يستخدم نظام الملالي المؤسسات الدينية الإيرانية البارزة كغطاء لاستقطاب الجواسيس سراً وتمويل جماعات الإرهاب مثل حزب الله اللبناني المصنف كمنظمة إرهابية وميليشيا الحوثي الانقلابية في اليمن، حيث يمنح لهذه المؤسسات صلاحيات تمكنها من التغلغل والسيطرة على مؤسسات الدولة بغية استخدام نظم التحويلات المالية غير الرسمية (بما فيها الحوالات المالية) والبطاقات مسبقة الدفع ووسائل الدفع المغفلة المصدر كونها غير خاضعة لأي مراقبة مالية. تحايل على العقوبات ودعم تدخل الحرس الثوري في الدول المجاورة وتأتي على قائمة هذه المؤسسات التي يستخدمها النظام الإيراني مؤسسة "آستان قدس رضوي" وهي أحد أقدم المراكز المالية والروحية في إيران؛ من أجل تأمين قسم من نفقات الإرهاب للتطرف وتحديداً لجذب الجواسيس المحترفين والمرتزقة، كون هذه المؤسسة لا تمت بأي صلة للسياسة الطائفية التي يروجها نظام الملالي كما يبدو في العلن، ولكن تقرير للمجلس الوطني للمقاومة الإيرانية كشف أن هذه المؤسسة لا تخضع لأي محاسبة مالية فلذلك تقدم غطاءً ممتازاً بالنسبة للنظام لتمرير غاياته المشؤومة من خلالها. لقد وظف النظام مؤسسة "قدس رضوي" لتمويل جزء من مدفوعاته في مجال تجنيد العملاء من دول العالم، بما في ذلك مونيكا وايت وهي ضابطة المخابرات السابقة في سلاح الجو الأميركي، التي أصبحت جاسوسة للنظام، وتم جذبها من خلال أنشطة الجهاز الذي يتم تمويله من قبل "قدس رضوي" وشاركت في حملة استخباراتية للحصول على معلومات ضد الغرب والولايات المتحدة الأميركية. سافرت مونيكا وايت، التي اختارت لنفسها فيما بعد اسم "فاطمة زهرا" إلى إيران في فبراير 2012 لحضور مؤتمر "هوليووديسم" الذي عقده الحرس الثوري تحت غطاء مؤسسة "افق نو" بتمويل من "قدس رضوي" وتم تجنيدها من قبل قوات الاستخبارات الإيرانية من خلال مؤسسة "افق نو" في فبراير 2013، حيث شاركت في مؤتمر "هوليووديسم" آخر الذي عقد في فندق بارسيان آزادي في طهران، وذهبت إلى طهران في 28 أغسطس 2013 وانضمت إلى النظام، وفور وصولها قام نظام الملالي على الفور بحل مسألة سكنها وجهاز الكمبيوتر الخاص بها لتسهيل عملها معهم. وفي 13 فبراير 2019، أعلن مسؤولون أميركيون أن مونيكا وايت ضابط المخابرات السابق والتي كانت تمتلك وصولاً للمعلومات المصنفة جندت لصالح وخدمة النظام الإيراني وتعاونت مع نظام الملالي في عملية واسعة النطاق تستهدف زملاءها السابقين في المخابرات، وأصدر المدعون العامون الأميركيون مذكرة توقيف بحق وايت بناءً على 18 تهمةً وجرماً، بما في ذلك التجسس والاحتيال ومساعدة بلد أجنبي. ووفقًا لمسؤولين أميركيين، فقد بدأت مونيكا وايت فور العمل مع النظام الإيراني بتزويده بمعلومات سرية، بما في ذلك الأسماء الحقيقية لمصادر المخابرات الأميركية، بمن فيهم نادر طالب زاده، المدرج في قائمة العقوبات الأميركية. وفرضت وزارة الخزانة الأميركية في فبراير 2019 عقوبات على مؤسستين و9 أشخاص تابعين لنظام الملالي، وإحدى المؤسسات التي فرضت العقوبات بحقها منظمة "افق نو" التي جندت مونيكا