من المفترض أن يكون الرئيس الأميركي دونالد ترمب قد أعلن عن خطته للسلام في الشرق الأوسط والتي أطلق عليها "صفقة القرن" مساء أمس، والتي قال عنها: إنها "مرت سنوات عديدة عديدة عديدة، وعقود وقرون في البحث عن السلام في الشرق الأوسط، وهذه فرصة لتحقيق ذلك"، فالرئيس الأميركي يرى - من وجهة نظره - أن هناك فرصة حقيقية لعقد اتفاق سلام دائم بين الفلسطينيين والإسرائيليين حال تم تنفيذ خطته، ولكن التسريبات التي ظهرت عن الخطة - حال كانت صحيحة - تشير إلى أن أمن ومصلحة إسرائيل هما أساسها على حساب الشعب الفلسطيني وأرضه ومستقبل وجوده، فهي بدأت من الاعتراف بالقدس الشريف عاصمة لإسرائيل ومن ثم الاعتراف بشرعية المستوطنات، في مخالفة للقرارات الدولية، والاعتراف بضم الجولان السوري لإسرائيل وضم غور الأردن أيضاً. ملامح الخطة الأميركية لم تلق أي قبول من الجانب الفلسطيني الذي هو معني بالأمر كشريك رئيس في أية خطة سلام، فالفلسطينيون يرون أن هذه الخطة إنهاء لقضيتهم وانحياز تام لإسرائيل ولا تحقق أياً من مطالبهم بل إنها ستنهي القضية وتكرس الاحتلال، داعين الأسرة الدولية إلى مقاطعة المشروع المخالف للقانون الدولي، معتبرينها "تصفية للقضية الفلسطينية"، مطالبين المجتمع الدولي ألا يكون شريكاً فيها؛ لأنها تتعارض مع أبجديات القانون الدولي. السلام في الشرق الأوسط مطلب لا حياد عنه، وكلنا ننشده دون إفراط أو تفريط، ولنا في مبادرة السلام العربية حل أمثل لإقراره إذا كانت هناك نيات صادقة لحل شامل ودائم، فالمبادرة قدمت حلولاً متوازنة تحفظ حقوق الشعب الفلسطيني التاريخية على أرضه، وتقدم لإسرائيل فرصاً حقيقية للأمن والسلام، ولكن دائماً ما تريد إسرائيل سلاماً تصنعه يحقق لها مطالبها بغض النظر عن مطالب الطرف الآخر، وهو ما يعيق أي مبادرة للسلام في الشرق الأوسط. لا نريد أن نقفز للاستنتاجات دون أن تكون بين أيدينا الخطة الأميركية بكامل تفاصيلها حتى نستطيع الحكم على نجاحها من عدمه، وعلى إمكانية تحقيقها برضا طرفيها.