تعد المملكة من الدول السبّاقة في الاهتمام بالمخطوطات من حيث جمعها وتحقيقها وترميمها وحفظها وإصدار الفهارس الخاصة بها، وذلك انطلاقاً من مكانتها الرائدة منذ عصور ما قبل الإسلام ومروراً بالعصور الإسلامية، حيث تشكل العمق العربي والإسلامي فهي موطن للعديد من الحضارات ومهد للرسالات السماوية، حيث تشير الإحصاءات إلى أن امتلاك المملكة أكثر من 27 % من مجموع المخطوطات العربية والإسلامية الأصلية في الدول العربية، إضافة إلى امتلاكها لأقسام مستقلة للمخطوطات في معظم المكتبات السعودية، ومعامل للترميم والصيانة باستخدام أحدث التقنيات. وفي هذا السياق أثنى الدكتور عبدالرحمن بن عبدالله العبيد - المختص في المكتبات والمعلومات - على خدمة "إتاحة المخطوطات" التي أطلقتها هيئة المكتبات عبر موقعها الرسمي، مؤكداً أن مثل هذه المشروعات المعرفية تعد من أكثر الخطوات واقعية، ودلالة على انتهاج الطريق الصحيح للمفهوم العلمي الخاص باقتناء مصادر المعلومات المتنوعة، ومنها المخطوطات. وأضاف العبيد: "يحسب لهيئة المكتبات إتاحتها للمخطوطات بصور عالية في الدقة، وبأدوات وإجراءات سهلة في الاستخدام، إضافة إلى عدم حصر الموقع للجمع والاقتناء فقط، بل تجاوز ذلك لإتاحة تلك النفائس الثمينة للعلماء، والباحثين، والمهتمين بدراسة التراث بوجه عام، والمخطوطات خصوصاً". وحول أثر إتاحة المخطوطات على مستقبل الأجيال، قال: "يُنتظر من هذه المبادرة أن تساهم في تحفيز الدارسين، والمتخصصين لاستنباط جوانب تطويرية للحاضر والمستقبل، ليس فقط في الجوانب العلمية، وإنما حتى في الدراسات التربوية، والإدارية والتنموية، بحيث تدرك الأجيال اللاحقة ما قام به أسلافهم من جهود، وأن عليهم دوراً مهماً في صناعة مستقبل مشرق". وشدد على ضرورة الاهتمام بالمنصة الرقمية التي تمثّل انعكاساً للماضي العريق الذي سيؤثّر على الحاضر والمستقبل، وأكمل: "ترك علماؤنا الأوائل كماً هائلاً من المؤلفات في مختلف العلوم والفنون، التي تحوي كنزاً من المعلومات، إضافة إلى اشتمالها على جوانب علمية، وابتكارات ومخترعات في مختلف العلوم الطبيعية". كما يرى العبيد أن المنصة ستثري جانب البحوث العلمية والتاريخية من حيث التوسع في دراسات العلوم المتنوعة، على مختلف المستويات المحلية والعربية والإسلامية والدولية، وزاد: "من خلال الاستخدام العريض لتلك المنصة، واكتشاف ما تحويه من كنوز علمية، سيجعل ذلك هيئة المكتبات مستمرة في الحرص على جمع نوادر أخرى لمخطوطات من مختلف العلوم، وإتاحتها بصورة واضحة وسهلة الاستخدام والوصول، وإبراز صورة المملكة ومدى اهتمامها بالإرث المعرفي للاستفادة منه في تحقيق رؤيتها 2030، وصناعة الحاضر والمستقبل". وكانت هيئة المكتبات قد أعلنت في وقت سابق عن توفير خدمة "إتاحة المخطوطات" لموقعها الإلكتروني الرسمي، التي ستُتيح من خلالها المخطوطات لعموم المتصفحين والباحثين والمهتمين بهذا المجال، حيث يعد هذا المشروع نوعياً على مستوى العالم، وخاصة في الوطن العربي، والذي بذلت خلاله هيئة المكتبات جهوداً كبيرة للوصول إلى هذه المخطوطات وإتاحتها وقامت بتوقيع عدد من الاتفاقيات مع الجهات الرائدة والمالكة للمخطوطات المرقمنة في المملكة، بهدف التعريف بالعدد الكبير من المخطوطات النادرة، وتوثيق مكان حفظها، وإبرازها وتوفيرها تحت منصة واحدة. عبدالرحمن العبيد