محافظ جدة يشيد بالخطط الأمنية    بحث التعاون مع الشركات الإسبانية..الحقيل: نهضة عقارية وسكنية غير مسبوقة في المملكة    مسابقة ل «ملكة جمال الذكاء الاصطناعي» قريباً    بالتعاون مع بنك التصدير و«كفالة».. «السعودي الأول» يدعم صادرات «الصغيرة والمتوسطة»    رئيس الشورى بحث تعزيز العلاقات.. تقدير أردني للمواقف السعودية الداعمة    "أيقونة" الإنسانية    10 آلاف امرأة ضحية قصف الاحتلال لغزة    في إياب ربع نهائي يوروبا ليغ.. ليفربول لتفادي الخروج.. وقمة إيطالية بين روما وميلان    في الجولة ال 28 من دوري روشن.. النصر يستقبل الفيحاء..والاتحاد في ضيافة الحزم    أسرة الهجري تحتفل بعقد قران مبارك    أسرتا الطويل والجربوع تتلقيان التعازي في وفاة والدتهما    هطول أمطار في 8 مناطق.. والشرقية تسجّل أعلى كمية    خادم الحرمين يرعى مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم    نجوم "شباب البومب" يحتفلون بتصدر شباك التذاكر في السينما السعودية    فنّ العمارة القديمة في الباحة .. شاهد على التطور    برامج ثقافية وترفيهية    محافظ جدة يطلع على خطط "الثقافة والفنون"    السديس يكرم مدير عام "الإخبارية"    ترأس اجتماع "المركزية".. نائب أمير مكة المكرمة يناقش نتائج الخطط واستعدادات الحج    التسجيل في «X» بمقابل مالي للجدد !    تعزيز العلاقات الثنائية وتعزيز فرص التعاون بين المملكة وأرمينيا    حكم قضائي يلزم يوفنتوس بدفع 10 ملايين يورو لرونالدو    ريال مدريد يقصي مانشستر سيتي ويتأهل لنصف نهائي أبطال أوروبا    مدرب النصر "كاسترو" يتعرّض لوعكة صحية تغيّبه عن الإشراف على الفريق    ماكرون: على الاتحاد الأوروبي توسيع العقوبات على إيران    تراثنا.. مرآة حضارتنا    امرأة تصطحب جثة على كرسي متحرك إلى بنك بالبرازيل    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    أمير منطقة الرياض يرعى الحفل الختامي لمبادرة "أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة"    بدء تطبيق تخفيض سداد غرامات المخالفات المرورية المتراكمة بنسبة 50%.. اليوم    الخليج يتوّج بلقب كأس اتحاد الطائرة    أمريكا أكثر حيرة من ذي قبل !    ما ذنب الأهلي يا هلاليون؟    الهلال يخسر من العين برباعية في ذهاب نصف نهائي أبطال آسيا    تآخي مقاصد الشريعة مع الواقع !    شقة الزوجية !    العلاقات السعودية - الأردنية.. مستويات عالية من التنسيق في شتى المجالات    أمير القصيم ينوّه باهتمام القيادة بالمساجد    منصة تراضي تنهي 7700 قضية تجارية صلحاً    «المظالم» يوقع مذكرة لاستيفاء الحقوق الصادرة عن محكمة التنفيذ الإدارية    العمالة المنزلية تتكاثر في المكان الخطأ    عاصفة مطرية أغرقت مطار دبي ومسؤول ينفي الاستمطار    جائزتان في الأولمبياد الأوروبي    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على محمد بن معمر    نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس جامعة حفر الباطن    مأزق نتنياهو .. ضرب إيران أم اجتياح رفح ؟    140 مليون ريال من ريف السعودية دعمًا لقطاع العسل    الشولي : اكثر من مليون ونصف اجراء تجميلي خلال شهر رمضان بالعاصمة الرياض    سمو أمير منطقة الباحة يلتقى المسؤولين والأهالي خلال جلسته الأسبوعية    جهود القيادة سهّلت للمعتمرين أداء مناسكهم    أمير الرياض يحضر حفل تسليم جائزة الملك فيصل العالمية.. الإثنين    5 علامات تخبر أن الكبد لديه مشكلة    نظرية جديدة عن مشاعر السعادة بالأغاني الحزينة    حل أرض مستشفى الحوية بين «الأمانة» و«عقارات الدولة»    كفاءة وجاهزية    .. و يستقبل العلماء والمشايخ    أمير الجوف يؤكد على تعزيز دور المجتمع في مسيرة التنمية    «طب العيون» بمجمع الدكتور سليمان الحبيب بالعليا يحصل على شهادة SRC الأمريكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



مُصارعة الثيران والماتادور الصحافي
نشر في الرياض يوم 21 - 03 - 2021

لنزالات "مصارعة الثيران" أسس، وهي قريبة إلى حد ما إلى القواعد الصحافية، لذلك من أراد الاحتراف فيها فعليه أن يكون متزنا لمجابهة الثور الهائج (الحدث)، لفهم سلوكه بهدوء دون استعجال قبل الانقضاض عليه..
