قيمة «موسم الرياض» أنه فجّر طاقات وطنية ظلت طويلاً حبيسة أدراج وأفكار نمطية ما إن وجدت فرصتها حتى قدمت إبداع السعادة ليبزغ في النفوس قبل أن يتوهج على الأرض، ويصهر هذه الطاقة في آفاق أثق أنها ستمتد لسنوات وستنعكس في إبداعات أكثر تألقاً.. ولأن ما يحدث في موسم الرياض الترفيهي، لا يستوعبه مجرد مقال أو إطراء، لأنه فاق كل توقع.. لذا كان من المستحق أن نكون أمام هذا الإعجاز اللافت للأنظار، فنثق أكثر أننا شعب يحب الحياة ويعمل على إثرائها بما تحمله من تنوع وشراكة وعرض أفكار ومشاهدة عروض تستحق أن تكون استثنائية في مراحل عمر وطننا البهي الجميل. حالة الحيوية والتدفق الهائل على موسم الرياض بكل إبهاره وتعدده تجعل من اللائق أن نقف احتراماً ل"الفكرة" وتشجيعاً ل"الآلية" وانبهاراً بكل ورش وندوات العمل، وقبل هذا وبعده الإشادة بتلك الروح المجتمعية التي تتألق يوماً بعد يوم - إن لم تتعملق وتسمو - في أبلغ رد على هؤلاء وهؤلاء. فها هو الإنسان السعودي.. وها هو مجتمعنا.. وها هم رجالنا ونساؤنا.. وها هم شبابنا وشيوخنا وأطفالنا وبناتنا.. يشاركون بحضورهم ليسجلوا الأبهى عبر مسيرةٍ حافلة في منطقة الرياض بوليفارد الملقَّبة ب"عروس الموسم"، في حضور تجاوز الطاقة الاستيعابية لمنطقة البوليفارد بأكثر من مليون زائر في يومين اثنين فقط، للاستمتاع بالمسيرة والفعاليات العالمية المبهرة التي نالت إعجاب الجميع. ما حدث في البوليفارد، مشهد إعجازي بكل المقاييس يدحض كل تلك الصور النمطية المأخوذة سلباً عنّا ويرسم مساحة كبيرة من التفاؤل حول مستقبلنا المنشود، ليس كنوع من الانبهار أو الإبهار فقط، ولكن بذلك النوع من الحياة الجديدة المنضبطة وما تعنيه من مشاعر فرح وسعادة نتجاوز من خلالها متاعب الحياة وضغوطها العامة. قيمة ما حدث ويحدث طيلة أيام هذا الموسم الذي يعد آخر مواسم الترفيه في عامنا الحالي 2019، أنه يفجر طاقات وطنية ظلت طويلاً حبيسة أدراج وأفكار نمطية ما إن وجدت فرصتها حتى قدمت إبداع السعادة ليبزغ في النفوس قبل أن يتوهج على الأرض، ويصهر هذه الطاقة في آفاق أثق أنها ستمتد لسنوات وستنعكس في إبداعات أكثر تألقاً.. وعلى محاور متعددة تمحو الغبار عن تقاليد وتراث عريق يستحق أن يسجل نفسه على قائمة الإبداع الإقليمي والعالمي أيضاً. لن أدخل في تفاصيل العروض الشيقة والفرص المقدمة، فعدا أنها تمثل نوعاً من الشراكة من كافة فنون ومعارض العالم الشهيرة، إلا أنها كذلك تعني في جوهرها عرضاً مميزاً لكيفية تفاعل العنصر السعودي المحلي وتجاوبه مع هذا الإبداع، ومحاولة جادة لمقارعتها بتقديم كل ما يمكن للصورة المرتجاة للسعودية الحديثة والمتجددة التي تحتاج فرصة لصقل مواهبها ووضعها في إطار المنافسة بالفكر والجهد والعمل والتفاني في عرض الخدمة بأفضل نمط وشكل. وهنا تأتي ثقتنا الكاملة في ابن وبنت هذه الأرض، بما يحملانه من تنوع ثقافي وثراء فكري وقدرة على إثبات الأفضلية أمام أنفسنا نحن أولاً قبل الآخرين، خاصة أن قدراتنا تعرضت لكثير من التهميش، وها هي الفرصة قد أتت، وعلينا أن نعض عليها بالنواجذ، لأن هذه الصيغة من التعايش مع الفرح جديرة بتجذيرها بكل الوسائل بعد أن تم تغييبها لعوامل عديدة ليس هذا مجال تعدادها. وبهذه المناسبة، أتمنى أن تستفيد مؤسساتنا الأهلية وقطاعات أعمالنا المختلفة من هذا الواقع الجديد، وتعمل على استثمارها لتكون علامة مجتمعية بارزة تنتشر في كل المناطق والمحافظات قبل أن تكون رؤية اقتصادية واعدة تضع خطوطاً عريضة وواعدة لما ننشده من مستقبل، ولا مانع من شراكة اقتصادية مع كبريات العلامات التجارية في العالم، ووفق أحدث التقنيات والإمكانات لنضع مستقبل الترفيه على خارطة السياحة الداخلية التي نعول عليها كثيراً في رؤية 2030 الاستراتيجية، وفي المقدمة منها مشروع نيوم الواعد لاستقطاب السياحة الخارجية، بالتوازي مع ما تقدمه مملكتنا من حزم استثمارية تشجيعية لمزيد من رؤوس الأموال وقطاعات الأعمال. إن موسم الرياض الترفيهي الاستثنائي، خطوة متقدمة جداً، تتطلب منا مزيداً من الجهود نحو كثير من الخطى التصاعدية أملاً في ترسيخ قيم ومحاور واكتشاف مكامن تنميتنا المستدامة، ربما ليس لنعرف الفرق، ولكن لتأمين مستقبل، نحن قادرون على صناعته بعد أن نمتلك أدواته.. فلندع أنظارنا شاخصة إلى الأمام في ظل قيادة يهمها إسعاد المواطنين والمقيمين على حد سواء.