صدرت حديثاً رواية "الجائحة" للزميل الكاتب والروائي د. علي القحيص، الذي يجمع في روايته بين شهادته على التداعيات التي أثَّرت في المجتمعات العربية أثناء جائحة كورونا، وتشخيصه لطبيعة الحياة الإنسانية والاجتماعية التي لا تبقى على حال واحدة، وتتغير معالمها في صيرورة لا يملك الإنسان أمامها إلا الانصياع والتسليم. وتقع هذه الرواية في (140) صفحة من القطع المتوسط، وأهداها الكاتب إلى "الزمن الجميل الذي وافته المنية قبل وقوع جائحة كورونا"، وجاءت لغة الرواية لغة رشيقة محايدة خدمت العمل الروائي وجعلته سهل الوصول إلى القارئ، وأقدر على الاشتباك معه، وظهرت خلالها تناصات عديدة عبر نصوص شعرية تراثية لشعراء أعلام من أمثال: المتنبي وجرير. وقد قام كاتب الرواية بتقسيم مادتها إلى (21) فصلاً، بينها الفصل (6) الذي نقتطف منه: "في نفوسنا ثمة فراغ دائم، لا يملؤه إلا صديق صدوق، صديق نشكو إليه همومنا، ويشاركنا أفراحنا والأتراح، صديق نأتمنه على أسرارنا، وإليه نلجأ وقت الضيق. هكذا راح صابر يحدث نفسه ذات صباح، وهو يستعرض في ذاكرته ما مرَّ به من تجارب خلال حياته المليئة بالأحداث على كثرتها. ومع أن طعم مرارة هذه التجارب ما يزال في فمه، إلا أنه يلامس طعم العلقم الحقيقي من خلال جائحة ليست تلك التي ضربت العالم باسم كورونا، وإنما جائحة باغتته من داخل بيته، على هيئة أفعى لبست لباس الجحود والنكران فأنكرت جميله، وجردته من كل ممتلكاته، زارعةً البؤس والنكد والذعر والشكَّ والضغينة، ناثرة سوء نواياها أشواكاً في طريقه. راح صابر يحاول قدر ما استطاع، تحاشي ما يعترض سير حياته بتجاهل يصنعه بصعوبة، فهو يبدو منهك القوى، كمحارب خرج من ساحة الوغى للتو، ولديه أحلام لا يريد لأحد أن يحطمها، ليتذوق طعم المرارة التي جرتها عليه تلك المكية التي أحاطت به قبل شهور عندما فقد عمله في محراب صاحبة الجلالة، المهنة التي أحبها، وبها عمل لعشرات السنين. ولأنه ضاق ذرعاً بالحجر الذي تفرضه الحكومة، للوقاية من الوباء المنتشر في العالم، فها هو يجد في تلك السويعات التي يُمَح للناس فيها بالخروج متنفساً له، إذ يندفع إلى الأسواق القريبة أو يتجول في شوارع المدينة بلا هدف، يشتري بعض الكتب القديمة والأقلام وفرشاة الرسم". تجدر الإشارة إلى أنه قد صدر للكاتب القحيص عدّة روايات سابقة منها: "الكليجا، ومضارب التيه، والمسترجلات، والحذاء رقم 10، والفيس بوك، وجنرال ميدان التحرير".