أكد أستاذ الإعلام السياسي الدكتور عبدالله العساف بأن المخدرات آفة العصر،ومشكلة حقيقة تستهدف الشباب،وتستنزف الاقتصاد الوطني،وتدمر صحة المجتمع،حيث يتفق الجميع على ضررها البالغ على الحياة الاجتماعية والصحية والاقتصادية، وضرورة العمل للحيلولة دون اتساعها بالتصدي للمهربين والتشدد في التشريعات لمواجهة وسائل متجددة ومبتكرة يخترعها المهربون لتغطية عملياتهم، حتى غدت ظاهرة تهريب المخدرات يغلب عليها في الآونة الأخيرة التطور السريع في أدواتها قياساً إلى ما كانت عليه في فترات سابقة. ويأتي نموها السريع على الرغم من إيمان المجتمع الدولي بخطورة المخدرات وأهمية مكافحتها على المستوى الدولي، فسعت العديد من الدول إلى التعاون للحد من تهريب المخدرات، وقطعت الجهود الدولية شوطا طويلاً بعد أن تعذر على الدول منفردة من التصدي لهذه الظاهرة، ولعل أول اتفاقية اجتمع حولها المجتمع الدولي هي اتفاقية الأفيون الدولية الموقعة في لاهاي 13 يناير 1912، وفي عالم اليوم أضحى استهداف الدول يتم بغير الحرب التقليدية، الواضحة والمباشرة باستخدام تقنيات وأساليب غير مكلفة ماديا، وليس لها تبعات قانونية، لأنها تمارس في الخفاء من قبل الدول المارقة عن القانون لتدمير الفرد والأسرة والمجتمع، والاقتصاد والصحة العامة وغيرها، والأخطر أنها بلا ملاحقة قانونية أو مسؤولية جنائية. وأضاف هذه الحرب هي تهريب المخدرات بجميع مكوناتها ومشتقاتها للدولة المستهدفة من أجل إلحاق أقصى أنواع الضرر بها، وقد تفننت عصابات المخدرات باستخدام الحيل والتدابير الشيطانية التي لا تخطر على عقل بشر سوي، في تهريب المخدرات، والتحايل على رجال الجمارك والأمن، والأجهزة المتطورة في تمرير هذه الآفة الخطيرة، وقال: تعد المخدرات من أهم المشكلات التي تعانيها دول العالم، وتوليها اهتمامات متزايدة من خلال عقد المؤتمرات والندوات العالمية لمكافحة المخدرات لما لها من أخطار وأضرار تدمر جميع مرتكزات تقدم الدول وسلامتها، ولما لها من أخطار حقيقية على صحة وأمن وتنمية الإنسان، والمجتمعات والدول والحضارات. المخدرات وغسيل الأموال أنشطة إرهابية يتغذى منها حزب الله سعت الدول لاتخاذ التدابير المتعددة للحيلولة دون وصول المخدرات لمواطنيها، والمملكة جزء لا يتجزأ من هذا العالم تتأثر به وتتفاعل معه، ولهذا لم تسلم من ظاهرة استهدافها بتهريب المخدرات، وتخصيص المزارع والمصانع المخصص إنتاجها لتدمير المواطن والمقيم في المملكة العربية السعودية، ولذا سعت المملكة جاهدة مع دول العالم في الحد من هذه الظاهرة من خلال وضع استراتيجية وطنية شاملة لمكافحة هذا الآفة المدمرة، وهي من أكثر دول العالم إصراراً على محاربة المخدرات، وتقف بكل عزيمة وإخلاص واقتدار على محاربتها، من خلال إصدار الأنظمة وسن التشريعات التي تنص على حرمة المخدرات ومعاقبة مروجيها ومتعاطيها بعقوبات رادعة، ومن خلال الاتفاقيات الدولية أو الثنائية، والتدريب واختيار الكوادر المؤهلة للحد من هذه الظاهرة الخطيرة، وتابع العساف: الجهود السعودية لم تتوقف عند هذا الأمر، بل توجهت بشكل مباشر إلى الدول التي تصدر منها المخدرات وطلبت منها بذل الجهد والتعاون مع السعودية في مكافحة المخدرات، ومن هذه الدول لبنان، التي تجاوز نسبة المضبوطات المخبأة في منتجاها من الخضار والفواكه 75% من إجمالي الضبطيات الواردة من لبنان، ما استدعي اتخاذ إجراء حازمًا في هذا الشأن، بمنع دخول هذه السلع إلى أراضي المملكة، بعد تكرار طلب الأجهزة الرسمية من نظيراتها اللبنانية التحرك بجدية لمنع تهريب المخدرات