«أمانة المدينة» تعلن عن توفر عدد من الوظائف‬ للرجال والنساء    نائب وزير الخارجية ونظيره الكولومبي يستعرضان العلاقات الثنائية بين البلدين    أسرتا باهبري وباحمدين تتلقيان التعازي في فقيدتهما    رئيس "الغذاء والدواء" يلتقي شركات الأغذية السنغافورية    الوحدة يحسم لقب الدوري السعودي للدرجة الأولى للناشئين    «حرس الحدود» ينقذ مواطنًا خليجيًا فُقد في صحراء الربع الخالي    الرياض: الجهات الأمنية تباشر واقعة اعتداء شخصين على آخر داخل مركبته    اختيار هيئة المحلفين في المحاكمة التاريخية لترامب    أرمينيا تتنازل عن أراضٍ حدودية في صفقة كبيرة مع أذربيجان    سلام أحادي    تجمع مكة المكرمة الصحي يحقق انجاز سعودي عالمي في معرض جنيف الدولي للاختراعات 2024    حائل.. المنطقة السعودية الأولى في تطعيمات الإنفلونزا الموسمية    المرور بالشمالية يضبط قائد مركبة ظهر في محتوى مرئي يرتكب مخالفة التفحيط    نوادر الطيور    التعريف بإكسبو الرياض ومنصات التعليم الإلكتروني السعودية في معرض تونس للكتاب    وفاة الممثل المصري صلاح السعدني    وزير المالية يعقد مؤتمراً صحفياً للحديث عن النتائج الرئيسية لاجتماعات اللجنة الدولية للشؤون النقدية والمالية    موعد مباراة السعودية والعراق في كأس آسيا تحت 23 عامًا    «القوى السعودية» تحصد تسع ميداليات في رابع أيام الخليجية    استبعاد الحمدان إشاعة.. ونيفيز يعد بالتأهل    النصر يفقد لويس كاسترو في 4 مباريات    أمير عسير يتفقد مراكز وقرى شمال أبها ويلتقي بأهالي قرية آل الشاعر ببلحمّر    مدرب الفيحاء: ساديو ماني سر فوز النصر    المملكة ضمن أوائل دول العالم في تطوير إستراتيجية وطنية للذكاء الاصطناعي وفقًا لمؤشر ستانفورد الدولي 2024    ضيوف الرحمن يخدمهم كل الوطن    الرمز اللغوي في رواية أنثى العنكبوت    بطاقة معايدة أدبية    وزارة الخارجية تعرب عن أسف المملكة لفشل مجلس الأمن الدولي    اكتشاف خندق وسور بجدة يعود تاريخهما إلى القرن 12 و13 الهجري    السديري يفتتح الجناح السعودي المشارك في معرض جنيف الدولي للاختراعات 49    إخلاص العبادة لله تشرح الصدور    أفضل أدوية القلوب القاسية كثرة ذكر الله    "الرياض الخضراء" يصل إلى عرقة    كلوب: ليفربول يحتاج لإظهار أنه يريد الفوز أكثر من فولهام    ضبط مقيم بنجلاديشي في حائل لترويجه (الشبو)    "الأرصاد" ينبه من هطول أمطار غزيرة على منطقة مكة    مساعد وزير الدفاع يزور باكستان ويلتقي عددًا من المسؤولين    متحدث الأرصاد: رصد بعض الحالات الخاصة في الربيع مثل تساقط البرد بكميات كبيرة.    "أبل" تسحب واتساب وثريدز من الصين    بينالي البندقية يعزز التبادل الثقافي بين المملكة وإيطاليا    الزبادي ينظم ضغط الدم ويحمي من السكري    السينما في السعودية.. الإيرادات تتجاوز 3.7 مليار ريال.. وبيع 61 مليون تذكرة    التلفزيون الإيراني: منشآت أصفهان «آمنة تماماً».. والمنشآت النووية لم تتضرر    الشاب محمد حرب يرزق بمولوده الأول    مسح أثري شامل ل"محمية المؤسس"    النفط يقفز 3%    "الجدعان": النفط والغاز أساس الطاقة العالمية    فوائد بذور البطيخ الصحية    السودان.. وخيار الشجعان    «سلمان للإغاثة»: اتفاقية لدعم برنامج علاج سوء التغذية في اليمن    تخلَّص من الاكتئاب والنسيان بالروائح الجميلة    غاز الضحك !    أمير الباحة: القيادة حريصة على تنفيذ مشروعات ترفع مستوى الخدمات    محافظ جدة يشيد بالخطط الأمنية    أمير منطقة الرياض يرعى الحفل الختامي لمبادرة "أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة"    تآخي مقاصد الشريعة مع الواقع !    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على محمد بن معمر    سمو أمير منطقة الباحة يلتقى المسؤولين والأهالي خلال جلسته الأسبوعية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



