مواقف السيارات داخل الأحياء.. المشكلة والحلول    الاستثمار في عروس البحر بين تجار جدة ووزير التجارة    قطبا القصيم والشرقية وجهاً لوجه.. والشباب يصطدم بأبها    نضج الأيام.. نضارة خِلْقَة.. طهارة مُهْجَة    الإنسان المسؤول    بالتعاون مع بنك التصدير و«كفالة».. «السعودي الأول» يدعم صادرات «الصغيرة والمتوسطة»    رئيس الشورى بحث تعزيز العلاقات.. تقدير أردني للمواقف السعودية الداعمة    "أيقونة" الإنسانية    10 آلاف امرأة ضحية قصف الاحتلال لغزة    محافظ جدة يشيد بالخطط الأمنية    أكدوا أهمية منع تفاقم الأوضاع.. ولي العهد يبحث مع رئيس الإمارات وأمير قطر تداعيات التصعيد في المنطقة    أسرة الهجري تحتفل بعقد قران مبارك    أسرتا الطويل والجربوع تتلقيان التعازي في وفاة والدتهما    هطول أمطار في 8 مناطق.. والشرقية تسجّل أعلى كمية    بحث التعاون مع الشركات الإسبانية..الحقيل: نهضة عقارية وسكنية غير مسبوقة في المملكة    خادم الحرمين يرعى مسابقة الملك عبدالعزيز الدولية لحفظ القرآن الكريم    نجوم "شباب البومب" يحتفلون بتصدر شباك التذاكر في السينما السعودية    فنّ العمارة القديمة في الباحة .. شاهد على التطور    برامج ثقافية وترفيهية    محافظ جدة يطلع على خطط "الثقافة والفنون"    مسابقة ل «ملكة جمال الذكاء الاصطناعي» قريباً    السديس يكرم مدير عام "الإخبارية"    التسجيل في «X» بمقابل مالي للجدد !    حكم قضائي يلزم يوفنتوس بدفع 10 ملايين يورو لرونالدو    ريال مدريد يقصي مانشستر سيتي ويتأهل لنصف نهائي أبطال أوروبا    مدرب النصر "كاسترو" يتعرّض لوعكة صحية تغيّبه عن الإشراف على الفريق    ماكرون: على الاتحاد الأوروبي توسيع العقوبات على إيران    امرأة تصطحب جثة على كرسي متحرك إلى بنك بالبرازيل    تراثنا.. مرآة حضارتنا    محافظ بنك إنجلترا : المملكة المتحدة تواجه خطر تضخم أقل من الولايات المتحدة    تعزيز العلاقات الثنائية وتعزيز فرص التعاون بين المملكة وأرمينيا    أمير منطقة الرياض يرعى الحفل الختامي لمبادرة "أخذ الفتوى من مصادرها المعتمدة"    الخليج يتوّج بلقب كأس اتحاد الطائرة    أمريكا أكثر حيرة من ذي قبل !    ما ذنب الأهلي يا هلاليون؟    الهلال يخسر من العين برباعية في ذهاب نصف نهائي أبطال آسيا    بدء تطبيق تخفيض سداد غرامات المخالفات المرورية المتراكمة بنسبة 50%.. اليوم    تآخي مقاصد الشريعة مع الواقع !    شقة الزوجية !    العلاقات السعودية - الأردنية.. مستويات عالية من التنسيق في شتى المجالات    أمير القصيم ينوّه باهتمام القيادة بالمساجد    منصة تراضي تنهي 7700 قضية تجارية صلحاً    «المظالم» يوقع مذكرة لاستيفاء الحقوق الصادرة عن محكمة التنفيذ الإدارية    عاصفة مطرية أغرقت مطار دبي ومسؤول ينفي الاستمطار    جائزتان في الأولمبياد الأوروبي    أمير الرياض يؤدي صلاة الميت على محمد بن معمر    نائب أمير الشرقية يستقبل رئيس جامعة حفر الباطن    مأزق نتنياهو .. ضرب إيران أم اجتياح رفح ؟    