إن الجامعة ليست نهاية المطاف أو هي وحدها القناة المثالية للتعليم، وإنما خدمة الوطن تحتاج إلى كل القنوات التعليمية، ويجب أن تركز عناصر التوعية على أن قنوات التعليم الأخرى - للطلاب والطالبات - أكثر ربحية وأكثر منفعة للوطن إذا أحسن الاختيار حسب سوق العمل واحتياجه.. أتذكر أن الدكتور محمد الأحمد الرشيد - رحمه الله - عندما كان وزيراً للمعارف في جميع لقاءاته مع أولياء أمور الطلاب لكي يكون قريباً منهم، وهم قريبون منه في المسائل التربوية. وفي أحد لقاءاته هذه قال الوزير: إن المملكة هي الدولة الوحيدة في العالم التي تقبل هذا الكم الهائل من الطلاب والطالبات في الجامعات بمعدل 30 %. تمنيت لو أن مثل هذا الطرح العلمي المبني على دراسات وبحوث وصل إلى أولياء الأمور وكذلك الطلاب والطالبات. وهو أمر كان يمكن تحقيقه لو أن هذه الأفكار طرحت بصورة مكثفة في حينه وبالذات على طلبة الثانوية العامة - وكذا الطالبات - وعلى أولياء الأمور من خلال ندوات ومحاضرات وبرامج حوارية في الإذاعة والتلفزيون مثلاً.. إن هذه الأفكار يجب أن تنال عنايتها من كتاب الصحف والمجلات، ذلك أن من المهم الاقتناع، ومقدمة الاقتناع إيجاد الآراء المنطقية التي تتمحور حول وجود قنوات مهمة للتعليم والتدريب موازنة للجامعة، وقد تفيد المجتمع. ولكن خطورة تلك الآراء أنها تطرح فجأة بعد أن يتخرج الطالب من الثانوية، وكله آمال بالدخول للجامعة وأنها الهدف الوحيد. هنا تحدث الصدمة للجميع. أما إذا كان هناك تمهيد وكان بالفعل هناك قنوات للتدريب والحلول تصبح جاهزة. فمثلاً هناك قنوات الكليات والمعاهد العسكرية والشرطة. وهناك الكليات التقنية. إلا أنها أيضاً بالمنظور العملي لا تستطيع استيعاب كل الخرجين. من هنا فإنه من الأهمية بمكان العمل على إنشاء معاهد أو كليات متوسطة تعمل على تخريج المهني الماهر الذي نحن في أمس الحاجة إليه.. فإذا كان العمل والبناء الحضاري يتطلبان وجود المهندس والعامل فإن بينهما الفني وهو من أهم الحلقات الثلاث، فهو غير موجود بالكثرة المطلوبة في بلادنا، إن لدينا المئات من الوافدين الذين يعملون كفنيين لتركيب الهاتف، لتركيب الفاكس، ولإصلاح وصيانة الإلكترونيات وشبكات الإذاعة والتلفزيون والإرسال. ولملء حلقة (الفني) يجب أن يكون هناك معاهد في الإلكترونيات والكمبيوتر والصيانة المتقدمة، لكل ما يحتاجه العمل الحضاري.. ولذلك فإنه يجب إدخال القطاع الخاص في تأسيس المعاهد الفنية وتأسيس ورش التدريب المتخصصة. وأحسب أن الموضوع مهم لدرجة يحتاج مجدداً لإشراك كل قطاعات المجتمع في التوعية والتفكير في إيجاد الحلول. فنحن مطالبون بالفعل بمناقشة أن الجامعة ليست نهاية المطاف أو هي وحدها القناة المثالية للتعليم وإنما خدمة الوطن تحتاج إلى كل القنوات التعليمية، ويجب أن تركز عناصر التوعية على أن قنوات التعليم الأخرى - للطلاب والطالبات - أكثر ربحية وأكثر منفعة للوطن إذا أحسن الاختيار حسب سوق العمل واحتياجه للتخصصات المختلفة. ومادمنا الآن نعيش رؤية 2030 التي يقودها بجدارة ونجاح الأمير محمد بن سلمان - حفظه الله - خاصة ونحن الآن على أبواب مشكلات القبول في الجامعات، وهؤلاء الذين يحققون آمالهم، والآخرون الذين قد لا يستطعون تحقيق ذلك. دعونا.. يا سادة نفكر في مثل هذا الحوار فهو الأجدى.