أعلنت وزارة المالية يوم أمس عن النتائج الفعلية لأداء الميزانية للربع الثاني من العام 2020 والتي تراجعت بنسبة 49 % عن الربع المماثل من العام السابق وهذا متوقع في ظل الظروف القاسية التي مر بها الاقتصاد العالمي بسبب جائحة كورونا، إلا أن الجميل في هذه الميزانية أن النفقات استمرت كما كان مخطط لها في الموازنة التقديرية ولكن مع بعض التعديلات في بعض بنود الصرف وخصوصاً القطاع الصحي حيث أثمرت المخصصات المالية التي دفعت له خلال الجائحة وكان انفاقا سخيا إلا أنه كان في محله وساهم كثيراً في تجاوز الأزمة الصحية، وتمت توسعة القطاعات الصحية وزيادة المختبرات وسرر العناية المركزة في زمن قياسي، وقد حد ذلك - ولله الحمد - من زيادة أعداد الوفيات وهذا استثمار مبارك في قطاع مهم جداً. الانفاق العالي في الميزانية تسبب في زيادة العجز المالي إلا أنه حفظ القطاع الخاص من الانهيار، فالحكومة تكفلت ومازالت تتكفل برواتب المتعطلين عن العمل لكي لا يفقدوا وظائفهم ورفعت الصرف على الإعانات بنسبة 36 % والمنح بنسبة 268 % ومع أن حجم الدين قد ارتفع إلى حوالي 31 % من الناتج المحلي إلا أنه يعد مقارنة مع دول مجموعة العشرين من أقلها، وفي اعتقادي أن المرحلة الأسواء قد تجاوزناها - ولله الحمد - بفضل سياسة الحكومة الرشيدة ومع عودة الأنشطة الاقتصادية في العالم سوف تتحسن الإيرادات بدءاً من الربع الثالث وسوف تكون المملكة من أسرع دول العالم في التعافي من آثار الجائحة الاقتصادية، نعم تأخرت الإصلاحات الاقتصادية سنة كاملة وقد تكون أكثر من سنة ولكن الأهم أن تكون معالجة الأزمة معالجة حكيمة تستند إلى رؤية ثاقبة وقد رأينا أن الحكومة استمرت في الإنفاق على المشاريع الاستثمارية التي تعظم العوائد المالية غير النفطية في الميزانية وكذلك ترشيد النفقات والاعتماد على المحتوى المحلي والرقابة المالية الصارمة ولعل آخر قرار باستقلالية ديوان المحاسبة العامة وربطة بالملك مباشرة سوف يساعد كثير في الحد من التجاوزات والهدر المالي وكذلك بدء هيئة عقارات الدولة لممارسة أعمالها فعلياً والتي سوف تكون مرجع للدوائر الحكومية لأخذ الموافقات عن أي عقود إيجار تتجاوز 200 ألف ريال، كما أن استراتيجيتها في تعظيم العوائد من عقارات الدولة سوف يكون له الأثر الكبير في التحول التدريجي في مالية الدولة وعدم الاعتماد على إيرادات النفط المتغيرة.