كل نفس ذائقة الموت وإنما يوفى الصابرون أجرهم بغير حساب (الموت حقيقة يؤمن بها كل حي في دلالته لغة ومفهومه كمصطلح، ولهذا يقال: غيّب الموت..) لكن إلى أي مدى نعتبر تغييبه البشر واقعاً حقيقياً؟ قلة هم الذين أخفى وجودهم لكنه لم يستطع أن يخفي أثرهم. والقلة دائماً رمز للأكفاء وللناجحين والقادرين على التميز، صالح المحمد القاضي بدون مقدمات ولا القاب يزينها قبل أن تزينه أحد هؤلاء القلة، تخرج في كلية الشريعة وبدأ مشواره العملي في التعليم ثم مديراً لأكثر المدارس الثانوية أهمية في ذلك الوقت (اليمامة الثانوية) التي خرجت العديد من رجالات الدولة والوجهاء وصناع القرار، طلبته وزارة العمل ثم تولى رعاية الشباب ليسلم الراية للأمير خالد الفيصل مشاركاً في وضع لبنات التأسيس والتطوير ومسهماً في صياغة وتنظيم العمل الشبابي والرياضي في ذلك العهد ومترئساً لبعض الوفود والبعثات الرياضية أو مشاركاً فيها ليعود لوزارة العمل رئيساً للجان القضاء العمالية وغيرها من الإدارات. أحد رواد الرياضة في المنطقة الوسطى شارك في تأسيس (أهلي الرياض) وترأسه بمسماه اليمامة ثم الرياض وترأس اتحاد الجمباز، هذا التراكم من الخبرات إلى جانب استعداده الذاتي شكلت شخصية صالح القاضي وانعكست على طبيعته، فكان مربياً فاضلاً.. وقانونياً متمرساً.. وصاحب روح رياضية عالية.. ورجل قرار.. فجمع الحكمة وقوة الشخصية وبعد النظر.. تشرفت بزيارته مع بعض الرياضيين بعد تقاعده وجلست إليه عدة مرات فتعرفت عليه بعد أن كنت أعرف عنه، حديثه آسر.. ومجلسه لا يُمل.. عامر دائماً بأبناء الأسرة وبالأصدقاء والمحبين.. يحنو على الصغار ويلاطفهم.. ويمازح الكبار ويسامرهم.. ابتسامته لاتفارق محياه.. نظيف القلب عفيف اليد طاهر اللسان.. غادر (صالح القاضي) فسقطت ورقة من تاريخنا الرياضي كما سقط غيرها تساقط أوراق الخريف، أولئك الذين يحملون إرثاً رياضياً هو الأساس في نهضتنا الرياضية دون أن نستفيد من هذا الإرث أو نحتفي بمورثيه. والله من وراء القصد
