في الوقت الذي كان مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- يقود مرحلة تأسيس الدولة، كانت الصحة تشكل هاجساً كبيراً في فكر هذا القائد، الأمر الذي دفعه قبل إعلان تأسيس الدولة بثمانية أعوام إلى إصدار أمره بإنشاء مصلحة الصحة العامة وتحديداً العام 1343ه الموافق 1925م ومقرها مكةالمكرمة، وافتتاح فروع لها في مختلف المناطق. الاهتمام بالتطعيم ضد الأمراض.. وفحص الحجاج القادمين من الخارج وفي السابع والعشرين من شهر شعبان من العام 1344ه، الموافق عام 1925م وضع الملك عبدالعزيز اللبنات الأولى لنشأة الخدمات الصحية في المملكة بقرار إنشاء مديرية للصحة العامة، والذي أصدره عند دخوله إلى الحجاز بحيث تتولى مديرية الصحة العامة مهام الإشراف على المستشفيات والمراكز الصحية الموجودة في ذلك الوقت في بعض مدن الحجاز الرئيسة، إلاّ أن الإمكانات المادية والبشرية المتوفرة حتى عام 1360ه الموافق عام 1941م كانت محدودة في البداية، ثم توسعت تدريجياً حتى عام 1365ه الموافق عام 1945م، حيث أصبح لمديرية الصحة العامة ميزانية تتزايد باستمرار إلى أن تحولت إلى وزارة الصحة ذات أنشطة وقدرات متكاملة، وذلك في عام 1370ه الموافق عام 1950م صحة وإسعاف وبعد فترة وجيزة وتحديدًا في 27 /8 / 1344ه الموافق عام 1925م أصدر الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- أمره بإنشاء مديرية الصحة العامة والإسعاف، بهدف الاهتمام بشؤون الصحة والبيئة، والعمل على إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية في جميع أنحاء المملكة، وواكب ذلك إصدار اللوائح التنظيمية؛ لضمان ممارسة مهنة الطب والصيدلة، والاهتمام بتدريب الكوادر الطبية المهنية، وإعداد البرامج التوعوية والوقائية، والإشراف على صحة الحجاج، حتى تجاوز نطاق عمل المديرية حدود مكةالمكرمة ليشمل كافة مناطق المملكة، وبهدف دعم هذه المديرية الوليدة تم تكوين المجلس الصحي العام وهو أعلى هيئة صحية إشرافية في البلاد، ويضم المجلس، سمو نائب الملك رئيساً، وعضوية مدير الصحة العامة، ومدير صحة العاصمة، ومدير شرطة العاصمة، ومدير الكرنتينات، ومدير الأوقاف، ورئيس لجنة عين زبيدة، وأحد مستشاري نائب الملك. وعقد المجلس أولى جلساته في 25 /8 / 1345ه في مكةالمكرمة، وفي ذات الوقت صدر نظام إدارة الصحة العامة والإسعاف في 1 / 8 / 1345ه الموافق عام 1926م وبلغت مواده 111 مادة توضح ارتباط المديرية العامة للصحة، وهيكلها ومهامها ونظام موظفيها وتوصيف مهام رؤساء الأطباء والصيادلة، وتحديد الرسوم الخاصة بالعلاج، وتحديد وظائف رئيس الكتاب ومأموري المخازن، وتحديد الوظائف الضابطة للصحة، وتشكيل المستشفيات واللجان الإدارية واللجان الصحية القضائية، وما يتعلق بالاحتياطات الصحية للحجاج، وشروط العمل في المديرية العامة للصحة. منشآت صحية واهتمت مديرية الصحة العامة بتأسيس المستشفيات والمراكز الصحية المختلفة على فترات زمنية متقطعة، وكان يعلن عنها في الصحيفة الرسمية -أم القرى-، ففي شهر شعبان من عام 1345ه الموافق عام 1926م أنشأت المديرية مستوصفاً طبياً في الطائف وجهزته بالأسرّة والأدوية وعدد محدود من الكادر الطبي، كما أنشأت مستوصفاً في حي جرول في مدخل مكةالمكرمة. وفي شهر جمادى الأولى من عام 1346ه الموافق عام 1927م أصدر الملك عبدالعزيز -طيب الله ثراه- أمره بتأسيس مستوصف صحي في أبها عاصمة عسير، كما اعتمد إنشاء مستوصف صحي في بحرة في العام نفسه. وفي شهر رمضان من عام 1349ه الموافق عام 1930م اعتمد إنشاء مستشفيين أحدهما في الأحساء والآخر في القطيف، وفي عام 1353ه الموافق عام 1934م صدرت الموافقة على إنشاء مستشفى في الطائف، وفي محرم من عام 1354ه الموافق عام 1953م صدر الأمر السامي بتأسيس مستوصفين أحدهما في نجران والآخر في الجوف، كما صدر في العام الذي يليه وتحديداً في شهر محرم من عام 1356ه الموافق عام 1937م صدر الأمر السامي بالموافقة على تأسيس مستوصف صحي المنطقة الشمالية من نجد ومركزه حائل، واستمر العمل في إنشاء المستشفيات والمراكز الصحية بعد هذا العام حتى بلغت أواخر عام 1386ه الموافق عام 1966م أحد عشر مستشفى وخمسة وعشرين مستوصفاً، وأربعة وثلاثين مركزاً صحياً بخلاف المستشفيات والمستوصفات الأهلية وإلى جانب الاهتمام بإنشاء المستشفيات والمراكز الصحية، اهتمت