«حماس» تبحث مغادرة الدوحة.. هل انهارت مفاوضات «هدنة غزة»؟    برشلونة في مفاوضات مع أولمو لضمه من لايبزج    «الداخلية»: ضبط 14,672 مخالفاً لأنظمة الإقامة والعمل وأمن الحدود في أسبوع    مساحة العُلا للتصميم تعرض مبادراتها في أسبوع ميلان للتصميم    وظائف للخريجين والخريجات بأمانة المدينة    فيتنام: رفع إنتاج الفحم لمواجهة زيادة الطلب على الطاقة    للمرة الثانية على التوالي النقد الدولي يرفع توقعاته لآفاق الاقتصاد السعودي ليصبح الثاني عالمياً لعام 2025    الصحة العالمية توافق على لقاح ضد الكوليرا لمواجهة النقص العالمي    طقس اليوم: فرصة لهطول أمطار رعدية على معظم مناطق المملكة    الجدعان: الاقتصاد العالمي يتجه لهبوط سلِس    ماني: إهدار ركلة الجزاء لم يزعجني.. وهذا سر الفوز    الحزم يتعاقد مع المدرب صالح المحمدي    حمدالله: تجاوزت موقف المُشجع.. وصفقات الهلال الأفضل    البنك الدولي: المملكة مركزاً لنشر الإصلاحات الاقتصادية    إعفاء "الأهليات" من الحدّ الأدنى للحافلات    بن دليم الرحيل المُر    بوابة الدرعية تستقبل يوم التراث بفعاليات متنوعة    نجران.. المحطة العاشرة لجولة أطباق المملكة    إخلاء طبي لمواطنة من كوسوفا    "الأمر بالمعروف" في أبها تواصل نشر مضامين حملة "اعتناء"    أسرتا باهبري وباحمدين تتلقيان التعازي في فقيدتهما    الخريجي يلتقي نائب وزير الخارجية الكولومبي    رئيس "الغذاء والدواء" يلتقي شركات الأغذية السنغافورية    الرياض: الجهات الأمنية تباشر واقعة اعتداء شخصين على آخر داخل مركبته    الوحدة يحسم لقب الدوري السعودي للدرجة الأولى للناشئين    حرس الحدود ينقذ مواطنًا خليجيًا فُقد في صحراء الربع الخالي    سلام أحادي    تجمع مكة المكرمة الصحي يحقق انجاز سعودي عالمي في معرض جنيف الدولي للاختراعات 2024    اختيار هيئة المحلفين في المحاكمة التاريخية لترامب    أرمينيا تتنازل عن أراضٍ حدودية في صفقة كبيرة مع أذربيجان    حائل.. المنطقة السعودية الأولى في تطعيمات الإنفلونزا الموسمية    وفاة الممثل المصري صلاح السعدني    نوادر الطيور    المرور بالشمالية يضبط قائد مركبة ظهر في محتوى مرئي يرتكب مخالفة التفحيط    التعريف بإكسبو الرياض ومنصات التعليم الإلكتروني السعودية في معرض تونس للكتاب    أمير عسير يتفقد مراكز وقرى شمال أبها ويلتقي بأهالي قرية آل الشاعر ببلحمّر    مدرب الفيحاء: ساديو ماني سر فوز النصر    موعد مباراة السعودية والعراق في كأس آسيا تحت 23 عامًا    بطاقة معايدة أدبية    وزارة الخارجية تعرب عن أسف المملكة لفشل مجلس الأمن الدولي    ضيوف الرحمن يخدمهم كل الوطن    أفضل أدوية القلوب القاسية كثرة ذكر الله    اكتشاف خندق وسور بجدة يعود تاريخهما إلى القرن 12 و13 الهجري    إخلاص العبادة لله تشرح الصدور    مساعد وزير الدفاع يزور باكستان ويلتقي عددًا من المسؤولين    "أبل" تسحب واتساب وثريدز من الصين    بينالي البندقية يعزز التبادل الثقافي بين المملكة وإيطاليا    السديري يفتتح الجناح السعودي المشارك في معرض جنيف الدولي للاختراعات 49    التلفزيون الإيراني: منشآت أصفهان «آمنة تماماً».. والمنشآت النووية لم تتضرر    الشاب محمد حرب يرزق بمولوده الأول    توقعات الأمطار تمتد إلى 6 مناطق    فوائد بذور البطيخ الصحية    تخلَّص من الاكتئاب والنسيان بالروائح الجميلة    غاز الضحك !    أمير الباحة: القيادة حريصة على تنفيذ مشروعات ترفع مستوى الخدمات    محافظ جدة يشيد بالخطط الأمنية    أمير منطقة الرياض يرعى الحفل الختامي لمبادرة "أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة"    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على محمد بن معمر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



تساؤلات لبنانية مشروعة..!
