عاد ذلك الفتى الصغير محمد مران مع والده معلم اللغة الإنكليزية خليل مران، من جدة إلى قرية الملحاء شمال محافظة صبيا في جازان؛ حيث الهدوء والبعد عن الصخب، ولم يكن يعلم أنه سيكون نجماً كروياً لامعاً تتسابق عليه الأندية. كان يلعب كرة القدم مع أقرانه، ومع زملاء الدراسة في المدرسة الثانوية في قريته بصبياجنوب المملكة، وسرعان ما لفت اللاعب الموهوب أنظار الكشافين في المحافظة، ومنهم معلم التربية البدنية والمدرب في نادي الأمجاد بصبيا علي سويدي، الذي سرعان ما أقنعه بضمه إلى ناديه، ليبهر اللاعب الجميع بموهبته التي عمل معلم التربية الرياضية بمدرسته، منصور الوافي على تنميتها. جاء دوري المدارس لكرة القدم، الذي أطلقته الهيئة العامة للرياضة بالتعاون مع وزارة التعليم على مستوى المملكة 2019 الماضي، ليشارك محمد مران في منافساته لفئة 18 عاماً، ويبهر متابعي وكشافي عديد من الأندية بموهبته الفذة، وظفر به النصر سريعاً. وجد اللاعب الشاب نفسه كأنه في حلم، وقال: "حتى الآن لم أكن أتخيل أنني سألعب في نادٍ كبير، إنه حلم لا يصدق أن أرتدي القميص الأصفر الذي ارتداه ماجد عبدالله وغيره من نجوم النصر"، مضيفاً "الحمدلله على توفيقه، ها هو حلمي يتحقق بعد فضل الله ثم دوري المدارس الذي منح لي الفرصة الكافية ولكثير من طلاب المدارس في مختلف مناطق المملكة للبروز والظهور، وأشكر كل من ساندني ولا يزال من أسرتي والمعلمين والمشرفين والمدربين وزملائي اللاعبين، وإن شاء الله أوفق في خدمة وطني من خلال المنتخب السعودي ونادي النصر". ما كاد يتأكد محمد مران من أنه ليس في حلم حتى أتاه الخبر المفرح الثاني، وهو أن مشروع دوري المدارس أتاح له الفرصة لخوض تجربة تدريبية مع عددٍ من زملائه في نادي ريال مدريد الإسباني، ومن ثم جاءته بشرى أخرى بضمه إلى قائمة لاعبي المنتخب السعودي للشباب، فكانت أولى خطواته مع "شباب الأخضر" في تصفيات غرب آسيا الأخيرة المؤهلة إلى نهائيات كأس آسيا، إذ سجل اسمه في لوحة شرف التصفيات بتسجيله أول هدف دولي له. لم يتوقف طموح المهاجم محمد مران عند ذلك الهدف مع المنتخب السعودي، إذ جاءته فرصة أخرى في بطولة كأس العرب لمنتخبات الشباب تحت 20 سنة، وقاد هجوم المنتخب فيها بكل جدارة واستحقاق، مسجلاً أربعة أهداف (ثلاثة في شباك منتخب فلسطين وهدفا في مرمى منتخب مصر)، وكان يأمل ورفاقه استمرار "الأخضر" في البطولة العربية ليمضي قدماً في المنافسة على لقب "هداف العرب" وعلى لقب البطولة، غير أن خروج المنتخب أول من أمس (الاثنين) أعاق ذلك.