أضحى التمييز بين رواد أعمال الضرورة من جهة، ورواد أعمال الفرصة الذين يغتنمون فرصاً اقتصاديةً معينة من جهةٍ ثانية، أكثر أهمية لأن دول المنطقة تسعى إلى حدٍ كبير إلى اتباع سياسات غير متمايزة لريادة الأعمال تستهدف في المقام الأول رواد الفرص. منذ العام 2001، يميز مؤشر ريادة الأعمال العالمي - وهو تقييم سنوي لنشاط ريادة الأعمال في 100 دولة - بين نوعين من رواد الأعمال: رواد الأعمال الذين يبحثون عن فرص عمل طوعًا بدافع المصلحة الشخصية أو تحقيق استقلالية أكبر أو دخل أعلى في كثير من الأحيان من ناحية، ورواد الأعمال الذين يعملون في مجال العمل الحر لأنهم غير قادرين على إيجاد عمل أفضل، ويجدون أن العمل الحر هو أفضل بديل في حالتهم، ولكن ليس بالضرورة أن يكون خيارهم الأفضل للعمل. وتشير بيانات مؤشر ريادة الأعمال العالمي أيضًا إلى أن نسبة أعلى من مشاريع ريادة الأعمال القائمة على اغتنام الفرص الاقتصادية سُجِلَت في قطاع خدمات الأعمال ذات المهارات العالية في الاقتصادات القائمة على المعرفة، بينما نشهد تركيزاً أكبر من رواد أعمال الضرورة في القطاعات الاقتصادية المنخفضة وشبه الماهرة الموجهة نحو المستهلك. كما أن تطلعات النمو تتباين بدرجةٍ كبيرة وتستند إلى حد كبير على أنواع مشاريع ريادة الأعمال، حيث يتوقع معظم رواد أعمال الضرورة ألا يتجاوز عدد العاملين في شركاتهم الناشئة أكثر من خمسة موظفين. وتمكن بيانات مؤشر ريادة الأعمال العالمي عن 11 دولة في المنطقة العربية من تصنيف الدول وفقًا لقدرتها على توفير بيئة تمكينية كافية لريادة الأعمال القائمة على الفرص. ويمكن تصنيف الدول العربية إلى ثلاث مراحل من النضج المرتبط بالتنمية الاقتصادية، وظروف سوق العمل، والهيكل الصناعي إلى ريادة الأعمال القائمة على الفرص. ونناقش أدناه وصفًا موجزًا لكل مرحلة من مراحل التوازن ويتم تطبيقها على 11 بلداً عربياً لديها بيانات متاحة على مؤشر ريادة الأعمال العالمي الخاص بها. مستوى توازن منخفض لفرص ريادة الأعمال يحدث انخفاض في مستوى توازن فرص ريادة الأعمال عندما يعتمد الاقتصاد على اتجاه إنتاجي ذي قيمة مضافة أقل، وكذلك عندما يحدث نقص في الأيدي العاملة ذات المهارات العالية. وفي الاقتصادات التي تواجه توازنات منخفضة في فرص ريادة الأعمال، يتكون الهيكل الصناعي عادةً من عدد كبير من الشركات الصغيرة وغير الرسمية المعرضة بدرجةٍ كبيرة للصدمات الاقتصادية. الشركات الصغيرة أكثر عرضة للتقلبات الاقتصادية التي يمكن أن تسبب تغيرات في معدلات البطالة أو تفشل في توفير فرص عمل كافية تؤدي إلى ظهور مستويات عالية نسبيًا من شريحة «رواد أعمال الضرورة» التي أشرنا إليها. وفي بلدانٍ عربية مثل جمهورية مصر العربية ودولة فلسطين والجمهورية اليمنية، هناك تركيزات عالية من رواد أعمال الضرورة بسبب انخفاض مستويات نضج البيئة الحاضنة لمشروعات ريادة الأعمال من حيث توفير الفرص لمشاريع ريادة الأعمال القائمة على الفرص. مستوى توازن مرتفع لفرص ريادة الأعمال إن البلدان العربية التي تتمتع بمستوى توازن مرتفع لفرص ريادة الأعمال هي دول غنية نسبياً على أساس نصيب الفرد من الناتج المحلي الإجمالي، ويتميز القطاع الصناعي فيها بوجود عدد كبير من الصناعات القائمة على المعرفة التي توفر المهارات العالية وفرص العمل برواتب مرتفعة لأغلبية مواطنيها. ويميز هذه الدول أيضاً ارتفاع معدلات مواطنيها العاملين في القطاع العام والدوائر الحكومية، كما تقوم حكومات هذه الدول بتوفير الدعم والرعاية لرواد الأعمال من مواطنيها من خلال تقديم القروض المصرفية الميسرة لتوفير التمويل لمشروعات ريادة الأعمال القائمة على الفرص. ويتميز الهيكل الصناعي لهذه البلدان بوجود قوي للشركات الصغيرة والمتوسطة إلى جانب شركات كبيرة ومتطورة قد تكون مملوكة للدولة. وقد نفذت البلدان التي تتمتع بمستوى توازن مرتفع لفرص ريادة الأعمال سياسات اقتصادية موجهة إلى دعم قطاع ريادة الأعمال وحققت نجاحًا كبيرًا في تحسين جودة التعليم ودمج التدريب على ريادة الأعمال في المؤسسات التعليمية وقطاع التعليم الفني والتدريب المهني.