حالة من السكون والهدوء ومعها تبدو ملامح الحزن العميق بادية على محيا جُلّ أهالي بلدة الشعبة بمحافظة الأحساء صغيرهم وكبيرهم، ومبعث هذا الحزن مرور أسبوع على أبشع جريمة مرت بتاريخ القرية الوديعة وربما الأحساء، حيث شهدت مصرع خمسة أشقاء 4 بنات وشقيقهم تتراوح أعمارهم بين 14 - 22 عاما، نحراً وخنقاً، في واحدة من أبشع الجرائم، وهي الجريمة لم تتكشف خيوطها حتى إعداد هذا التقرير، فلا تزال الجهات الأمنية تواصل جهودها لفك لغز وخيوط الجريمة. الشعبة المكلومة بلدة الشعبة التي يقطنها زهاء ال 30 ألف نسمة والتي تحيطها بساتين النخيل من ثلاث جهات تتربع في سفح الجبل الذي يقع في شرقها والذي يحمل اسمها، وهي بلدة عرف بها، وتركت الزراعة ومياه الينابيع المتدفقة من بساتينها أثرها في أطباع وسلوك أبناء الشعبة، حيث عرفوا بالهدوء والتعايش الفريد والتسامح والبساطة، ولم يمر بتاريخ البلدة الذي تجاوز عمرها القرن أي جريمة قتل أو سفك دماء لحسن تعاملهم مع بعضهم ومع غيرهم. إلا أن بلدة الشعبة صدمت يوم الأربعاء 24 /11/ 1441 ه بجريمة هزت المجتمع برمته وأسفرت عن مصرع غفران "22 سنة"، مؤيد "20 سنة"، زينب "18 سنة"، نينوى "16 سنة"، بنين "14 سنة"، وهي الجريمة التي لا تزال تخضع للتحقيقات الأمنية. أسرة هادئة مُذ عاش علي الفرج "والد الضحايا" وهو يتسم بأخلاقه العالية حدّ الخجل، وهدوؤه التام حتى لا يكاد يسمع صوته حتى من جيرانه أو أقرب الناس إليه، وهو في ذلك يعيش بذات الصفات التي تعلمها من والده عباس "متعه الله بالصحة والعافية"، وبالطبع أورثها لأبنائه وبناته، وهكذا هو في عمله في الحرس الوطني حيث عرف عنه إخلاصه وتفانيه في عمله خدمة لدينه ووطنه. إرادة الله وفقته بأن يقترن بأسرة الصالح الكريمة، التي عرف عنها الإيمان والأخلاق العالية والتواضع والسمعة الطيبة، فكان نتاج هذا الاقتران أسرة طيبة، وهذا ما يشهد به جميع أفراد بلدة الشعبة لهم جميعاً ولم يعرف عنهم إلا كل سمات طيبة. والحال ذاته عرفت به عائلة الفرج التي يتسم كافة أفراد أسرتها بعلاقات اجتماعية ممتازة، الأمر الذي كان لوقع خبر الجريمة أثر بالغ في نفوس كل من عرفهم. صدمة الأهالي وفي حديثهم ل (الرياض) لم يفيقوا من الصدمة طوال هذا الأسبوع، بين مصدق ومكذب لم حصل لبشاعة الجرم ولكونه غريبا على المجتمع، وترقب لمعرفة نتائج التحقيق التي هي الأصدق وتضع حداً للشائعات التي تروج من هنا أو هناك، مع نفيهم لأي اتهام أو إشاعة توجه لأي فرد من أفراد الأسرة المكلومة التي عرفت بهدوئها واستقرارها النفسي والاجتماعي، وفي الوقت ذاته فإن الجميع يثق تمام الثقة فيما ستصدره الجهات الأمنية من تقرير سيكون الفيصل في القضية برمتها بعيداً عن أي تأويلات أو استنتاجات، وابتهل الجميع إلى الله سبحانه بأن يرحمهم بواسع رحمته وأن يحفظ بلادنا وأمننا من كل مكروه. ووصف خالد علي ما حدث من جريمة بالعمل الفظيع والصدمة، وأكد بأن أبناء بلدته يتسمون بروح الأسرة الواحدة، وما حصل أصاب كل بيت وكل فرد بالحزن والجرح الغائر في قلوب الجميع وليس أسرة الضحايا. معلمون يشيدون.. ومعلمات يبكين! وفي حديث ٍ ل (الرياض) أشاد عدد من معلمي مدرستي الشعبة الابتدائية والمتوسطة اللتين درس فيهما مؤيد "20 سنة" والذي يدرس في جامعة الملك فيصل، حيث وصفوه بأنه كان يتسم بالهدوء والأخلاق المميزة والمستوى الدراسي المتفوق، حيث أشاروا إلى أنه كان أحد الطلاب المتفوقين دراسياً ولم تسجل عليه أي ملحوظة سواء من المعلمين أو المرشدين الطلابيين، وقدم المعلمون تعازيهم ومواساتهم لوالده ولأسرة الفرج. فيما لم تتمالك جوهرة العواد نفسها وأجهشت بالبكاء فور سماعها بنبأ رحيل تلميذتها النجيبة "نينوى" 16 سنة والتي تدرس في ثانوية الشعبة للبنات، وراحت تعبر بمشاعرها كأم وليس كمعلمة، حيث بعثت رسالة مواساة لأم نينوى عبر كلمات يملؤها الألم والحزن والخسارة على فقدان طالبة وصفتها ب "النجم الذي كان يضيء المدرسة". وقالت "قبل أن تكون نينوى طالبتي هي نجم أضاءت المدرسة وفصلها أدباً وحباً وأخلاقاً وتواضعاً، أفتخر أنها من طالباتي، فهي محبة للعلم وهي وردة نشرت أريجها وعطرها وتركته حتى تبقى خالدة في الذاكرة، يكفيها أن العالم يدعو لها دون أن يعرفها، ستظل ذكراها عطراً في قلوبنا لأنها لم تبخل علينا باحترامها واجتهادها ولن ننسى أبنة بارة لمعلماتها".