نشر في الرياض يوم 30 - 07 - 2020

ما أصعب الحديث عن لبنان خلال هذه الأيام بل ما أثقل أحواله وأحداث يومياته على نفس كل لبناني وكل عربي أحب هذا البلد وتمنى له النهوض مجدداً، فقد أصبحت كل دقيقة تحمل مأساة وانهيارا جديدا، وأصبح اللبناني يرزح تحت وقع المعاناة اليومية لتأمين لقمة العيش أمام آفاق مسدودة وينظر إلى غدٍ قاتم لا بوادر أمل فيه قبل عشرات الأشهر.
وعندما بدأت التحركات الشعبية في أكتوبر من العام الماضي، ذكرت العديد عن الأسباب التي أوصلت البلاد إلى هذه الحالة من الهدر المالي والفساد والعجز بالميزان التجاري غير أن الكل وقف عاجزا عن كيفية الخروج من الأزمة. ثم أعدّت الحكومة الحالية في مايو ما سمتها بخطة إنقاذ اقتصادية، وطلبت رسميا المساعدة من صندوق النقد الدولي، إلا أنه حتى اللحظة لم تتبلور أي خطوة عملية في اتجاه تطبيق هذه الخطة بالرغم من زيارة مسؤولين فرنسيين للبنان خلال الأيام الماضية، كما أن المحادثات مع صندوق النقد الدولي بقيت معلقة بسبب خلافات لبنانية على تقدير حجم الخسائر المالية في البلاد والتي على أساسها ستبدأ مفاوضات مع الصندوق أو أي دائنين محتملين آخرين، وكان الخبر المدهش هو استقالة اثنين من المشاركين الأساسيين في الفريق اللبناني في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي من منصبيهما، لوصولهما إلى قناعة بألا نية حقيقية عند السلطة لإجراء إصلاحات.
كل ما يحدث أصبح قاسياً على الكل ومؤلماً للغاية ومتسببا بحالة إحباط وغضب شعبي، خصوصاً أن الواقع المأساوي يتسارع فيه تدهور الأوضاع يومياً أكثر فأكثر، بل وعجز كثير من اللبنانيين عن إطعام أطفالهم وتأمين أبسط حاجيات عائلاتهم.
فقدان الأمل والعجز الخانق جعل اللبنانيين يعلنون قتل آمالهم وطموحاتهم، وأسدلوا السّتار على أحلامهم ونهاية عذاباتهم التي تسببت مواقف الدولة اللبنانية وحاكمها الفعلي سلاح حزب الله في تدمير نفسية شعبها. هذا السّلاح الّذي يرفع عنوان الذّهاب إلى سورية مرة ليحمي المراقد، ومرة أخرى يقتل الشّعب السّوريّ في فصول من المجازر لا تنتهي، ومرة أخرى يساعد الحوثيين في إطلاق الصّواريخ على المملك العربية السّعوديّة، وفي مرات أخرى ينفّذ هجمات إرهابيّة في أوروبا وصولا إلى ما بعد بعد كولومبيا والأرجنتين.
الانتحار بات عنواناً يومياً في نشرات أخبار لبنان بعدما حاصرنا نحن اللبنانيين الجوع الذي سببه مشروعُ الفقيه لبلادنا بجميع طوائفه بعدما زرع الحقد والمرض المذهبي في بيئة السلاح التي دجنها واليوم أصبحت الدولة كلها خانعة أمام رزمة مخطّطات حزب اللّه الذي لا يعرف إلا الإرهاب والظّلمة والموت والذي أوصل بعض اللبنانيين إلى إنهاء حياتهم في الوقت الذي يجب على جميع اللبنانيين رفض الذّلّ والإرهاب والتّحرّك والاستيقاظ بشكل جماعيّ للتّخلّص من المسبّب بدلاً من إنهاء حياتنا، وأن ننقذ بلادنا من الغرق في وحل سلطة الولي الفقيه التي تبسط نفوذها الإجرامي على كامل الأرض اللبنانية.
