أصدر مركز الملك فيصل للبحوث والدراسات الإسلامية تقريره السنوي للعام 2020م، وقد جاء التقرير حافلا بالكثير من الإنجازات والمخرجات البحثية المهمة التي حققها المركز برغم الظروف الاستثنائية التي فرضتها جائحة كورونا ومثلت تحدياً كبيراً للمراكز البحثية حول العالم، وقد أوضح المركز في تقريره السنوي المفصّل كيف استطاع تحويل هذه التحديات إلى فرصة للإنجاز عبر قائمة طويلة من المخرجات البحثية النوعيّة، والأنشطة العلمية الدولية التي كان من أبرزها مشاركته في أعمال قمة مجموعة العشرين (G20)، واستضافة المملكة لهذا الحدث العالمي الضخم في عام الذي وصف بأنه عام التحديات، حيث استطاع مركز الملك فيصل أن يقدم أنموذجاً للتعامل مع تحديات الجائحة في القطاع العلمي والبحثي، وذلك عبر مساهمته في الإعداد لمجموعة العشرين بالتعاون مع مركز الملك عبدالله للدراسات والبحوث البترولية، وبشكل خاص في التنسيق والمشاركة الفعالة للمسار الفكري للحدث المتمثل في مجموعة الفكر، حيث أشرف المركز على أهم خمسة فرق بحثية لمجموعة العشرين وهي: فريق التماسك الاجتماعي والدولة، فريق مستقبل التعددية والحوكمة العالمية، فريق الاقتصاد والتوظيف والتعليم في العصر الرقمي، فريق الهيكل المالي العالمي، وفريق الهجرة والمجتمعات الشابة، وكانت من ثمار هذا النشاط المكثف للفعاليات حضور أكثر من 55 شخصية بارزة مثلت 64 دولة، وتجاوز العدد الإجمالي للمشاركين 1200 بمشاركة أكثر من 150 مركزاً بحثياً حول العالم. وإلى جانب دور المركز في إثراء الجوانب العلمية لأعمال قمة العشرين، أوضح التقرير السنوي أن المركز خلال العام 2020م، استطاع التغلب على كل المعوقات التي فرضتها ظروف الجائحة، ونشر العديد من الإصدارات والمقالات والكتب في مجالات الثقافة والاجتماع والعلوم السياسية باللغتين العربية والإنجليزية، كما قام المركز بتنظيم فعاليات بحثية توزعت بين الندوات والمحاضرات وحلقات النقاش التي تعدت (35) فعالية، وتنظيم معارض الفنون الإسلامية، وقد شارك في أنشطته على مدار العام عدد من كبار المفكرين العالميين. على مستوى الأبحاث النوعية قام مركز الملك فيصل بتوسيع نطاق العمل البحثي عبر إطلاق المزيد من الوحدات البحثية المتخصصة لتشمل: وحدة الدراسات الثقافية، وحدة الدراسات الاجتماعية والاقتصادية، ووحدة الدراسات الإفريقية، وأخيراً وحدة الدراسات الآسيوية، وهي تضم نخبة من الباحثين الدوليين المرموقين من داخل المملكة وخارجها، حيث أنتج هذا الفريق البحثي الكبير في عام 2020م عدداً من الأبحاث المتخصصة والمهمة على مستوى موضوعاتها ومضامينها تنوعت بحسب مخرجات المركز الأساسية بين الدراسات، والقراءات، والتقارير الخاصة، ومسار التعليقات وتقدير الموقف، ومن أبزر موضوعات تلك الأوراق البحثية: تحديات المنظمات غير الربحية في السعودية والاستفادة من التجارب العالمية، ومسألة تأسيس مثلث إسلام أباد - بكين - الرياض وتقييم دور السعودية في الممر الاقتصادي الصيني، وعلى المستوى المحلي تناول المركز في ورقة بحثية تعزيز سعودة القوى العاملة في القطاع الخاص لتقديم منهج عملي في مقاربة الملف المهم. وفي مسار التقارير الخاصة أنتج المركز (14) تقريرا خلال العام 2020م، من أبزر موضوعاتها رصد تحولات الطاقة في مسألة الشرق الأوسط وتوقعات عام 2040م، وتأثيرات جائحة كورونا على قطاع الطاقة ومستقبل الطاقة المتجددة في السعودية، كما تناولت تقارير أخرى موضوعات حقبة ما بعد الجائحة في الخليج وسياسات الهجرة، إضافة إلى ورقة مهمة ترصد الاستجابة السعودية للوباء، وأخرى عن إصلاح التعليم الديني في السعودية بالتزامن مع رؤية 2030م. إضافة إلى تلك الأبحاث والتقارير أصدر المركز (20) تحليلاً خاصاً في قسم التعليقات وعددين من إصدار تقدير موقف، وقد تناولت عدداً من الموضوعات البارزة في المشهد السياسي، منها مسألة قيادة العالم الإسلامي والمشاريع التركية والإيرانية، وتحليلات معمقة حول المشهد السياسي في عدد من البلدان ونقاط التوتر من انفجارات إيران إلى وضع الأقليات فيها، والتوترات الصينية الهندية، وإمكانية إنقاذ لبنان، وتحليلاً لمسألة الانقلاب العسكري في مالي، بالإضافة إلى موضوعات أخرى مثل الاستدامة الغذائية، والسياحة القائمة على المعرفة. على مستوى إصدارات الكتب، نشر المركز في العام 2020م، وبرغم التحديات والصعوبات التي فرضتها جائحة كوفيد 19، عدد (7) من الكتب من أبرزها مقاربة تداولية لخطابات الملك فيصل، وكتاب عن صورة المرأة في رحلات الغربيين إلى وسط الجزيرة العربية، كما حقق المركز كتاب التاريخ لأبي حفص الفلاس، وترجم كتاباً مرجعياً مهماً في مجلدين عن علاقة الإخوان المسلمين والغرب تاريخ العداوة والارتباط، وكتاب لا يقل أهمية عن بدو النقب وبئر السبع، إضافة إلى الإصدارات الثقافية التي يصدرها المركز بشكل مستمر مثل مجلة الدراسات اللغوية، والمجلة الدولية للدراسات الإنسانية، ومجلة الفيصل. إضافة إلى هذه الحصيلة المتميزة من الإصدارات، نظم المركز عدداً من الفعاليات البحثية الافتراضية، بالإضافة إلى إسهاماته في أعمال مجموعة العشرين، وتناول مجموعة من الموضوعات المهمة مثل التغييرات الاستراتيجية في الشرق الأوسط، وحوكمة الجهات الفاعلة غير الحكومية، وآسيا بعيون خليجية، والمخطوطات في موريتانا، ومسار العلاقات السعودية الأمريكية في ضوء المتغيرات الإقليمية. وخلال العام 2020م، استقبلت إدارة المتاحف أكثر من 140 وثيقة بلغات مختلفة لتدخل ضمن مسار الترميم والمعالجة وتوثيق المضمون، حيث يعتبر مركز الملك فيصل من أهم المراكز المتخصصة في هذا المجال، ويملك معامل متكاملة لترميم المخطوطات والمقتنيات وتوثيقها وأرشفتها، وكان من أهم الإنجازات للإدارة في هذا العام الحافل بالتحديات، تمكنها من أرشفة 683 قطعة من مقتنيات الفن الإسلامي.