على الصحافي اليوم، إذا ما أراد التعمق في فهم طبيعة ممارسات مهنة "البحث عن المتاعب"، أعتقد أن عليه -والله أعلم- الاتجاه ودون تردد إلى اتقان "نِزال مصارعة الثيران"؛ لأنها الأقرب إلى عقل وقلب "صاحبة الجلالة". يُعرف عن مصارعة الثيران، أنها نِزال بين "ثور ورجل"، ويطلق على الرجل المُصارع اسم (الماتادور)، وهي مشهورة في كثير من الأقطار التي تتحدث الإسبانية والبرتغالية، ويعد مُصارعوها في بعض البلدان أبطالًا قوميين، ورغم أنها توصف بطابع الخطورة على ممارسيها، وطابع القسوة على الحيوانات، فليس لزامًا على الصحافي أن يتعلمها في مهرجان سان فيرمين بمدينة بامبلونا الإسبانية، وقبل الولوج إلى عمق المقال، من المهم تفسير بعض المصطلحات الواردة هنا، لفهم طبيعة السياق، و(الثور) في قاموس "مهنة البحث عن المتاعب"، هو الحدث الخبري، و"الماتادور" هو لقب المصارع الرئيس في حلبة المصارعة، ويرتدي بدلة تسمى «تراجي دو لوسيز» فاقعة الألوان، ومشغولة بالتطريز والخيوط الذهبية، وله مساعدون يطلق عليهم لقب «باندريلليروز»، يدخلون الحلبة قبله، لإثارة الثور، والمقصود به هنا الصحافي، وحلبة الصراع، هي ميدان الأحداث، وأما الجمهور فهم العامّة من الناس، والمغردون في منصات التواصل الاجتماعي المحيطون بجغرافية الحدث التأثيرية.
لنزالات "مصارعة الثيران" أسس، وهي قريبة إلى حد ما إلى القواعد الصحافية، لذلك من أراد الاحتراف فيها فعليه أن يكون متزنا لمجابهة الثور الهائج (الحدث)، لفهم سلوكه بهدوء دون استعجال قبل الانقضاض عليه، وهو يتطابق تمامًا مع التفسيرات التي يقدمها الصحافي المتمرس لتطورات ما وراء الحدث، وبعض كُتّاب الرأي يملكون لغة بلاغية بديعة، إلا أنهم يفتقدون لمهارة التفكير الاستراتيجي، وطريقة صياغة الأهداف بعيدة المدى.
