تأتي كلمة رئيس مؤسسة الفكر العربي الأمير خالد الفيصل من موقعه ومسؤوليته كمثقف وصاحب فكر ومستنير يتهجّس بمسائل الصهيونية وما استتبعها من اغتصاب لفلسطين بشكل غاشم شكّل جرحاً غائراً لا يندمل إلاّ بعودة الحق المغتصب والمسلوب لأصحابه الذين طالهم من هذا الحيف والاغتصاب الشتات والنفي والاغتراب لا أحد ينكر جهود مؤسسة الفكر العربي في خدمة الثقافة والفكر، وأنها منذ انطلاقتها المظفّرة في 2008 بمبادرة من صاحب السموّ الملكي الأمير خالد الفيصل، وبدعم من كوكبة من أهل الفكر وأصحاب المال ورجال الأعمال الذين آمنوا برسالتها وأهدافها التنويرية، منذ هذه الانطلاقة وهي تثبت عاماً بعد عام التزامها برسالتها التي أعلنتها ووضعتها كخارطة طريق لتوجهاتها ومسلكها الثقافي والفكري الذي نأى - وبتجرّد حقيقي - عن أي تحيزات أو انضواءات تحت حزبيّات أو انتماءات سياسية أو طائفية؛ مؤكدة في كل مناشطها وندواتها ومؤتمراتها أنها ملتزمة بهذا النهج المحايد الذي لا يخضع لأي ضغوطات من خارج المؤسسة وأن مبدأها الراسخ الثبوت هو البقاء على مسافة واحدة من جميع الدول مع الاستمرار الدائم بتنمية الاعتزاز بثوابت الأمّة ومبادئها وقيمها، وبتعزيز التضامن العربي والهوية العربية الجامعة، المحتضنة لغنى التنوّع والتعدّد، وذلك بنهج الحرية المسؤولة. والمتابع لنشاط مؤسسة الفكر العربي يلحظ دون أدنى جهد أو كثير عناء أنها ماضية في أهدافها عبر مساهماتها الحقيقية اللافتة عبر جهود وشراكات مختلفة مع منظّمات ومؤسّسات ومراكز أبحاث، وترجمت تلك الشراكات بدراسات المعنية وبرامج ومشروعات رائدة عززت الحضور الشبابي ودفعت به في مضمار التربية والتعليم والأخذ بأسباب التطور فضلاً عن إعلاء شأن وقيمة الحوار والانفتاح على لغات العالم وثقافاته؛ ولعل المتتبع لنشاطاتها الترجمية والمساهمات الفكرية عبر كتاب ومفكرين أجانب وعرب أثروا ملتقيات المؤسسة وندواتها وتوجوا تلك الجهود بمخرجات علمية وفكرية وثقافية باتت مرجعاً للباحثين والكتاب ورافداً معرفياً شكّل قيمة ورصيدا مذخورا يتم الرجوع إليه وقت الحاجة. اليوم تدفع مؤسسة الفكر العربي بتقرير على درجة عالية من الرصانة العلمية والثقافة والفكرية اختارت له عنوان: "فلسطين في مرايا الفكر والثقافة والإبداع"؛ وهو كما يشي عنوانه يأتي منسجماً مع دور المؤسسة الريادي الذي تضطلع به؛ وقد تُوّج بكلمة وتصدير ضافٍ ومشرق من الأمير المثقف والمؤمن برسالة الفكر وتأثيره صاحب السمو الملكي الأمير خالد الفيصل؛ تصدير أكد في استهلاله أنه تقرير عن فلسطين ولفلسطين، لافتاً سموه إلى أنه على أهمية جميع التقارير العربية للتنمية الثقافية التي أصدرتها "مؤسسة الفكر العربي" على مدى السنوات العشر الماضية، فإن هذا التقرير يستمدّ أهميته الخاصة من رمزية فلسطين نفسها، وما تمثّل كأرضٍ وتراث، فضلاً عن رمزيتها الوجدانية بالنسبة إلينا كعرب، وهذا التأكيد من قامة فكرية كخالد الفيصل تعطي دلالة صادقة وواضحة لا تقبل اللبس ولا المساومة أو المزايدة بأن فلسطين - كانت وستظلّ - قضية المملكة العربية السعودية على وجه الخصوص، والمسلمين والعرب على وجه العموم؛ وهو ما يقطع الطريق أمام المفتئتين والمتخرّصين الذين يحاولون تزييف الحقائق وتشويه التاريخ لأهداف باثولوجية مرضية تستهدف في المقام الأول لمحوريّة دورها ومركزية أثرها وتأثيرها بحكم موقعها الجيوسياسي ورمزيتها الدينية لدى العالم الإسلامي والغربي عموماً. تأتي كلمة رئيس مؤسسة الفكر العربي الأمير خالد الفيصل من موقعه ومسؤوليته كمثقف وصاحب فكر ومستنير يتهجّس بمسائل الصهيونية وما استتبعها من اغتصاب لفلسطين بشكل غاشم شكّل جرحاً غائراً لا يندمل إلاّ بعودة الحق المغتصب والمسلوب لأصحابه الذين طالهم من هذا الحيف والاغتصاب الشتات والنفي والاغتراب. وبرغم قتامة الوضع لدولة فلسطينالمحتلة فإن سمو الأمير خالد يبدي اعتزازاً بالنضال الفلسطيني، وقصة الصمود الملهمة للأجيال التي تجلّى فيها ثبات الشعب الفلسطيني وحضور قصة الصمود هذه عالمياً واصفاً إياها بأنها قصة وحكاية يندر أن نعثر على حكاية تشبهها، حكاية شعب اغتُصبت أرضه وطُرد من بلاده، فبنى له وطناً عماده وحدة أبنائه في الداخل الفلسطيني المحتل وفي الشتات منوهاً بإصرار هذا الشعب على استعادة الأرض وعلى حق العودة، ويمضي سموه في كلمته الضافية باثّاً الأمل بأنّ هذه الأرض إن اغتُصبت فإنّ الذاكرة لا تغتصب، وما تَفجُّر طاقات الحياة لدى الفلسطيني على الرغم من كل الموت المحيط به إلا تعبيرا عن إصرار هذه الذاكرة على امتلاك الماضي والحاضر والمستقبل، كوسيلة لاستعادة وطن غادَرَ أهلوه أرضَه قسراً ولم يغادروه كمعنىً وانتماء، أو كجذور ومستقبل ومصير. التقرير كعادة تقارير مؤسسة " فكر" جاء صيناً وعميقاً حاول رسم لوحة جامعة ومؤتلفة بمختلف المحاور المرتبطة بفلسطين وقضيتها كما عالجها نتاج المفكرين والأدباء والفنانين الفلسطينيين العرب في حقول التاريخ والفلسفة والأنثروبولوجيا وعلم الاجتماع والتربية والرواية والشعر والنقد والسينما والمسرح والموسيقى والفنون التشكيلية والفولكلور، وكما انعكست في مرايا الثقافة العالمية.