كناس الشوارع
نشر في الرياض يوم 14 - 07 - 2020

نلتهم الكتب بلا شبع لمواجهة الوقفة الكونية وذلك ضمن الإيقاع الهادئ الذي فرضته الكورونا على العالم. فجاة يقتحم عالمي هؤلاء المنسيون، عمال تنظيف الشوارع وحراس العمائر وعمال السوبر ماركت، وذلك بصرف النظر عن العاملين بمجال الصحة من عمال التمريض وتنظيف المستشفيات، بالذات يستوقفني عمال تنظيف الشوارع، هؤلاء الذين لا يقلون بطولة عن الممرضين، العمال الذين يتعاملون مع فضلات البشر، والذين يخلصوننا من مصدر فادح للأوبئة ألا وهو فضلاتنا التي تتكاثر بلا هوادة. لنتخيل مدننا بالزبالة تتكدس في شوارعها، الروائح التي لا تطاق، أعتقد بأننا لو قمنا بحبس الإنسان مع فضلاته لعرف معنى تقليص الاستهلاك، هناك من خبراء حماية البيئة من يذهب للاعتقاد بأن ما يشتريه الإنسان هو أكثر خطورة من انتخابه لممثليه السياسيين، إذ قرار الاستهلاك يقوم بصياغة مستقبل البشر على سطح كوكب الأرض. وفي سياق بطولة عمال التنظيف اكتشفت بالصدفة هذا الكتاب بعنوان "مكنسة ووردة 2015" والذي قام بتأليفه الشاعر والفيلسوف السويسري "ميشيل سيمونيه Michel Simonet"، والذي يعد بمثابة التسجيل التوثيقي لتجربته في المهنة التي اختارها لنفسه بشجاعة، مهنة كنس الشوارع في مدينة "فريبورغ" واستحق عليها لقب الكناس بالوردة.
الكتاب يقدم ذاته بغلاف برتقالي بلون الزي الرسمي لعمال تنظيف الشوارع في مدينة فريبورغ، غلاف بسيط بتخطيط تجريدي لعربة جمع الزبالة والوردة التي يجددها كلما زبلت تتوج تلك العربة، فلسفة حية تقدم باختزال عنفوان الحياة مع تحولها لهشيم، الازدواجية الظاهرة للحياة والموت اللذين هما في أصلهما وحدة، هي وحدة الوجود في الجسد، تجسده وغيابه.
يتحرك "ميشيل سيمونيه" ببساطة بين شوارع مدينته فريبورغ بين مهرجاناتها وأسواقها يستقبله الناس بالاحضان ويطلبون توقيعه على كتابه، سيمون قد حصل على دبلوم تجاري في كوليج سان ميشيل ثم تعمق في علم اللاهوت والفلسفة، يحول فلسفته لحياة معاشة، صغائر الحياة تتحول لشعر على يديه، يرتقي بهذه المهنة التي ينظر لها بعض البشر بصفتها هامشية ويجعل منها هذا الفيلسوف مهنة سامية تمنح صاحبها الوقت للمس عصب الحياة في مدينته، يطلع من خلالها على حكمة عربة الزبالة، التي يفلسف من خلالها سبرته الذاتية وسبرة أهل المدينة وأحداثها، ولقد حقق كتابه انتشارًا واسعًا ويعد واحداً من عشرة كتب تستحوذ على اهتمام القراء ويحتفى به عام 2018 في أكاديمية جونكور.
الجميل أن ميشيل. سيمونيه قد ألهم الكثيرين، ومنهم شاعرة في المدينة وكاتبة أغاني والتي قامت بتأليف أغنية قصيدة عنه وبنفس العنوان "مكنسة ووردة"، ويقوم ميشيل بغنائها، أغنية عميقة المغزى تكشف وجهاً آخر من وجوه هذا الرجل القصيدة، والذي يغني مع كورال مدينته كل يوم أحد.
نراه في مهرجان المدينة يحتفي مع المحتفلين، والذين يقذفون بالأوراق الملونة وعلب الشراب في الشوراع، ينضم للمحتفلين بلا تحفظ، لا يحد فرحه علمه بأن الصباح سيطلع وأنه سيقوم بتنظيف كل تلك الشوارع، هناك تسامح وسكينة في هذا الرجل، يقول بأن مصدرها تلك الليلة حين كان في التاسعة عشرة من عمره، حين أوى لفراشه ولا يدري ما الذي تلقاه في تلك الليلة، "استيقظت صباحاً لأجد نفسي شخصاً آخر، تعلمت التعايش مع الكل واحترام الاختلاف، الاختلاف هي تجلياتنا في بحثنا عن الواحد".
يقول: "الجميل في مهنة كنس الشوارع أنك ترى نتيجة عملك فوراً، تنظر خلفك لتجد الشارع نظيفًا، تعلم أن سيتسخ بعد قليل، وأن عليك أن تعيد الكرة مرة أخرى غداً لتنظيفه، لكن هكذا هي الحياة، الشمس تطلع وتعيد الطلوع غداً وبعد غد، هو الكون في دوران دائم وما نحن إلا ضمن هذا الدوران".
بمثل هذه الرؤيا يجعلنا هذا الشاعر نتقبل مشاق أي عمل بتسامح ورضا بل وبالشكر.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.