الشولي : اكثر من مليون ونصف اجراء تجميلي خلال شهر رمضان بالعاصمة الرياض    سمو أمير منطقة الباحة يلتقى المسؤولين والأهالي خلال جلسته الأسبوعية    جهود القيادة سهّلت للمعتمرين أداء مناسكهم    5 علامات تخبر أن الكبد لديه مشكلة    نظرية جديدة عن مشاعر السعادة بالأغاني الحزينة    حل أرض مستشفى الحوية بين «الأمانة» و«عقارات الدولة»    كفاءة وجاهزية    .. و يستقبل العلماء والمشايخ    أمير الجوف يؤكد على تعزيز دور المجتمع في مسيرة التنمية    «طب العيون» بمجمع الدكتور سليمان الحبيب بالعليا يحصل على شهادة SRC الأمريكية    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الفكر الإخواني.. بين التوفيقية النفعية وشرعنة العنف
نشر في الرياض يوم 01 - 07 - 2020

التسريبات كانت مفاجئة للكثير وذات طابع دراماتيكي مثير سيما وأنّه بدا غريباً فيه هذا التصاهر والتعاضد النفعي البراغماتي بين القذافي والخونة الذين بدوا عبر التسجيلات غاية في السذاجة والامتثال والتبعية وانعدام الكرامة الشخصية التي مسخت شخصياتهم وظهروا لنا مجرّد دُمى وأدوات رخيصة في يد القذّافي...
ليست فضيلة أراد لها اللهُ نشراً وذيوعاً فأتاح لها لسان حسودٍ كما قال الشاعر العربي القديم؛ وإنما رذيلة بل رذائل وخيانات؛ وسلسلة بغيضة من التآمرات وحبائل من التدبير تم نصبها من قبل الإخوان المسلمين للإيقاع والإيذاء للمسلمين ولأمّتهم العربية. مجمل ذلك لمسناه واقعاً مخزياً للتآمر البغيض ضد دول الخليج والعرب عموماً والمملكة العربية السعودية خصوصاً في التسريبات التي تم بثها مؤخراً وضح من خلالها استهداف علني وصريح لتفتيت الدول وتدميرها بعد بث الفرقة والفوضى فيها- بحسب طموحهم- وكان بطلها الرئيس الليبي الهالك معمر القذافي والخونة من عناصر إخونجية حقيرة باعت أوطانها بثمنٍ بخسٍ دراهم مسمومة ومغموسة في الذل والهوان وجحيم الخيانة والتآمر.
التسريبات كانت مفاجئة للكثير وذات طابع دراماتيكي مثير سيما وأنّه بدا غريباً فيه هذا التصاهر والتعاضد النفعي البراغماتي بين القذافي والخونة الذين بدوا عبر التسجيلات غاية في السذاجة والامتثال والتبعية وانعدام الكرامة الشخصية التي مسخت شخصياتهم وظهروا لنا مجرّد دُمى وأدوات رخيصة في يد القذّافي يُشكّلها كيفما يشاء؛ وارتضوا هواناً أن يقبلوا أن تكون دولهم وأوطانهم ملعباً وساحة لحروب بالوكالة كما وصفها به وزير الإعلام الأسبق سامي النصف الذي علّل هذا الارتماء لبعض الإخونجية بأن المقابل الوحيد للذهاب إلى القذافي هو أن تكون بلادك ملعباً للحروب.