وايت والمدعومة من الحرس الثوري وتمثل مهمتها الرئيسة في توفير التغطية الثقافية للأنشطة الإرهابية لقوة القدس والحصول على معلومات أمنية، بما في ذلك عقد "مؤتمرات"، والحصول على معلومات من المواطنين الأجانب، وتجنيد المرتزقة ووكلاء لقوة القدس لإنشاء أسس دعاية للنظام وكذلك إنتاج مواد لحملة شيطانية ضد المعارضة الإيرانية في الدول الغربية. بالإضافة إلى سرقات ونهب مسؤولي النظام من إيرادات مؤسسة "قدس رضوي" الضخمة التي بنيت على مر القرون على أساس الأوقاف الشعبية لمزار أحد أئمة الشيعة في مدينة مشهد شمال شرق إيران، لكن الهدف الأساسي كان تقديم المساعدة المادية والروحية للإرهابيين في الخارج وأسرهم، وتعزيز التطرف، وإيجاد العناصر المحتملة، وتحويلهم إلى جواسيس محترفين، ودعم ميليشيات ومرتزقة النظام في مختلف البلدان من بين أعمال الإمبراطورية المالية للعتبة الرضوية المقدسة. ووفقاً لمسؤولي مؤسسة قدس رضوي، فإن هذه المؤسسة تغطي أيضاً البلدان الأفريقية الأخرى، بما في ذلك زامبيا وزيمبابوي وناميبيا وساحل العاج وجنوب أفريقيا وكينيا وتونس وبوركينا فاسو ونيجيريا ورواندا والسنغال وملاوي وأوغندا، على وجه التحديد في زامبيا، حتى بعد إغلاق سفارة النظام، استمرت قدس رضوي بالعمل على شكل منظمة خيرية غير حكومية وأبقت على نشاطاتها، وباعتراف مسؤولي هذه المؤسسة، فإنها قامت أيضًا ببعض وظائف السفارة ومن بينها الحفاظ على ممتلكات وأموال السفارة وبطريقة ما مثلت هذه المؤسسة الجمهورية الإيرانية في هذا البلد. وفي أعقاب وضع قوات الحرس على قوائم الإرهاب ومع تكثيف العقوبات الأميركية المالية من أجل إغلاق الشرايين الاقتصادية للنظام وخاصة أجهزة القمع، سعى النظام لاستخدام مؤسسات مثل قدس رضوي للتحايل على العقوبات وتأمين الميزانية لسياساته القمعية والإرهابية. ويطالب المجلس الوطني للمقاومة الإيرانية في الوقت الحالي بوضع قدس رضوي وبقية الأجهزة المشابهة لها على قوائم الإرهاب ومنع استخدام وتسخير أموال الشعب الإيراني للقمع والإنفاق على تصدير الإرهاب والتطرف الديني. هيمنة اقتصادية بهزاد نبوي، الذي تولى منصب الوزير في عدة حكومات لنظام الملالي يقول في مقابلة مع وسيلة الإعلام الحكومية "الف" نشرت في يوم 21 سبتمبر 2019، إن "هناك أربعة كيانات في بلدنا تمتلك 60 % من الثروة الوطنية؛ الهيئة التنفيذية لأوامر الإمام، ومقر خاتم، ومؤسسة قدس رضوي ومؤسسة مستضعفان، ولا علاقة لأي منها بالحكومة والبرلمان". إن مؤسسة قدس رضوي إن لم تكن أغنى مجموعة اقتصادية في إيران، تعتبر وفقًا لمسؤوليها أكبر الأوقاف الدينية؛ فقد كانت كل النُذر والأوقاف للإمام الشيعي الثامن كانت تابعة لمؤسسة قدس رضوي على مدى مئات السنين الماضية، ويعين المسؤول عنها من قبل الولي الفقيه، وفي السنوات الأربعين الماضية تولى ثلاثة أشخاص فقط مسؤولية إدارة مؤسسة قدس رضوي، ولا يمكن لأحد سوى الولي الفقيه القيام بأي تدقيق ومحاسبة مالية لهذه الإمبراطورية المالية التي توظف عشرات الآلاف من الموظفين. هذا الجهاز المعفى من