أطلق وزير الرياضة الأمير عبدالعزيز بن تركي مساء الاثنين الماضي مشروع "أكاديمية مهد" وهو أول وأكبر مشروع سعودي حقيقي لاكتشاف ورعاية المواهب الرياضية في سن ست سنوات وما فوق، وهو مشروع واعد لطالما كان محل مطالبة الكثير من محبي الرياضة بمختلف ألعابها. تتركز فكرة المشروع على صناعة جيل جديد وواعد من الأبطال في مختلف الألعاب والرياضات، ولأن ثمة تجارب سابقة لصناعة الأبطال الأولمبيين لم تحقق النجاح، فيما البعض من هذه المشاريع لم تتجاوز الحبر والورق الذي كتبت عليه، فإن مخاوف يقول البعض إنها منطقية من أن هذا المشروع سيلحق بمثيلاته السابقة. صحيح أن المشروع بفكرته الأساسية مشابه لما سبقه، لكن الآليات والتفاصيل تختلف، ذلك أن ثمة إرادة من أعلى مستويات القيادة السعودية في إعطاء الرياضة ما تستحقه من اهتمام بطريقة مختلفة، باعتبارها قوة ناعمة لا يستهان بها لتدعيم الجوانب الاجتماعية والثقافية والاقتصادية، عدا عن كونها تسهم في تكوين صورة ذهنية مميزة عن المملكة. ولأن الدعم المالي والمعنوي مختلف هذه المرة، ولأن من يقف على كرسي قيادة المؤسسة الرياضية أحد الرياضيين والإداريين الشباب الذين يسعون لترسيخ النظرة الشاملة للرياضة، فإن درجة التفاؤل عند كثيرين تبدو أعلى ذلك أن الإرادة وحسن الإدارة تبدو مختلفة هذه المرة. اختارت المملكة الطريق الأصعب لصناعة الأبطال، فهي الدولة الكبيرة المتنوعة جغرافياً وثقافياً ورياضياً، وتملك الكثير من عوامل النجاح في مشروع كهذا، وهي ليست دولة صغيرة تشتري الأبطال أو تجنسهم. علاوة على ذلك فإن مثل هذا المشروع سيفتح الكثير من الآفاق في مجالات الإدارة الرياضية، والتعامل مع المواهب واكتشاف الكثير من الأسماء على مستويات أخرى مثل التدريب وإدارة المنشآت والمواهب والتخطيط الاستراتيجي والتنظيم وغيرها. نحن أمام مشروع وطني مثير وجدير بالاهتمام، والأهم من هذا أن تكون كل أفكاره قابلة للتطبيق وليست مستحيلة، وليس خطأً أن نقتبس ما يمكن اقتباسه من أفضل الممارسات والتجارب العالمية. يختلف هذا المشروع كثيراً عن المشروعات السابقة، فالإرادة حاضرة، والتخطيط لإطلاقه أخذ وقتاً طويلاً، والأهم أن أهدافه على الرغم من صعوبتها إلا أنها قابلة للتحقيق في ظل هذا الدعم الحكومي الكبير، والأهم أن يشهد هذا المشروع متابعة وشفافية كبيرة على مستوى رصد التقدم في تنفيذه وقياس أداء العاملين فيه حتى تتم حمايته من الإخفاق الذي لازم المشروعات السابقة، وهو ما لا يمكن القبول به هذه المرة.