البعض قد يتملّكه العجب وتنتابه حالة من الدّهش والاستغراب أن يرى هذا التناغم والتماهي والذوبان الكامل للإخونجية مع أي تآمر معْ الأعداء – وإن بدت المنطلقات والأيديولوجيات متناقضة. ولكن هذا الاستغراب سيزول حين نقرأ سيكيولوجية الفكر الإخواني ونسبر خلفياته المعرفية والفكرية مستصحبين معنا المواقف والأحداث التي رافقت مسلكياته ومنهجه عبر التاريخ منذ إنشاء هذه الجماعة في العام 1924م من قبل حسن البنا وهي الجماعة التي تعود أساساً فكرتها إلى حركة الإصلاح الإسلامي التي تبلورت في الربع الأخير من القرن التاسع عشر وواصل سيرها محمد رشيد رضا تلميذ الإمام محمد عبده. فهذه الجماعة – كما شخّصها وسبر فكرها الباحث محمد جمال باروت في إحدى دراساته- تأسست في رحاب فكرة بلورها محمد رشيد رضا حول "حزب الإصلاح الإسلامي المعتدل" وأخذ تطوّرها الفكري في إطار هذه الفكرة يتّسم بالتسارع والتحوّل من الطرح الساذج لاستعادة الخلافة إلى بلورة مفهوم الدولة الإسلامية. وفي النصف الثاني من الثلاثينات، وصولاً إلى أواخرها، كان مؤسس الجمعية حسن البنا قد بلور الإطار الفكري للجماعة في كتابه "مذكّرات الدعوة والداعية ك"جماعة مسلمة" تمثّل – حسب تصوّره- نواة بناء المجتمع المسلم كنقطة انطلاق لبناء الدولة المسلمة، وتوحيد العالم الإسلامي، واستعادة وحدته حول خليفة يُنصّبه "أهل الحل والعقد" فيه. ويذهب باروت إلى أنه في عملية الانتقال هذه، بلور حسن البنا مفهومه للإسلام ك"دين ودولة، ومصحف وسيف" لينفي أي إمكانية للفصل بين السياسة والإسلام. ويواصل باروت تفكيك هذا الفكر مشيراً إلى أن حسن البنا قد انطلق في عملية البلورة الرمزية- الفكرية هذه من "مفهوم الإسلام الجامع" الذي يتّسم بقدرته على استيعاب الأفكار الإسلامية التاريخية والتطورية في إطار إسلامي، فكانت الجماعة لديه تعني فضاء يتسع لاستيعاب كل من هو مؤمن بالفكرة الإسلامية، ويمضي باروت في تشخيصه إلى أن يصل لإشارته إلى أن حسن البنا ذهب إلى حد القول إن ما يريده "البلاشفة" يجدونه في العدالة الاجتماعية الإسلامية. وبذلك صاغ الإطار العام للفكر الإخواني بشكل مرن وتوفيقي مفتوح، بهدف تكريس الهيمنة الفكرية للفكرة الإسلامية على المجال السياسي- الاجتماعي العام؛ وهو ما أسبغ هذه التوفيقية العامة على الفكر الإخواني التاريخي على امتداد مراحله.
نخلص من هذا أن الفكر الإخواني المتغلغل- للأسف في دولنا- هو انعكاس لتلك التوفيقية الفكرية المفتوحة على جميع الاحتمالات والمتكيّفة مع جميع الأيديولوجيات وإن تضاربت أو تضادّت مع منهجها طالما أنها تحقق أهدافها؛ وهذا ما لم نضع كدول وقيادات ومراكز بحوث وغيرها في حسبانا مما ساهم في تغلغل وتغوّل هذا الفكر البغيض الذي يكاد يعصف باستقرار أوطاننا ومقدراتنا. ولا عجب إن رأينا هذا التوافق والالتقاء والتزاوج القبيح بين الإخوان وأعدائنا في كل مكان؛ فالنفعية والمصلحة هما أساس العلائق والتكتلات والاحتشاد ولا يهم أي مآل أو أثر؛ فمنطق الإخوان: أنا ومن بعدي الطوفان. ومن يتأمّل في المآلات المحزنة في بعض دولنا من اقتتال وإشاعة فوضى وتدمير وتهجير يجد أن الفكر الإخواني هو الوقود المُشعِل لأي فوضى وفتنة وتقتيل دون وازع من دين أو إنسانية أو ضمير؛ يؤكد ذلك التبريرات الواهية التي يتشبّث بها دعاة الفتنة ورموز وقيادة هذا الفكر الضال الذين يبررون العنف ويسوّغونه تحت مبررات واهية تعكس جشعهم وموات ضمائرهم وانسلاخهم من أي قيمة أو خلق أو دين.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.