هناك رابطة عذبة تجمع العاملين في مؤسسة اليمامة الصحفية تكاد تصل إلى رابطة الأخوة والعائلة الواحدة، قضيت في ردهات الجريدة ما يقارب الخمسة عشر عاماً من حياتي كانت حافلة بالعمل الذي لا يهدأ، كما هي الحال في العمل الصحفي الذي تتطلبه جريدة بحجم "الرياض". ورغم هذا النوع من العمل المجهد الذي لا يتوقف، إلا أننا كنا نعمل باستمتاع في بلاط صاحبة الجلالة، وربما يكون أحد أهم عناصر هذه السعادة هو التوافق والانسجام الذي يجمع العاملين في هذه المؤسسة بأذرعها الثلاث؛ الرياض، اليمامة والرياض ديلي. وأحد الأشخاص الذين يجسدون مثل هذه الرابطة الأخوية الجميلة كان فهد العبدالكريم الذي رحل عنا الجمعة الماضية، والذي كان من أوائل الزملاء الذين نلت شرف الالتقاء بهم قبل أن أبدأ عملي الصحفي. بعد انضمامي لفريق جريدة "الرياض" عملت في الدور الثاني وكان هو يعمل مدير تحرير مجلة اليمامة في الدور الأول، وكنت حريصاً على زيارته في المكتب بشكل دوري، فإلى جانب خفة ظله ومجلسه الذي لا يُمل خصوصاً في حضرة الزميل السوداني الرائع عمر عبدالرحمن الذي كان يعمل صحفياً في مجلة اليمامة آنذاك، فإن فهداً يعد صحفياً بارعاً خصوصاً في مجال الصحافة الاستقصائية، وبالتالي كان من النادر أن أزوره دون أن أخرج بفكرة أو توجه إبداعي جديد يفيدني في عملي. رحيل فهد كان فاجعاً وموجعاً، فغيابه على المستوى الإنساني لا يمكن أن يعوضه أحد، وبصمته في الصحافة السعودية ستبقى وتخلد، وشهادات محبيه وزملائه وحتى أولئك الذين لا يعرفونه عن قرب في مختلف منصات التواصل الاجتماعي هي خير دليل على محبة الناس له. رحل فهد وكلنا حزن على فقده، لكن عزاءَنا أنه ارتاح أخيراً من معركة مؤلمة امتدت على مدى عامين خاضها بكل بسالة ولم يفقد روحه الجميلة حتى في أحلك اللحظات. رحم الله فهداً وأسكنه فسيح جناته، ولأهله وأحبابه خالص العزاء.