إذا أردت أن تغضب ترمب فعليك بتدمير اقتصاد أميركا؛ وهذا بالفعل ما حدث بسبب جائحة كورونا، فكل النجاحات غير المسبوقة التي حققها ترمب على الصعيد الاقتصادي تراجعت في وقت قطف الثمار! تعد جائحة كورونا ضربة موجعة لإدارة ترمب، لذلك لن يهدأ المكتب البيضاوي حتى يعيد السيطرة ويحاسب المتسبب في انتشار هذا الوباء الذي وصل إلى كل مقاطعات أميركا وتسبب في خسارة ملايين الأميركيين وظائفهم! الإدارة الأميركية على قناعة تامة بأن هذه الجائحة تعد صينية بامتياز سَوَاء كان ذلك ناتجاً عن تدبير أو سوء تدبير؛ وبالنسبة للإدارة الأميركية فإن الأمر بالنسبة لهم سواء؛ طالما أن النتيجة دمار الاقتصاد الأميركي، والجهة المسؤولة تعد عدواً استراتيجياً ومنافساً رئيساً لهذا الاقتصاد. الصين خلال العقد الذي سبق إدارة ترمب تمكنت من الصعود على أكتاف غياب الرؤية الاقتصادية الأميركية، وتحول الاقتصاد الأميركي من اقتصاد متعدد -تعد الصناعة مرساه- إلى اقتصاد يعتمد بشكل مفرط على رفع الضريبة على الواردات وذوي الدخل العالي..!. البيت الأبيض اليوم عازم على توظيف كل الخيارات المتاحة، مثل: ملف حقوق الإنسان، وقضايا التجسس، وحقوق الملكية الفكرية؛ لإخراج المنافس الصيني من السوق الأميركي والأسواق العالمية الأخرى، كما حدث مع الهند؛ حيث خرجت (59) شركة صينية من السوق الهندية من بينها "تيك توك"، و"ويب شات"، وكذلك فقدت شركة "هواوي" موطئ قدم رئيس في أوروبا، بعد أن حظرتها بريطانيا. ويبدو أن الأمر لن يقف عند هذا الحد بل سيتعداه إلى إخراج الشركات الأجنبية من السوق الصيني.! تعد العقوبات بمثابة العصا السحرية في يد القيادة الأمريكية؛ وخير شاهد على ذلك إدراج (11) شركة صينية على قائمة العقوبات، كذلك ملف التجسس والملكية الفكرية الذي يعد حديث الساعة، بعد أن قررت واشنطن إغلاق القنصلية الصينية في مدينة هيوستن بولاية تكساس، التي وصفها وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو، بأنها "مركز للتجسس الصيني" و"لسرقة الملكية الفكرية".!! وفي هذا السياق ذكرت تقارير تفيد بأن عملاء فيدراليين أقدموا على الدخول بالقوة إلى داخل مجمع القنصلية في مدينة هيوستن!! هذه الأحداث والإجراءات الأخيرة التي أقدمت عليها الأطراف المنافسة لبكين والغاضبة منها انعكست بشكل سلبي على الاقتصاد الصيني؛ حتى أن الزعيم الصيني "شي جين بينغ" عقد في وقت سابق من هذا الأسبوع اجتماعاً نادراً في بكين مع قادة الأعمال، واعترف خلال الاجتماع بأن جائحة كورونا كان لها "تأثير كبير" على اقتصاد البلاد! استخدم (شي) لغةً (اصطلاحية) صينية لطمأنة قادة الأعمال حيث قال: "بينما تستمر التلال خضراء، سيكون هناك حطب يحترق"، "إذا حافظنا على استراتيجيتنا... سنجد فرصة في الأزمات والاضطرابات، سوف يتغلب الشعب الصيني بالتأكيد على كل الصعوبات والتحديات المقبلة"! عندما تولى الرئيس الصيني "شي جين بينغ" الحكم كان يهدف لتحسين صورة الصين، واحتلال مكانة أقوى داخل المنظومة الدولية، لذلك أظهر رغبة بالانفتاح على العالم على كل الأصعدة، بما في ذلك الجانب الثقافي، وهو نهج غير مسبوق وغير مقبول وغريب على فلسفة النظام الشيوعي؛ وبالرغم من كل الخطوات الجريئة إلا أن (شي) الرجل القوي الذي تمكن من إعادة هيكلة الحزب الشيوعي لم يوفق في إدارة ملفات دولية ساخنة مثل هونغ كونغ، وإقليم شينجيانغ، وبحر الصين الجنوبي، وشركة هواوي، وأخيراً وليس آخراً جائحة كورونا التي وضعت السياسة الخارجية للصين في صورة مؤلمة. يجب أن يدرك (شي) بأن قيادة العالم تتطلب تغييراً جوهرياً من حيث التعاطي مع الملفات الداخلية الساخنة.!. 1