تثير الصين جدلا واسعا في سوق الطاقة العالمي حيال قيام البلد الأقوى اقتصاداً في العالم والأكبر استهلاكاً للطاقة، بفرض ضرائب على واردات بعض المشتقات النفطية التي تعتبر الصين من كبار الموردين والمصدرين لها. وطرحت "الرياض" سؤالا، حول مدى تأثر أسواق النفط بهذا القرار، وما أثر قيام الصين بفرض ضرائب على بعض المشتقات النفطية؟ وكشف ل"الرياض" خبير الطاقة العالمي د. أنس بن فيصل الحجي الغموض عن قرار الصين بتحجيم واردات النفط، وقال إن الواقع يقول إن الصين تفرض ضرائب على نوع معين من المشتقات النفطية، في وقت اختلف الاقتصاديون بشكل كبير حول السلعة وما هي السلعة، إذ أن النفط ليس سلعة نهائية يشتريها المستهلك، بينما النفط يعتبر مادة وسيطة تذهب للمصافي لإنتاج وقود النقل البري والبحري والجوي والزيوت والشحوم وغيرها من المشتقات. وبين د. الحجي بأن "هناك سلعا بطبيعتها تكون متوسطة ونهائية ومثلا الطحين يعتبر بالنسبة للمخبز سلعة وسيطة ولكن بالنسبة للمنزل يعتبر سلعة نهاية، وهذا ما حصل مع الصين"، ملفتاً إلى أن هناك "مادة من أردى أنواع الديزل يتم توريدها للصين من بعض الدول الآسيوية مثل مصافي كوريا الجنوبيةوماليزيا وغيرهم". ولكن الحجي شدد القول، بأن هناك أمرا آخر أود التنبيه بشأنه وهو أن النفط الفنزويلي، الذي يتم تهريبه لماليزيا التي تقوم بتكريره وإرسال المنتجات للصين". وبشكل عام هذا من أردى أنواع الديزل وهذا النوع له استخدامات كثيرة مثلاً في القطاع الزراعي ومعداته وآلياته، كما يستخدم في السفن والقوارب وغيرها من الاستخدامات العديدة. وأضاف الحجي "أما في الصين طالما أن المستهلك النهائي يستخدمه فيتوجب أن يدفع ضرائب لأن هناك ضرائب للمنتجات النهائية، ولكن إذا قامت مصانع البتروكيميائيات الصينية باستيراد الديزل الرديء لاستخراج مواد كيميائية منه فهي مادة وسيطة لا تفرض عليها ضرائب". ولمزيدا من التوضيح قال خبير الطاقة العالمي د. أنس الحجي إن "ما حصل تاريخيا في السنوات الماضية أن بعض الصينيين وبعض العصابات والفاسدين اكتشفوا أن المنتج يجب ألا يفرض عليه رسوم، واستوردوها على أنها مادة للبتروكيميائيات، إلا أنهم يبيعونها في السوق على المزارعين كوقود لتشغيل معداتهم، والقطاع البحري لتشغيل السفن وآليات البحر، الأمر الذي دفع الحكومة الصينية لاكتشاف هذه الثغرة وقررت فرض الضرائب اللازمة، وهذا الإجراء لا أثر له على أسواق النفط بشكل عام، ولكن يضل الأثر السلبي على واردات التكرير من كوريا الجنوبية وبعض الدول الآسيوية. إلى ذلك أشارت استخبارية "أرجوس" للنفط إلى أن الصين تفرض ضرائب على البراميل الفنزويلية، وهي ضريبة صينية جديدة على المنتجات النفطية الباطنية تحديًا للخام عالي الكبريت، لا سيما من فنزويلا، وجرت مناقشة تلفزيونية أدارتها "أرجوس ميديا" حول إعلان الصين الأخير بشأن ضرائب الاستهلاك الجديدة على المنتجات المكررة الوسيطة، بما في ذلك العطريات المختلطة وزيت الدورة الخفيفة والقار المخفف. وهذا الأخير، القار المخفف، هو في الواقع فئة المنتجات التي تستورد من خلالها مصافي التكرير المستقلة في الصين درجة خام ميري الفنزويلي الثقيل الحمضي الذي تطمح إليه المصافي لجودته الغنية بالبيتومين، والمناسبة لصنع الأسفلت. في حين أن هناك براميل حمضية ثقيلة أخرى في السوق، مثل بحيرة كولد في كندا أو البصرة الثقيلة في العراق، يميل الخام الفنزويلي إلى منح الصين أفضل ضجة مقابل ثمنها، وذلك لأن العقوبات الأميركية تجبر شركة "بدفسا" المملوكة للدولة في فنزويلا على بيع نفطها الخام بأسعار مخفضة للغاية باستخدام وسطاء، والتحويلات من سفينة إلى سفينة، وطرق التجارة عبر ماليزيا، وإعادة تسميتها ومزجها لإدخال هذا الخام إلى السوق الصينية. في وقت، لا توجد وجهة أخرى تمثل المزيد من صادرات النفط الفنزويلية. وهذه الضريبة الجديدة البالغة 1.20 ين للتر، أو نحو 30 دولارًا للبرميل، على البيتومين المخفف الذي بدأ سريانه اعتبارًا من 12 يونيو، تقضي بشكل أساسي على هوامش مبيعات النفط الخام الفنزويلي إلى الصين. لذا، إذا كان اللقيم الخام الفنزويلي رخيصًا جدًا، فلماذا تفرض الصين ضريبة عليه؟ يبدو أن الضرائب الجديدة هي وسيلة لشركة التكرير المملوكة للدولة في الصين، سينوبك وغيرها، للضغط على المصافي المستقلة التي استولت على الكثير من حصتها في السوق المحلية في السنوات الأخيرة، مما أجبر المصافي المملوكة للدولة على تصدير فائض وقود السيارات. تجدر الإشارة إلى أن المصافي المستقلة تخضع لحصص استيراد الخام، ولهذا السبب تستورد النفط الخام الفنزويلي كمنتج بدلاً من ذلك. ويمكن إعادة تصنيف الخام الفنزويلي، لكنه حقًا خام، لكن حصص الاستيراد الخاصة بهم لن تمنحهم مساحة كبيرة لاستيراد المواد الأولية المعتادة. وهناك بعض التساؤلات حول ما إذا كانت الحكومة الصينية قد تفكر في توسيع حصص الاستيراد للسماح لمصافي التكرير المستقلة بالاستمرار في شراء الخام الفنزويلي، ولكن من المحتمل أن يتعارض ذلك مع ما تريده المصافي الأكثر نفوذاً المملوكة للدولة، وهو دفعها خارج السوق. د. أنس الحجي