في داخل منتجاتها الزراعية بهدف الإضرار المتعمد بالمملكة العربية السعودية، لكنها لم تستجب، لذا رأت السلطات السعودية اتخاذ تدابير أكثر احترازية بمنع وصول المنتجات الزراعية من لبنان إلى السعودية لحماية المواطن والمقيم فهو حق سيادي ومشروع تمارسه الدول التي تحمى مواطنيها، ومقدراتها، وقد مارسته مختلف دول العالم بصورة أو بأخرى عندما منعت منتجات دول انتشر بها وباء كورونا بشكل لافت حماية لبلدانها، والمتابع لهذا الأمر يعلم أن هذه الخطوة لم تكن مفاجئة بل بعد أن استنفدت السعودية ما في وسعها من جهود لحث السلطات اللبنانية على ممارسة دورها الرقابي في منع تصدير هذه الآفة الخطيرة إلى المملكة، فالمتأمل لحرب السعودية على المخدرات يجد أن هناك استهدافاً مقصودا، ففي السابق كانت المضبوطات من المخدرات تحسب بالعشرات، والغرامات، أما اليوم فهي بالأطنان مما يعني أن هناك استهدافا ممنهجاً لإلحاق الضرر بالوطن والمواطن، فخلال عام واحد فقط تم ضبط ما يزيد على ستين ملايين حبة مُخدرة كانت مُخبأة في بضائع قادمة من لبنان، وفي ست سنوات تم ضبط أكثر من 600 مليون حبة مخدرة مخبأة في الفواكه والخضار القادمة من لبنان، فهذا بمثابة إعلان حرب خفية على المملكة ومواطنيها والمقيمين على أراضيها، ولا يمكن تفسيره بأي تفسير آخر فهذه الكمية الكبير جداً كافية للقضاء على شباب الوطن العربي، وعلينا أن نعلم من استهدفنا بالمخدرات – دولاً وميليشيات- ومنظمات- هو نفسه من استهدفنا بالإرهاب، فأضلاع مثلث الشر – المخدرات، والإرهاب، وغسيل الأموال، علاقتها عضوية وأهدافها متسقة على تقويض أمننا واستقرارنا باستنزافنا اقتصادياً وإضعافنا اجتماعياً، عن طريق تسهيل تهريب وترويج المخدرات إلينا، حيث تشكل هذه التجارة المحرمة دوليا الحبل السري الذي يتغذى منه حزب الله الإرهابي، لتمويل أنشطته الإرهابية فقد تجاوزت مشكلة تهريب المخدرات من لبنان إلى المملكة، مفهوم الحالات الفردية، وباتت جريمة منظمة ومهددة للأمن الوطني السعودي والأمن الإقليمي، واللبنانيون الشرفاء لا يرضون أن تتحول أراضيهم إلى منطلقٍ لعمليات إجرامية تستهدف أمن أشقائهم السعوديين بالمخدرات، ومن هنا فإن المسؤولية تقع على السلطات المختصة في لبنان لمعالجة هذا الأمر، لتسهيل استئناف تصدير البضائع من جديد، كما يدرك الأشقاء في لبنان أن المملكة العربية السعودية كانت ولا زالت وستظل خير سند للشعب اللبناني الشقيق الذي يشهد التاريخ على تقديره وامتنانه لكل المواقف المشرّفة التي وقفتها الرياض مع اللبنانيين في كل المراحل والمحطات المفصلية، وفي ذات الوقت يتفهم اللبنانيون بأن قرار المملكة بمنع دخول منتجات الفواكه والخضروات اللبنانية أو عبورها لا يستهدف مطلقًا التجّار اللبنانيون ولا اقتصاد لبنان، بل جاء لحماية الأراضي السعودية ودول الجوار من جريمة عابرة للحدود يجب التصدي لها وفقًا للاتفاقيات الدولية ذات الصلة بهذا النوع من الجرائم المحرمة دوليا، والأمر بيد السلطات اللبنانية للقيام بمهامها ومسؤولياتها من خلال القيام بخطوات جادة لمنع تهريب المخدرات من أراضيها أو تسهيل عبورها إن هي أرادت تصحيح الوضع القائم، وإعادة تصدير منتجات الفواكه والخضروات من جديد، فالسعودية لن تتهاون في فرض أي إجراءات لحماية أمنها وسلامة مواطنيها، وتعتبر ذلك خطًا أحمر، وبالتالي لن تتراجع عن هذا القرار حتى تلمس إجراءات حقيقية من السلطات اللبنانية لمنع تهريب المخدرات من لبنان إلى دول المنطقة. المملكة لن تتهاون في فرض أي إجراءات لحماية أمنها وسلامة مواطنيها