هل الحرب التجارية أشد ضراوة وقسوة من المواجهات العسكرية؟!.. قد لا يبدو الجواب بنعم مقبولاً في ظل أننا ندرك أن قيام حرب بالسلاح بين أقطاب العالم قد يعني نهاية الأرض وساكنيها، لكن خشية هذا الدمار وآثاره جعلتا الدول المعنية تضع ألف قفل على ترساناتها.. لأنها لا تريد أن تنتحر، لذا فالعالم وعبر رؤوسه الكبيرة استسلم للعقل والمنطق بإبعاده للسلاح أكثر؟!. لكن نزعة السيطرة والتحكم بالعالم مازالت متوقدة.. ولذا فلابد أن تكون الحرب البديلة بنفس القسوة حتى وإن كانت بعيداً عن السلاح.. وعلى الدول التي تريد أن تستمر الأقوى سلاحاً واقتصاداً أن تصنع حروباً جديدة تجعلها في محل القدرة والتحكم، بل والسيطرة على العالم.. لنكتشف حالياً في زمننا الجاري أن خطر توجيه الاقتصاد والتحكم به يوازي ما للسلاح من قدرات تدميرية. كانت نهاية الاتحاد السوفيتي في مطلع التسعينات من القرن الماضي سببها انهيار الاقتصاد، لتعلن عن بداية هيمنة أميركية مطلقة.. لكن هل استمر الأمر بنفس القوة بعد ثلاثة عقود من السقوط السوفيتي؟، الأمر بدأ يكشف عن تحدٍ جديد للمواجهات العسكرية بعيدة عنه.. تمثل بالسيطرة على السوق العالمي، ومن غير الصين يستطيع فعل ذلك بالقدرة الإنتاجية العالية الوتيرة التي سيطرت على مفاصل الاقتصاد حتى في أميركا نفسها. الحرب التجارية العالمية اتضحت ملامحها تماماً.. وقطباها الصين وأميركا، متحكمتان تماماً لأن لا أحد لديه القدرة لمواجهتهما اقتصادياً حتى لو كان الاتحاد الأوروبي.. وحربهما ستكون ذات نتائج قاسية، ويكفي أن حسابات جائحة كوفيد 19 قد تمت إضافتها إلى النزاع، وكل منهما يرى أن الفيروس قد تم إنتاجه من قبل الآخر لضرب اقتصاده.. وبما يعطي دلالات على نشوء تاريخ مختلف، قد يعيد التحالفات من جديد.. لكن ستظل بقطبين كما كانت العسكرية الاقتصادية بين أميركا والسوفيات.. والمتوقع أكثر أن تكون بداية لانهيارات اقتصادية جديدة فضراوة الاختلاف والحرب التجارية بين الصين وأميركا قد تدفعنا للتوقع بأن أحدهما سيعمل كل ما في وسعه لأجل انهيار الآخر.. كما في الحربين العالميتين العسكريتين السابقتين؟!. ملامح التناحر ظاهرة للعيان، وهي مختلفة تماماً عن الصراعات الاقتصادية السابقة، نشير إلى ذلك لأن أميركا والصين قطبان قادران على تلقي اللطمات والصبر لفترة طويلة حتى يخنع أحدهما.. أو كليهما باستخدام أدوات جديدة ولاعبين مختلفين اقتصادياً وسياسياً.. بل إنها من ضراوتها غيرت حتى من قواعد العمل والتعامل تجارياً بين الدول كل يريد إنقاذ نفسه، أولاً: بالهيمنة ووضع الأطر والقوانين وفرضها عالمياً بما يضيف إليه ويحميه. المهم في القول: إن الحرب الاقتصادية تجاوزت أشواطاً كثيرة من الصراع في الظلام والآن على الملأ وبلغة تحدٍ تقرأ فيها رغبة كل طرف في تدمير الآخر.. والسؤال القائم الآن.. ما الآثار التي ستترتب على الصراع الأميركي الصيني؟.