أتساءل مجددا، لماذا كان النصف الأول من العام 2020 بهذا السوء على لبنان؟ وما الأسباب التي أدت إلى تسارع الانهيار الاقتصادي في لبنان وجعله على حافة الهاوية؟ وهل الأزمة الاقتصادية اللبنانية هي نتاج لمجموعة عوامل تراكمية عمرها عدة عقود؟ أم أن سببها هو انتقال الصراع بين إيران والولايات المتحدة على الأرض اللبنانية وبالتحديد على الجبهة المصرفية مما ترتب عليه حظر قدوم الدولار إلى لبنان بحكم العقوبات الاقتصادية التي فرضتها واشنطن على النظام السوري وعلى حزب الله، واتهام بعض المصارف اللبنانية بخرق تلك العقوبات؟
كلنا متفقون أن خوف المستثمرين والمواطنين على ودائعهم البنكية دفعهم إلى الزحف لسحبها من المصارف، وهو ما كشف ضعف قدرة المصرف المركزي على تلبية هذا الطلب الهائل على الدولار والذي بدأ يستنزف الاحتياطي من العملات الأجنبية ما دفع المصارف إلى الامتناع عن إعطاء الدولارات لعملائها وهو ما تسبب في تفاقم الأزمة.
وأسأل مجددا، هل تفشي الفساد منع وجود هيكلية اقتصاد منتجة؟
لا شك أنه أضعف مؤسسات الدولة، وتسبب في زيادة عجز الموازنة وارتفاع معدلات الدين العام إلى 90 مليار دولار، وهو رقم لا يتقبله عقل بالنسبة للناتج المحلي اللبناني.
هل ما وصلنا إليه كان بسبب الطبقة السياسية التي كرست الفساد بعد اتفاق الطائف، تحت غطاء طائفي باسم "السلم الأهلي" واعتبرت أن السلم الأهلي فوق كل اعتبار حتى لوكان المسؤول فاسدا؟ أم أن المسؤولية تقع على سوء إدارة الشأن العام وارتفاع النفقات العامة بنسبة 50 % والتوظيف العشوائي بالقطاع العام وعدم مكافحة التهرب الضريبي والجمركي وعدم تطبيق قوانين موجودة، أو تطبيقها بشكل جزئي وعدم تأهيل البنى التحتية للبلاد؟ كل هذه أسئلة نعرف نحن اللبنانيين جميعا حقيقة أجوبتها ولننتقل في جردة الحساب هذه إلى القضاء اللبناني وحاله خلال هذا النصف من العام فقد واصل ذلك القضاء سخافاته وترهاته، وكان آخرها ما تعرض له المرجع الشيعي علي الأمين وكذلك السفيرة الأميركية، فقد نشرت وكالة الأنباء اللبنانية الرسمية قبل أسابيع قليلة خبراً يفيد ادعاء النيابة العامة الاستئنافية بجبل لبنان، على المرجع الشيعي، بتهمة العمالة لصالح إسرائيل، بعد مشاركته في اجتماع مع رجال دين يهود في مؤتمر أُقيم بالبحرين خلال شهر ديسمبر الماضي، وحضره رجال دين مسلمون ومسيحيون ويهود، بالإضافة إلى عدد من السياسيين؛ منهم سفير لبنان لدى البحرين وكان هذا الخبر دليلا ساطعا على صدق اتهامنا للنظام في لبنان بمحاولة وأد كل أصوات المعارضة؛ خصوصاً مع عودة الغضب إلى الشارع اللبناني على خلفية تفاقم الأزمات الاقتصادية بالبلاد. وما يثير الشفقة بعد الريبة هو تراجع الوكالة اللبنانية في اليوم التالي عن نشر الخبر المتعلق باتهام العمالة، مؤكدة أن الاتهامات الموجهة إلى المرجع الشيعي ارتبطت بالتحريض بين الطوائف وبث الدسائس والفتن و"مهاجمة المقاومة وشهدائها" بشكل دائم، حسب النص المحدث الذي تم نشره، دون أن يصدر أي توضيح في الحالتين من النيابة اللبنانية مما يدل على أن مصدر الخبر هو المكتب الإعلامي القابع في الضاحية الجنوبية أو أحد عملائه من القضاة الذين يتلقون الأوامر منه وهذا يؤكد أن القضاء اللبناني أصبح ألعوبة في يد حزب الله.
أيضا حمل هذا النصف من العام قرار قاض لبناني يمنع بموجبه أي وسيلة إعلامية لبنانية من أخذ تصريح من السفيرة الأميركية دوروثي شيا وجاء الحكم بناء على دعوى تقدمت بها سيدة لبنانية رأت في دعواها أن شيا أدلت بتصريحات، خلال مقابلة مع قناة "الحدث" اعتُبرت حسب رأي الفتاة "مسيئة للشعب اللبناني ومثيرة للفتن والعصبيات، ومن شأنها تأجيج الصراعات المذهبية والطائفية، وتشكل خطراً على السلم الأهلي والعيش المشترك"، وتناسى هذا القاضي أن قراره هذا الذي كلفه به حزب الله هو قرار غير مألوف بل ومستغرب، كون التعاطي مع الدبلوماسيين يتم وفق أعراف دبلوماسية أولاً، وليس من صلاحيات القضاء، فضلاً عن أن القرار يفرض وصاية قضائية غير مسبوقة على الإعلام اللبناني ووسائل الإعلام العاملة على الأراضي اللبنانية.