الضرائب، يمتلك بما في ذلك أكثر من 50 شركة كبيرة، و43 % من مساحة مدينة مشهد، ثاني أكبر مدينة من حيث عدد السكان في إيران، أي أكثر من 13 ألف هكتار من مساحة مدينة مشهد هي من بين أوقاف مؤسسة قدس رضوي. لكن هذه الأوقاف لا تقتصر على مشهد وخراسان، فإنها تمتلك أراضي وحدائق وآبار وقنوات في جميع أنحاء إيران، وأكثر من 300 ألف مستأجر، من همدان وأذربيجان الشرقية، وغلستان وجيلان إلى طهران، وسمنان ويزد، وتقدر القيمة التقريبية لأراضي المؤسسة فقط بخلاف ممتلكاتها الأخرى، بحوالي 20 مليار دولار. وتتمتع هذه المؤسسة باستقلالية تامة في حقل النفط الخاضع لسيطرتها، ولها منصات احتكارية خاصة بالنفط، وتتمتع باستقلالية تامة في الاستيراد والتصدير من المنطقة التي تسيطر عليها، كما أن لها ملكية جزء من السكك الحديدية؛ وكذلك الصناعات الثقيلة والصناعات الأم مثل شركة فولاذ مباركة، وأقسام واسعة من مناجم وموارد البلاد هو جزء من ملكية المؤسسة، ونشطت أيضاً في مشروعات خارجية منذ بضع سنوات، بما في ذلك بناء جسر للسكك الحديدية على نهر الفرات بطول ألف متر في سورية. قدس رضوي والحرس الثوري إن العلاقة بين مؤسسة قدس رضوي وبين قوة القدس الإرهابية التابعة لقوات الحرس، وخاصة قائدها قاسم سليماني، آخذة في الارتفاع في السنوات الأخيرة، ففي 21 يوليو 2018، رحب إبراهيم رئيسي -رئيس مؤسسة قدس رضوي حينها- بالحرسي قائد قوى القدس قاسم سليماني في مشهد وقدم له أعلى وسام من مؤسسة قدس رضوي، وحينها شارك سليماني في حفل جمع التبرعات والمساعدات الملقاة في ضريح الإمام رضا، وهذا حفل حضره زعماء دينيون من الطراز الأول، وقالت "أستان نيوز" وهي جهاز تابع لمؤسسة قدس رضوي: "اليوم، جاء الحرسي سليماني وحده إلى مشهد، لكن يبدو أن الآلاف من المقاتلين المدافعين عن الحرم وخصوصية الإسلام، والملايين المليئين بالحب للإمام في العراق وسورية واليمن وغيرها من أراضي الإسلام، قدموا جنبا إلى جنب مع قائدهم لزيارة ضريح الإمام". وفي 16 يوليو 2019، قدم رئيس مؤسسة قدس رضوي حينها، للعميد الحرسي أمير حاحي زاده، قائد القوات الجيوفضائية في قوات الحرس وأربعة ضباط آخرين من قوات الحرس، نيشان الخدمة أثناء إسقاط الطائرة المسيرة الأميركية، وقال أحمد مروي، رئيس مؤسسة قدس رضوي حينها، مخاطباً الأشخاص الذين حصلوا على الميداليات: "لقد استطعتم من خلال تنفيذ واجبكم وعملكم الدقيق وفي الوقت المناسب تأدية مهمتكم ضد المعتدي، وقد ذكرتم الطرف المقابل الذي لا يفهم سوى لغة القوة بهذه الحقيقة بأن عصر "اضرب واهرب (كر وفر)" قد انتهى. وفي عام 2017، قامت مؤسسة قدس رضوي بإطلاق "مؤسسة كرامت" على طراز بنية مؤسسة "بركت" التي تعتبر إحدى الشركات الاقتصادية العملاقة التابعة لهيئة تنفيذ أوامر الإمام، وقامت بتعيين العقيد الحرسي حسين يكتا رئيساً لها، وفي الوقت الحاضر، فإن محسن منصوري هو المدير التنفيذي لمؤسسة كرامت، وتوفر قدس رضوي من خلال هذه المؤسسة تسهيلات لقوات الحرس من أجل التدخل في الدول المجاورة بما في ذلك مراسم الأربعين في العراق.