كرة القدم، رياضة الناس والشعوب، وحين تشاهد أي مباراة فإن الأسس الرئيسية التي تجعلك تستمع بها ليس فقط لاعبين وكرة، بل وجود جمهور، وتلك الهتافات والتفاعلات، لعل التمثيل الأفضل لذلك في البطولات الكبرى ككأس العالم مثلاً، حيث تلعب بعض المباريات سواء في الدور الأول أو في المركزين الثالث والرابع، ويكون الحضور جداً خفيفاً لدرجة أنك لا تسمع إلا صراخات لاعبي الاحتياط والمدربين وصوت ركل الكرة من اللاعبين، وحينها تفقد المتعة، وقد تكون مباراة عالية المستوى إلا أن حماسك لمتابعتها ينخفض وأحياناً إلى درجة التجمد. قبل أيام عاد الدوري الألماني الاحترافي لاستكمال مبارياته وتنافسه، وطبعاً في ظل ثقيل الدم كورونا المباريات من دون جمهور، ولعل المباراة الأولى بين دورتموند الذي اكتسح فيها شالكه، كانت مباراة رائعة جداً وزاخرة بالأهداف، ولكن فقدنا فيها متعة الجمهور وحماسه وتفاعله وأصواته، وهنا يأتي السؤال الذي كلنا نعرف إجابته، وهو هل تحولت كرة القدم من لعبة متعبة الشعوب إلى لعبة صناعية استثمارية بحته؟ وبرأي المتواضع نعم قد تحولت دون شك، والأندية أصبح عليها التزامات مادية تلزمها من العودة للعب وبغض النظر عن وجود جمهور في الملعب أو حتى جمهور في البيت متفرغ نفسياً وعاطفياً لمتابعة المباريات. ولعل هنالك صوت سيقول: هذه المباريات سوف تساهم في توفير متعة منزلية ليس فقط للجمهور الألماني في بيوتهم، بل لكل محبي كرة القدم في العالم، بل وقد تكون فرصة لزيادة المتابعين، وهنا أقول نعم أؤيد هذه الفكرة كذلك، ولست متناقضاً مع نفسي بجوابي عن السؤال السابق أعلاه، ولكن الأمر يحتاج إلى بعض التطوير والإبداع، تبقي كرة القدم لعبة المتعة لشعوب الأرض، وتستمر الصناعة من دون الغوص عميقاً في الاستثمار على حساب المتعة، هي كذلك معادلة صعبة، ولكن الرغبة والمال يصنعان المستحيل دائماً. هل نتوقع أن يحدث كما في ألمانيا في بقية دول العالم؟ هل من المتوقع أن يعود الدوري السعودي دوري محمد بن سلمان وبنفس التوجه مؤقتاً من دون جمهور، تستكمل المنافسات والبطولات والمباريات، هل يمكن أن تكون للأندية هكذا توجه ولو مؤقتاً أن تتنفس الصعداء ولو قليلاً على المستوى التمويلي المادي؟ هل يمكن إضافة بعض الفعاليات من خلال بوابات الأون لاين والإنترنت لعمل مسابقات أثناء بث المباريات للجمهور في المنازل؟ هل يمكن عمل منافسات التحديات بتوقع النتيجة مسبقاً؟ كل هذه الأسئلة مطروحة بل ومشروعة، اعتقد أننا ولله الحمد في المملكة مررنا مرور الكرام على جزئية الصدمة الأولى لكورونا، وآن الأوان أن نبدأ بالتفكير الإيجابي الإنتاجي بما هو قادم، فلعل كل فكرة إبداعية الآن في ظل الحظر الصحي قد تستمر ما بعد كورونا، وتكون بوابة جديدة فتحت للاستثمار الرياضي ودعم الأندية، بل قد يكون مجالاً جديداً للتنافسية بين الأندية تتساوى فيه كل الفرض حتى للأندية التي ليست كبيرة. د. طلال الحربي