في العرف المهني العام، يسعى "الماتادور الصحافي"، إلى النيل من الثور (الحدث الخبري) بقلمه وأدوات المهنية، وليس بالرمح الذي يسدده المصارع في الحلبة الأصلية، وسط حماس الجماهير التي تطالبه بإنهاء حياة الثور المُضرخ بدمائه بجملتهم الشهيرة "Olé Señor"، وربما لا تعلم عمق التفاصيل التي يواجهها "الماتادور"، وهي تفاصيل متطابقة لطبيعة الأحداث، التي تُلزم الصحافي بتبيانها للرأي العام بواقعية، وهو ما يفعله المصارع عندما يتخلى عن قتل الثور؛ لعلمه بأمور لم تشعر بها الجماهير. ولنكن واقعيين فتأثير الشبكات الاجتماعية، خاصة تويتر بدا واضحًا على تشكيلات الأخبار، وهو يحتاج إلى مراجعة وتدقيق، من صانعي السياسات الإعلامية، ومشرفي غرف الأخبار، إذ لا يجب الانسياق خلف حماس الجماهير، دون تطبيق للقواعد المهنية الرصينة، وهي بخبرتي المتواضعة "السقطة المؤلمة" التي انزلق في مسارها عدد غير قليل من المؤسسات الصحافية والإعلامية في منطقتنا العربية على وجه الخصوص.
الفرق بين الصورتين في نِزال "مصارعة الثيران"، أننا في مسارنا المهني نقتل الزيف ونصبغ الحدث بلون الحقيقة، لذلك يأبى "الماتادور" المتمكن إلا بعد تفنيده ودراسة ما وراء سلوكه وفهمه بشكل متعمق، وهذا ما يجب أن يكون عند مواجهة الحدث الخبري تماماً، وليس هذا كلامًا تنظيريًا فلسفيًا، بل هو ما تسير عليه جميع المدارس والاتجاهات الصحافية العالمية. لم تصبح ملاحقة "الحدث الخبري" أمرًا سهلًا بالنسبة للصحافي، خاصة في ظل عناصر التشتيت المقصود منها وغير المقصود، ناهيك عن علو كعب "الانحياز الإعلامي"، في اختيار الأحداث والقصص التي تتم تغطيتها، وهو بلا أدنى شك انتهاك لمعايير الصحافة، وصحيح أن فلسفات المؤسسات الصحفية يختلف بعضها مع بعض، إلا أنها تُجمع على مبادئ لا يمكن التنازل عنها، وفي مقدمتها "الدقة والموضوعية والحياد والتسامح والمسؤولية، وأسلوب المعالجة الصحافية".
وحتى تكون "الماتادور الصحافي"، عليك أولًا في ظل التصارع الإعلامي بين القوى المختلفة، ضبط ذاتك المهنية، وعدم الانجرار خلف المسارات التحيزية، وتطبيق المعايير المهنية الصارمة للوصول إلى العمق الإخباري، وهو ما تطالب به الجماهير أكثر من أي وقت مضى، فالسبق الصحفي لن يصنع منك صحافيًا محترفًا، ولهذا بدأ يتشكل مفهوم مدرسة "الصحافة المتأنية"؛ وهي صحافة تحليلية عميقة الطرح ورغم شموليتها وطولها إلا أنها مواكبة لأبرز الأساليب الصحفية، وجاءت بسبب اتجاه الصحافيين إلى السبق المهني والسرعة وجعلها معياراً للأخبار، متغاضين عن الأخلاقيات المهنية في صحة المعلومات المنقولة، مما سبب سيولة كبيرة للأخبار الصادقة وغير الدقيقة في نفس الوقت، وأصبح الناس يعرفون المستجدات بدلاً من أسباب تطورها وحدوثها.
ومن أجمل ما وقع بين يدي مؤخرًا وأنا أبحث في هذا الموضوع، ما جاء في دليل "المراسل الصحفي"، وهو خلاصة خبرات صحفيي وكالة رويترز للأنباء، وأشار إلى عدم وجود قواعد موحدة لكيفية عمل الصحافي، أو الطريقة التي يمارس بها مهنته، إذ إن الأساليب التي يتبعها تتباين حسب الاختلافات الإقليمية والتاريخية والثقافية لكل بلد، لكن الصحافيين يتفقون على العناصر الرئيسة لما تعده الغالبية نقلًا جيدًا ومسؤولًا للأخبار، عبر البحث عن الحقيقة قدر المستطاع في ظل الظروف السائدة، والمبادئ الإرشادية الرئيسة القليلة وهي "الدقة، والموضوعية، والأمانة، والنزاهة".. دمتم بخير.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.