ماذا غير الحجر المنزلي في طباع الناس..؟ ونحن نمر هذه الأيام بإجراءات احترازية وضعتها حكومتنا الرشيدة للقضاء على فيروس كورونا، لكن في ظل هذا الحجر، هل بإمكان أي شخص تغيير أطباعه من خلاله، البداية مع حسن بن عبدالهادي بو خمسين إمام وخطيب أكد ضرورة اتخاذ هذا الشهر العظيم فرصة للتغيير النفسي والتخلص من كل الشوائب والسلبيات والأمراض السيئة التي علقت بها مثل مرض الكذب أو الغيبة أو النميمة أو الغش والتدليس مع الآخرين لأن الله يريد ذلك من منطلق قوله تعالى «إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم»، ويأتي الحظر المنزلي تعزيزًا لهذا التوجه وهذا القرار، فالجلوس شبه الدائم في المنزل وامتلاك الوقت الطويل من الفراغ يتيح للفرد المؤمن ذلك عبر تحديد وتشخيص هذه الأمراض بالدقة وحجمها وماهيتها لتسهيل عملية التخلص منها، وبالتأكيد بداية أن كل واحد منا من المفترض أنه يعرف ما هي علل نفسه وسلبياتها وشوائبها قال الله تعالى«بل الإنسان على نفسه بصيرة»، وإذا أراد الفرد الاستزادة من مصدر خارجي للتعرف على نواقص شخصيته وسلبياتها فهناك نصائح وإرشادات أخوته وأحبته وملاحظاتهم عليه من منطلق «أحب الناس إليّ من أهداني عيوبي» و«صديقك من صدقك لا من صدَّقك »، ومن أفضل الوسائل للمؤمن لمعرفة هذه النواقص هي قيمة «المحاسبة للنفس» التي يحث عليها الشرع ويؤكد عليها فهو يقول «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا وزنوها قبل أن توزنوا»، وهناك جوانب يمكن للفرد القيام بها في فترات بقائه بالمنزل ولفترات طويلة استغلالًا واستثمارًا له فهو مطلوب منه، فأولًا تقوية الجانب الروحي والإيماني في داخله من خلال زيادة الطقوس العبادية وعلى رأسها قراءة القرآن والأدعية المأثورة والصلوات المستحبة، كذلك التثقيف الذاتي وتنمية الجانب الفكري والمعرفي في شخصيته من خلال تكثيف المطالعة والقراءة للكتب والدراسات والبحوث المتنوعة المهمة لصقل الشخصية وتنميتها فكريًا كذلك بالكتابة والإنتاج الفكري لترسيخ الفكرة والمعلومة، أيضا في الجانب العائلي والأسري من خلال تقوية أواصر العلاقة ما بينه وبين الزوجة والأولاد عبر تكثيف جلسات التسامر والتلاطف معهم من جهة وعبر جلسات النقاش والحوار الجاد والهادف من جهة أخرى. وتقول الكاتبة هاجر السليم أنه تزامن تمديد الفترة الثانية من بداية الحجر المنزلي مع دخول شهر رمضان المبارك، كما شاءت إرادة المولى أن نخضع لهذا الاختبار العظيم بأحب النعم إلا وهي نعمة الحرية أتى الحجر الصحي مهذبًا لنفوسنا محجمًا للبعض ليعرف حقيقة كون أنه أضعف خلق الله تعالى، فمن منا لم يدعوا الله صادقًا أن تزول هذه الغمة التي أحاطت بنا وغيرت مسار يومنا وروتين حياتنا، ويرى البعض أن الحجر ساهم بشكل كبير بإطفاء حميمية حقيقية بين أفراد العائلة في المنزل الذي قد يكون بمثابة فندق يتواجد فيه فقط لغرض النوم، ويرى الكثير أنه جعلنا نتعرف على بعضنا البعض أكثر، فكثير منا يحيى حياة غريبة يتصادف مع أفراد أسرته مجرد مصادفة، كما أن برأي الغالبية أن هذا الحجر أظهر حقيقة شخصية البعض التي قد تكون مشاغل الحياة سبب في عدم ظهورها على وجهه الدقة، فعند المواقف نكتشف الحقائق للأسف، وأنا أرى أن هذا الحجر المنزلي الصحي هو فرصه لنشكر الله تعالى ونتحسس النعم ونشعر بالمعاناة التي تتكبلها الأمهات في البيوت بين واجبات المنزل و واجبات الأطفال والزوج المتطلب في غالب الأحيان.