المديرية بإنشاء المختبرات والمعامل المساندة لها، إذ أنشأت عام 1354ه الموافق عام 1935م معامل كيميائية لتحضير ما تحتاج المستشفيات إليه من أدوية، بالإضافة إلى تحليل المياه والمواد وغيرها، وتم استيراد الأجهزة والأدوات اللازمة من الخارج. جهود وقائية وكان من أكبر المشكلات الصحية التي يعاني منها سكان البلاد قبل مرحلة التأسيس انتشار الأوبئة التي تحصد أروح كثير من الناس، وتخلف فيهم آثار إعاقة أو تشويه، وكان بعض هذه الأمراض ينشأ داخل البلاد، وبعضها يفد مع الحجاج، ولهذا فقد أدركت مديرية الصحة العامة حينها أهمية وخطورة هذا الوضع فاتخذت التدابير اللازمة، ومنها، الاهتمام بصحة البيئة والنظافة العامة، وتم إصدار نشرات توعوية خاصة في موسم الحج، بالإضافة إلى الكشف عن هذه الأمراض والإعلان عنها حين ظهورها مباشرة، كما كان من أهم الإجراءات التي بذلتها مديرية الصحة العامة الاهتمام المبكر بعمليات التطعيم ضد الأمراض قبل ظهورها، فكانت الأمصال واللقاحات تجلب من الخارج، ثم يعلن للسكان عن حملات التطعيم المجانية، وكانت الإعلانات تتوالى بشكل مستمر، وتحذر الناس من التهاون في أخذ اللقاحات. ومن أهم الإجراءات التي قامت بها مديرية الصحة العامة في هذا السياق إصدار نظام التطعيم ضد "الجدري" في شهر ربيع الأول من عام 1349ه الموافق عام 1930م ويحتوي على 14 مادة، والإجراء الثاني هو الاعتماد على القدرات الذاتية في إنتاج اللقاحات المضادة، فتم تأسيس مؤسسة الجراثيم والتي بدأ التفكير في إنشائها في شهر رجب من عام 1345ه الموافق عام 1926م في الطائف، وتم افتتاح مصنع المؤسسة في شهر جمادى الأولى من عام 1346ه الموافق عام 1927م، وبدأ في إنتاج لقاح الجدري ثم التيفوئيد وكان يرسل إلى كافة أنحاء البلاد، ونظراً للحاجة المتزايدة للتطعيم ضد الأمراض، توسعت مديرية الصحة العامة في إنتاج اللقاح فأسست فرعاً في مستشفاها في مكةالمكرمة لاستخراج لقاح الجدري، وأنتج هذا الفرع اللقاح، وأرسلت كميات منه إلى مناطق جازان، عسير، القصيم، الوسطى واستمرت العناية بتطعيم السكان ضد الأمراض المعدية بشكل شامل، وبلغ عدد من تم تطعيمه ضد مرض الكوليرا في عام 1340ه الموافق 1921ه مليونين وخمس مئة ألف إنسان حين ظهر المرض في مصر، وارتبط إنشاء مؤسسة الجراثيم تأسيس منشأة أخرى لا تقل أهمية عنها، وتعد مفخرة في تلك الفترة، ففي شهر شوال من عام 1345ه الموافق 1926م تم تأسيس معمل أقراص الكينة وهو جزء من معمل كيميائي لإحضار ما تحتاج إليه المؤسسة من أدوية، بالإضافة إلى تحليل المياه والمواد، واكتمل إنشاء هذا المعمل، وبلغ إنتاج أحد خطوط الإنتاج خمسة عشر ألف قرص من الأدوية كتب على أحد وجهي القرص مكةالمكرمة وعلى الوجه الآخر مصلحة الصحة العامة، وكانت هذه الأقراص تستعمل علاجاً لمرض الملاريا المنتشر في ذلك الوقت، وكانت توزع مجاناً. صحة الحج ونظراً لوجود الحرمين الشريفين في المملكة العربية السعودية، مقصد الحجاج والمعتمرين من كل أصقاع الدنيا، كان الجانب الصحي من الأمور المهمة التي عنيت بها الدولة؛ لأن الحجاج الذين يفدون إلى المملكة يأتون من مناطق العالم أجمع، ولهذا تحملت الدولة السعودية منذ عهد الملك عبدالعزيز هذه المسؤولية رغم شح الموارد بل انعدامها خاصة قبل تأسيس الدولة عام 1351ه الموافق 1931م، وكان من أبرز أعمال الحج في تلك المرحلة من التاريخ العناية بالمحاجر الصحية بهدف فحص الحجاج القادمين من خارج المملكة قبل دخول مكةالمكرمة والمدينة المنورة والمشاعر المقدسة للتأكد من خلوهم من الأمراض المعدية، ومن مظاهر العناية بالحجاج ورعايتهم من الناحية الصحية كثفت مديرية الصحة العامة عدد الأطباء العاملين في موسم الحج، وتوزيعهم في المشاعر المقدسة، ولهذا كان يعلن في بداية كل موسم عن توظيف الأطباء بشكل مؤقت لمدة ثلاثة أشهر، وكان يدفع لهم مقابل ذلك رواتب مجزية، وكان ذلك في عام 1345ه الموافق عام 1926م. وفي ذات السياق كانت المستشفيات والمراكز الصحية تخصص لاستقبال الحجاج المرضى أو المصابين إذ تم تخصيص أربعة مستشفيات في مكةالمكرمة هي أجياد، القبان، الشبيكة، والمعلاة، بالإضافة إلى مستشفى في منى ومركز صحي في عرفات، إلى جانب مراكز مظللة منتشرة في منى وعرفاتومكةالمكرمة. مستشفى الخبر للولادة تطعيم الأطفال قديماً قلع الأسنان في الماضي