على مدى نحو عقدين من الزمان والمملكة تحمل لواء مكافحة الإرهاب بشتى صنوفه على عاتقها؛ هذا والعالم أجمع يشهد للمملكة ريادتها الأمنية ومدى قدراتها الاستخباراتية في مكافحة كل جماعات الإرهاب وتنظيماته ودوله الداعمة له وكم من العمليات الإرهابية التي أحبطتها أجهزة المملكة الأمنية والخلايا الاستخباراتية التي كشفتها وليس ذلك داخل المملكة فحسب بل وحتى في خارج المملكة أو في دول أخرى وتُعدّ من الأشدّ أمنياً كأميركا وبريطانيا وقبل وقوع العمليات الإرهابية التي كانت تستهدف أمنها. لذلك لم يكن مستغرباً ما تطالعنا به رئاسة أمن الدولة من بين فينة والأخرى من الإطاحة بخلايا استخباراتية أو كشف مخططات إرهابية حتى هذا الخبر الذي أعلنته أول من أمس. حينما صرَّح المُتحدث الرسمي لرئاسة أمن الدولة، بأنه نتيجة المتابعة الأمنية لأنشطة العناصر الإرهابية، فقد تمكنت بفضل الله الجهات المختصة بالرئاسة بتاريخ 5 / 2 / 1442ه، من الإطاحة بخلية إرهابية تلقى عناصرها خلال الفترة ما بين 9 / 2 إلى 20 / 3 من العام 1439ه، داخل مواقع للحرس الثوري في إيران تدريبات عسكرية وميدانية من ضمنها طرق وأساليب صناعة المتفجرات. ومن استمع لمّا صرّح به سعادة اللواء بسام العطية متحدث رئاسة أمن الدولة: المشروع الإيراني هو مشروع إحلالي خطير للغاية، مشروع قائم على تغيير الثقافات والولاءات والانتماءات وتغيير الديموغرافية وتدمير الهوية. يذكر الأمير بندر بن سلطان رئيس الاستخبارات السعودية في لقاءٍ معه ضمن فيلمٍ وثائقي أن الملك فهد -رحمه الله تعالى- كان يريد من إيران فقط كف الأذى. ليس طموحاً للعرب أن تكون إيران ضمن مصالحهم لأن إيران تنطلق من جذور تاريخية وتريد أن تكون امبراطوريةً تأمر ولا تؤمر، وتكون هي المدبر الرئيس لكل صغيرة وكبيرة في العالم العربي. وإيران ليست سبّاقة للتعامل مع العرب بلباقة، بل تدعم الحركات الانفصالية، من العراق إلى لبنان عبر حزب الله إلى منطقة الخليج، هي لا تدعم الحقوق بل تدعم أي أمر يعزز من الاضطراب الداخلي لهذه الدولة أو تلك. وإذا عدنا إلى تاريخ التنظيمات والجماعات الإرهابية حركات الإسلام السياسي المسلح منها وغير المسلح التي تشترك في الطموح السياسي سنجد أن إيران كانت ولا تزال هي الداعمة الرئيسة لهم والداعمة الأولى لهم والمنافحة عنهم والبيئة الحاضنة لهم ولقياداتهم من تنظيم القاعدة وحزب الله حتى داعش ومن والاهم. مع فشل النظام الإيراني فيما سُمِّيَ خديعة بالربيع العربي في تحقيق حلمه الثوري بالمنطقة وهزائمه المتوالية التي تكبّدها في سبيل حماية النظام السوري وإصابته بمقتل على إثر عاصفة الحزم وقطع الطريق عليه باليمن وحينما مارست المملكة لحق من حقوقها السيادية بتنفيذ القصاص في 47 إرهابياً لم يكن أمام النظام الإيراني سوى تحريك أدواته وأقصى ما يمكنه ممارسة الاعتداء السافر على سفارة المملكة بطهران وحينما حسمت المملكة موقفها وقرّرت قطع علاقاتها مع إيران لم يكن بوسع النظام الإيراني سوى العودة لذات حيله وألاعيبه ومحاولات إشعال نيران الطائفية من جديد. كانت الضربات الأمنية تجاه بعض الشغب والأعمال الإرهابية في المنطقة الشرقية فرصةً لمحاولة إشعال فتيل نيران الطائفية والتشنيع المذهبي. وكأن الجهات الأمنية لفئةٍ من الناس دون غيرها. الإرهابيون الذين قبضت عليهم الجهات الأمنية أو من أعلن عنهم ضمن قوائم المطلوبين أمنياً خلال أحداث الإرهاب ونشاط تنظيم القاعدة من السنّة لم يقل أحد أن العمليات الأمنية ذات أساليب طائفية ومسوغات مذهبية. الطائفية بعيدة كل البعد عن العمل الأمني ذلك أن الحفاظ على مكتسبات الوطن ومقدراته فوق الجميع. وهذه الصيغة من التضليل بحيث يوضع كل حدثٍ ضمن سياقات مذهبية وطائفية قد عفى عليه الزمن وحريّ بكل عاقل وفضلاً عن مواطن أن نتأمل بالفعل بمحيطنا المضطرب لنتكاتف كمواطنين بكل فئاتنا لحماية الوطن من كل أَذًى.