رحم الله أبا نايف محمد بن عبدالله الوعيل، فقد كان قامة إعلامية وثقافية رفيعة، وترك بصماته الواضحة على الساحة الإعلامية بالخليج والدول العربية، نظراً لما تميز به من قدرات إعلامية وإدارية مميزة، إذ أدار العديد من المؤسسات الإعلامية والثقافية والاجتماعية، بنجاح واقتدار شهد له الجميع. لقد كان -رحمه الله- من الإعلاميين المميزين، الذين سعدت بالاقتراب منهم، والتعامل معهم، طوال مشواره الصحفي، فقد رأس تحرير صحيفة اليوم، وصحيفة المسائية، بعد أن عمل بصحيفة الجزيرة، والرياض، وعكاظ، وكانت له منزلة خاصة لدى فقيد الصحافة الأستاذ تركي السديري -رحمه الله-، نظراً لأنه كان يجمع بين المهارات الإعلامية المميزة، والأخلاق والسلوك الحسن، فاعتبره منذ أن شاهده بجريدة الرياض من "السنابل" الواعدة صحفياً، والتي تحتاج للعناية والاهتمام حتى تؤتي ثمارها، وكان السديري نعم المعين والراعي -رحم الله الجميع-. ولذا لم يكن وفاؤه لجريدة الرياض مستغرباً منه، فبعد رحلة ناجحة قضاها في رئاسة تحرير جريدة "اليوم"، ثم تركه لرئاسة التحرير عاد أبو نايف للكتابة مرة أخرى في منزله القديم جريدة الرياض خلال رئاسة النبيل فهد العبدالكريم الذي كان يمحضه وداً خالصاً بادله هو بذات الحب، وعودة الوعيل من خلال مقال مميز، تنوعت كتاباته فيه ما بين السياسة والاقتصاد، والاهتمام بالشأن العام، واستمر حتى قبل وفاته بأيام. وكما كان -رحمه الله- مميزاً في الكتابة، كان أيضاً مميزاً في الإدارة، فقد وهبه الله سبحانه مهارات القيادة الفطرية، بابتسامته الصافية الدائمة في وجوه الجميع، ووفائه لزملائه وأصدقائه، وحرصه على تعليم وتدريب من يتوسم فيهم الموهبة، والإبداع. كما كان -ومن دون تصنع منه- يشيع أجواء الحميمية في المكان الذي يوجد فيه، ويفعل كل ما من شأنه الإعلاء من روح العمل الجماعي، فلم يكن "أبو نايف" ممن يعتدون بآرائهم أو يتحيزون لأنفسهم، إذا وجد رأياً راجحاً، فلا يفرض رأيه على الآخرين، وكان يفعل ذلك بحب صادق. لقد ترك -رحمه الله- إرثاً معرفياً جديراً بالاقتناء والقراءة، ومنها كتابه "شهود هذا العصر"، وكتاب "الساعة 25"، ويحتوي الكتاب الأول مجموعة من الحوارات مع زعماء ورؤساء دول وملوك وأمراء ووزراء، ورجال الفكر والأدب في المملكة ودول العالم، أما الثاني فيعبر عن تجربته الصحفية طوال مشواره، ويضم مقالات متنوعة، بعدة مجالات، تشمل: الرياضة، والاجتماع. وفي هذا بلا شك عمر ثانٍ لفقيدنا -رحمه الله- وأثرُ لا يُمحى؛ رحمه الله رحمة واسعة وألهم الله أهله ومحبيه الصبر والسلوان، إنا لله وإنا إليه راجعون.