ثابتة للعيش أو الدخل، والصقارة بالنسبة لهم اهتمام ثانوي داخل حياتهم العامة، رغم أنه يوجد القلائل من الصقارين الذين يتفرغون فقط لرعاية الصقور والاهتمام بها -والبحث عنها وجلبها من أماكنها وتدريبها وبيعها وشرائها، وهؤلاء الناس هم قلة، والأقلية دائماً لا يمكن أن تشكل قاعدة أو أساساً، ولكن نستطيع أن نطلق على الصقارة رياضة، لأنها لا تشكل دخلاً ثابتاً للصّقار. ولكلمة الصقارة معناها الشامل، اقتناء صقر إما بشرائه أو بصيده من البرية وحشياً، وتدريبه وحمله على أن يكون هو الأداة التي عن طريقها يحصل صاحبه على أية فريسة تم تدريبه عليها، والصّقار هو الذي يمارس الصقارة هواية أو رياضة. كما احتوى هذا الكتاب على العديد من الصور النادرة للصقور والصقارين، ويُعد إضافة جميلة للمكتبة العربية لما يحتويه من معلومات مُفيدة وقيمة تفيد الباحث والقارئ وكذلك عشاق الصقور. ودلالة واضحة على ما يتمتع به المؤلف من المخزون الثقافي والفكري الجيّد، ومقدرته الواضحة على المزج ما بين الصقر والصقار بأسلوب متفنن ورائع. ختاماً.. لقد سررت كثيراً وأنا أبحر في هذا الكتاب النادر، الذي وجدت في أعماقه الجمال والتشويق، فهو أشبه برحلة برية ينقلك من خلالها إلى عالم الصيد والصيادين والصقور، والأجمل من ذلك الاطلاع على القصائد المنسجمة مع مادة الكتاب، فليس كل كتاب يقرأ نجد فيه المتعة والفائدة.