الحقيقة أن لبنان اليوم يصارع الفقر والفساد ويصارع حكومة حزب الله الذي وبعد سنوات من الصراع السياسي وهيمنته وفساده تسبب في انهيار لبنان وهو اليوم - أي لبنان - في حالة سقوط كامل لدرجة أن بعض اللبنانيين وصل بهم الحال إلى أن يقايضوا ملابس أطفالهم من أجل الأكل فكل طريق في لبنان أصبح يوصل إلى الانهيار الكامل بعد سنوات من الفساد الحكومي وسوء الإدارة المالية، أثمرت اليوم ارتفاعا في معدلات البطالة والفقر إلى مستويات قياسية، وسط إغلاق الشركات وفقدان الرواتب لقيمتها مع ارتفاع التضخم وإغلاق البلاد بسبب كورونا مما أظهر بوضوح آثار الانهيار الاقتصادي التي تسللت بشكل متزايد إلى الحياة اليومية لكل اللبنانيين الذين يترقبون خلال ساعات انهيار قطاع الكهرباء، بينما ترفض البنوك تسليم أموال المودعين لهم، وكم آلمتنا مشاهد الأسر اللبنانية التي تكافح لشراء الضروريات المستوردة ولا تجد إلى ذلك سبيلا.
أما القطاع الطبي فكم كان مؤلما صرف الموظفين من مستشفى الجامعة الأميركية بعدما انتقل فجأةً مستشفى رفيق الحريري الجامعي، وهو المرفق الرئيس الذي يعالج حالات كورونا في بيروت، من ساعة واحدة من التقنين (بدون كهرباء) في اليوم إلى 20 ساعة بدون كهرباء وأغلق المستشفى بعض غرف العمليات، وتم تأجيل العمليات الجراحية.
وأما الليرة اللبنانية فقد فقدت حوالي 85 % من قيمتها في السوق السوداء منذ الخريف الماضي وأصبحت الشوارع الرئيسة مظلمة وإشارات المرور في التقاطعات الرئيسة خارج الخدمة.
أما إذا تكلمت عن الانهيار المصرفي فلا شك أن الفوضى في النظام المصرفي كانت عاملا أساسيا في الانهيار، حيث أدار البنك المركزي سابقا ما أطلق عليه اسم "مخطط بونزي"، مما دفع البنوك التجارية إلى اجتذاب ودائع كبيرة بالدولار الأميركي بأسعار فائدة مرتفعة لا يمكن تغطيتها إلا بجلب المزيد من كبار المودعين الذين لديهم أسعار فائدة أعلى، ولكن كما نعلم جميعا فان هذا النظام توقف في العام الماضي عندما توقف المستثمرون الجدد عن القدوم، فضعفت موجودات بنوك البلاد وباتت أقل بكثير من المبالغ المستحقة لمودعيهم مما اضطر المصارف أن ترفض في الغالب صرف الدولارات التي طالما استخدمها اللبنانيون بالتوازي مع العملة المحلية في الحياة اليومية وحاولت الحكومة السيطرة على بورصة السوق السوداء. التي يسيطر عليها بعض الصيارفة المنتمين في معظهم إلى حزب السلاح والذين يستخدمون أسماء مزيفة حتى لا تطالهم أي مسؤوليات قانونية بالرغم من أن الحكومة هي حكومة ذلك الحزب وخاضعة له.
كلّ الشرائع السماويّة أتت من أجل حفظ الدين والنسب وحفظ العقل والنفس وقتل النفس مُحرّم، ومن قتل النفس فكأنّه قتل الناس جميعًا ومن أحياها فكأنّه أحيا الناس جميعًا، بل إن الأصل في الفطرة البشرية أن نحافظ على نفوسنا وأرواحنا، ولا يليق بأي إنسان أن يستعجل في إخراج روحه أو أن يستعجل في إنهاء حياته في الدنيا مع اعترافنا أن المسؤول عن ذلك هو المجتمع الذي ننتمي إليه والذي سلبته إيران وأذرعها كل مقومات الحياة.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.